محللون: أي شيء يقال للمساعد الرقمي مُسجّل وشخص آخر قد يسمعه في المستقبل

مُساعدا «أمازون» و«غوغل» يسجلان ما يدور حولهما من أصوات

المساعدات الصوتية الرقمية تعمل على الأجهزة المنزلية الذكية والهواتف المحمولة. من المصدر

إذا كنت تتحدث إلى مساعد «غوغل» أو «أمازون» الصوتي الرقمي، فأعلم أن كل ما تقوله مسجل بصوتك، بتوقيته وبمكانه في مكان ما لدى الشركتين، وأن هذه التسجيلات تتراكم طوال الوقت لتشكل ملفاً أو سجلاً تاريخياً خاصاً بك، يرصد ما تقوله على الدوام. وعلى أقل تقدير فإن 0.2% من هذه التسجيلات يجري الاستماع إليها مرة أخرى، من قبل أشخاص يعملون في تطوير المساعدات الرقمية، وتحسين قدرتها في التعرف إلى الأصوات، بما تحمله من لكنات ولهجات مختلفة.

هذا ما اعترف به مسؤولون من «غوغل» و«أمازون» في سياق إجاباتهم عن أسئلة وردت ضمن تحقيق استقصائي نفذه موقع «سي نت نيوز» cnet.com المتخصص في التقنية، وجرى خلاله القيام بعملية تحليل تقني لسياسات الخصوصية لدى كل من الشركتين في ما يتعلق بالمساعدات الصوتية الرقمية.

وجاء هذا الاعتراف ليشكل منعطفاً جديداً في قضية حماية البيانات الشخصية للمستخدمين، إذ تبين من ردود المسؤولين في الشركتين، أن المساعدات الصوتية الرقمية التابعة لهما، وتعمل على الأجهزة المنزلية الذكية، والهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة، تسجل ما يدور حولها من أصوات، وما يتم معه من محادثات، وتنقلها إلى مكان ما في مراكز البيانات العملاقة التابعة للشركتين، ليتم تخزينها.

تسجيل «أمازون»

واعترف مسؤولو الشركتين بأن بعض موظفيهم بل وأطراف خارجية، تستمع إلى مقاطع من هذه التسجيلات الصوتية، لأغراض تتعلق بتحسين قدرات المساعدات الصوتية في فهم المزيد من اللكنات واللهجات، واللغات المنتشرة عالمياً، فضلاً عن تحسين مستوى تعرفها إلى الصوت وفهمه.

وقال متحدث باسم «أمازون» إن الشركة تختار عينة صغيرة للغاية من التسجيلات الصوتية للمساعد الصوتي «إليكسا» لتحسين تجربة المتعاملين، لافتاً إلى أن هذه المعلومات تساعد على تدريب أنظمة التعرف إلى الكلام وفهم اللغة الطبيعية حتى تتمكن «إليكسا» من فهم الطلبات بشكل أفضل، والتأكد من أن الخدمة تعمل بشكل جيد للجميع.

وأكد أنه لا يمكن للموظفين الوصول مباشرة إلى معلومات تحديد هوية الأشخاص أو الحسابات المرتبطة بالتسجيلات، ويتم التعامل مع جميع المعلومات بسرية عالية، فضلاً عن استخدام المصادقة متعددة العوامل لتقييد الوصول، وتشفير الخدمة.

اعتراف «غوغل»

من جانبه، قال مدير المنتجات في شركة «غوغل» الأميركية، ديفيد مونيسيس، إنه وكجزء من العمل على تطوير تقنية معالجة الأصوات والتعرف إلى الكلام، تتشارك «غوغل» مع خبراء اللغة في جميع أنحاء العالم الذين يفهمون الفروق الدقيقة واللكنات في لغة معينة.

وأضاف: «يراجع خبراء اللغة مجموعة صغيرة من طلبات البحث، واستنساخها لمساعدتنا على فهم تلك اللغات بشكل أفضل، وهذا جزء مهم من عملية بناء تقنية الكلام، وضروري لإنشاء منتجات مثل مساعد غوغل».

وأكد أن العينات الصوتية التي يستمع إليها هؤلاء تصل إلى نحو 0.2% من جميع التسجيلات، وأن تفاصيل حساب المستخدم غير مرتبطة بأي منها، مشدداً على أن لدى المراجعين تعليمات صارمة بعدم نسخ محادثات الخلفية أو الضوضاء الأخرى.

أغراض أخرى

وحول ما إذا كانت هذه التسجيلات تستخدم لأغراض أخرى غير التطوير، مثل الإعلانات، لم يقدم مسؤولو «غوغل» إجابة محددة، وهنا استند المحللون إلى ما ورد في سياسات الخصوصية المعلنة من «غوغل» في هذه النقطة، فوجدوا أن هذه السياسات تنص على ما يلي: «نحن نقيد الوصول إلى المعلومات الشخصية على موظفي (غوغل)، والمقاولين، والوكلاء الذين يحتاجون إلى هذه المعلومات من أجل معالجتها. وأي شخص لديه هذا الوصول يخضع لالتزامات سرية تعاقدية صارمة، ويمكن تأديبه أو طرده حال عدم الوفاء بهذه الالتزامات».

وهناك فقرة أخرى تقول: «نحن ملتزمون بك، بالنسبة لجميع أجهزتنا وخدماتنا المنزلية المتصلة، سنبقي مقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية وقراءات مستشعر البيئة المنزلية منفصلة عن الإعلانات، ولن نستخدم هذه البيانات لتخصيص الإعلانات.. تفاعل مع المساعد الخاص بك، وقد نستخدم هذه التفاعلات لإعلام اهتماماتك بتخصيص الإعلان».

كما أن هناك فقرة ثالثة جاء فيها: «نحن لا نشارك المعلومات التي تحدد هويتك شخصياً مع المعلنين، مثل اسمك أو بريدك الإلكتروني، ما لم تطلب منا ذلك».

سياسة «أمازون»

من ناحيتهم، فعل مسؤولو «أمازون» الأمر نفسه، ولم يقدموا إجابات محددة في هذه النقطة، إذ قال متحدث باسم «أمازون»: «لا تتم مشاركة أي تسجيلات صوتية مع أطراف ثالثة». «وإذا كنت تستخدم خدمة تابعة لجهة خارجية عبر (أليكسا)، فسنتبادل المعلومات ذات الصلة مع هذا الطرف الثالث، حتى يتمكنوا من تقديم الخدمة. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تتفاعل مع بعض خواص (أليكسا) الخارجية، فنحن نقدم محتوى طلباتك، لا التسجيلات الصوتية، حتى يتمكن من الاستجابة وفقاً لذلك».

وقد انتهى المحللون إلى أن الطريقة الصحيحة للتفكير في هذا الأمر، هي افتراض أن أي شيء تقوله لمساعدك الرقمي سيسجل، وقد يسمعه شخص آخر في المستقبل. فهذه الشركات تجمع وتستبقي التسجيلات الصوتية والنصوص لأجل غير مسمى، ليس لمصلحتك، بل من أجل مصلحتهم.

«أمازون» والخصوصية

جرت مراجعة سياسة «أمازون» المعلنة للخصوصية، فوجد أنها تتضمن ما يلي: «نستخدم طلباتك إلى (أليكسا) لتدريب أنظمة التعرف إلى الكلام، وفهم اللغة الطبيعية لدينا. وكلما ازداد عدد البيانات التي نستخدمها لتدريب هذه الأنظمة، عمل ذلك على تحسين عمل (أليكسا) وتدريبه، وضمان عمله بشكل جيد للجميع».

تويتر