بالتزامن مع قرار «إنتل» إيقاف إنتاج «مودم» هواتف «الجيل الخامس»

تسوية ودية مع «أبل» تمكن «كوالكوم» من السيطرة على سوق شرائح «جي 5»

«إنتل» أكدت استكمال تقييم الفرص المتاحة لوحدات «مودم» الجيلين الرابع والخامس في الحاسبات الشخصية. من المصدر

قررت شركة «إنتل»، أكبر صانع للشرائح الإلكترونية في العالم، إيقاف جميع أعمالها الخاصة بإنتاج شرائح وحدات إرسال واستقبال البيانات في الهواتف الذكية العاملة بتقنية الجيل الخامس للمحمول المعروفة باسم وحدات «مودم جي 5».

جاء ذلك في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه كل من شركة «أبل» و«كوالكوم» عن توصلهما لتسوية ودية لنزاعهما القضائي المستمر منذ سنوات عدة حول براءات الاختراع الخاصة بشرائح الهواتف الذكية، من بينها شرائح «مودم جي 5»، لتعود شرائح «كوالكوم» للعمل مع هواتف «آي فون»، في مقدمتها الهواتف الداعمة للجيل الخامس.

تطوران مفاجئان

ويعد هذان التطوران مفاجئين، كما أنهما مهمان في مسيرة الهواتف الذكية العاملة بتقنية الجيل الخامس للمحمول، فقرار «إنتل» يعد قنبلة مفاجئة شديدة الخطورة انفجرت في وجه الجيل الخامس للمحمول، كونه يأتي من قبل أكبر شركة مصنعة للشرائح الالكترونية الدقيقة في العالم، وفي وقت تتهيأ هذه التقنية للدخول بقوة الى حيز التطبيق والانتشار واسع النطاق، لاسيما أن «إنتل» أرجعت قرارها لأسباب تتعلق بعدم وجود طريق واضح للربحية والعوائد الايجابية من تصنيع «مودم» هواتف الجيل الخامس.

أما قرار «أبل» المصنعة لهواتف «آي فون» الواسعة الانتشار، و«كوالكوم» أكبر مصنع لشرائح الهواتف المحمولة الذكية عالمياً، فيعيد «كوالكوم» إلى سوق «آي فون»، ويمهد لها الطريق نحو ريادة وهيمنة شبه مطلقة على سوق شرائح «مودم جي 5» بعد خروج «إنتل».

العلاقة بين الحدثين

وأشار محللون، وفقاً لما نقلت عنهم مواقع تقنية عدة، إلى أن الإعلان عن الحدثين في يوم واحد لم يكن وليد الصدفة، بل يوجد بينهما علاقة وارتباط بدرجة أو بأخرى. وبحسب ما قاله الرئيس وكبير محللي شركة «مور للرؤى والاستراتيجيات» المتخصصة في بحوث واستشارات تقنية المعلومات، باتريك مورهيد، فإنه من غير الواضح من الذي جاء أولا، أو ما هو التطور الذي يمكن أن يكون سبباً، والآخر الذي يمكن أن يكون نتيجة، موضحاً: «يمكن تفسير الأمر على أن قرار (إنتل) هو الذي سهل لـ(كوالكوم) و(أبل) التوصل إلى تسوية، لأنه لم يعد أمام (أبل) سوى الاستعانة بـ(كوالكوم) بعد إعلان (إنتل) خروجها من الساحة، أم أن أنباء التسوية بين (أبل) و(كوالكوم) هي التي دفعت (إنتل) للخروج من الساحة، باعتبار أن التسوية تعيد (كوالكوم) كمورد رئيس لشرائحها الالكترونية العاملة مع آي (فون)».

وأضاف مورهيد، أن «(أبل) رأت أنه ربما يكون من المخاطرة الاستمرار بشراكة قوية مع (إنتل) والاعتماد على شرائحها، أو أن (إنتل) رأت أن هذا العمل لا يقنعها بضخ المزيد من الموارد فيه».

قرار «إنتل»

وكان قرار «إنتل» ظهر في بيان نشر بغرفة الأخبار على موقع الشركة الرسمي، وجاء فيه أن «إنتل» تعتزم الخروج من أعمال تصنيع وحدات «مودم» الهواتف الذكية من الجيل الخامس، واستكمال تقييم للفرص المتاحة لوحدات «مودم» الجيلين الرابع والخامس في الحاسبات الشخصية وأجهزة انترنت الاشياء، فضلاً عن الاجهزة الاخرى التي ترتكز على البيانات، كما ستواصل «إنتل» الاستثمار في أعمال البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس.

وأورد البيان أن الشركة ستستمر في الوفاء بالتزاماتها الحالية تجاه العملاء في ما يتعلق بخط منتجات «مودم» الهاتف الذكي من الجيل الرابع، لكنها لن تطلق منتجات «مودم» الجيل الخامس، بما في ذلك تلك المنتجات التي تم التخطيط لها في البداية خلال العام المقبل.

«كوالكوم» و«أبل»

وبالنسبة للتسوية بين «كوالكوم» و«أبل»، فإن الخلاف بين الشركتين اندلع قبل نحو عامين، حينما اتهمت «أبل» شركة «كوالكوم» باستخدام ممارسات براءات الاختراع غير القانونية للحفاظ على احتكار شرائح «المودم» التي تربط الهواتف بشبكات البيانات المحمولة، في حين اتهمت «كوالكوم» شركة «أبل» بأنها تستخدم تقنيتها دون أن تدفع.

وعلى إثر هذا الخلاف قامت «أبل» باستخدام شرائح وحدات «مودم إنتل» في «آي فون»، وتوقفت بصورة تامة عن استخدام شرائح «كوالكوم»، ثم أوقفت دفع رسوم الترخيص لشركة «كوالكوم» بدءاً من العام 2018.

ووصل الخلاف بين الشركتين إلى المحاكم، وجاءت النتائج لصالح «كوالكوم»، كان آخرها صدور أمر من القاضي المكلف بالقضية بإيقاف تصنيع هواتف «آي فون» المحتوية على رقائق «كوالكوم»، وكذلك حظر استخدامها ما لم تدفع «أبل» قيمة الرسوم المستحقة عليها. وجاءت التسوية الودية الأخيرة بصورة درامية، حيث إنه في حين كانت جلسة التقاضي منعقدة، والمحكمة تستعد لاستطلاع رأي هيئة المحلفين في الفصل الجديد من القضية، المتعلق بتنفيذ قرار سابق للمحكمة في صالح «كوالكوم»، وصلت انباء الاتفاق لقاعة المحكمة بصورة مفاجئة، حتى إن القاضي علم لأول مرة بذلك من الصحافيين الموجودين بالقاعة، واضطر لتعليق الجلسة، كما اضطر محاميا الشركتين للتوقف والتباحث في الامر، لتتأكد أنباء الاتفاق.


التسوية

أفادت تسريبات بشأن التسوية بين شركتي «كوالكوم» و«أبل»، أن «أبل» وقعت اتفاقية ترخيص براءات الاختراع مدتها ست سنوات واتفاقية توريد مدتها سنتان قابلتان للتمديد مع «كوالكوم». وبهذا الاتفاق خسرت «إنتل» عميلها الوحيد الكبير في قطاع «مودم» الهواتف الذكية، وحققت «كوالكوم» نصراً كبيراً أدى لرفع أسهمها بنسبة 22% عقب إعلان التسوية.

تويتر