في خطة كشفت عنها «سبيس إكس» لبناء جيل جديد من مركبات السفر إلى المريخ

توظيف الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في تبريد جسم السفن الفضائية بـ«التعرق والنفث»

الخطة تتضمن استخدام السوائل فائقة البرودة بدلاً من السيراميك في حماية جسم المركبة من الانصهار. من المصدر

كشف الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس إكس» المتخصصة في بناء وإطلاق الصواريخ والمركبات الفضائية، إيلون موسك، عن تفاصيل خطة طموحة لبناء جيل جديد من السفن الفضائية التي ستنقل البشر من الأرض إلى المريخ وبالعكس، مشيراً إلى أن الخطة الجديدة تتسم برخص الكلفة والقدرة على التحمل وإعادة الاستخدام بالكامل، فيما تلعب تقنية المعلومات دوراً مهماً فيها، والذي يتمثل في توظيف نظم الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في إدارة وتشغيل نظم التبريد الجديدة التي ستستخدم في هذه السفن. وأوضح أن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة سيقومان بتنظيم عملية «التعرق والنفث» بسطح المركبة، أو جعل السطح الخارجي للمركبة بالكامل «ينزف» أو «ينفث» السوائل فائقة البرودة، للتخلص من الحرارة، بطريقة تشبه العرق الذي يفرزه جسم الإنسان عند الإحساس بالحر لتخفيض درجة حرارة الجسم، وذلك لحماية جسم المركبة من الاحتراق والانصهار في ظروف الحرارة العالية جداً، عند اختراقها الغلاف الجوي للأرض ذهاباً وإياباً أو خلال وجودها على المريخ.

جاء ذلك في تغريدة لموسك على حسابه الرسمي بـ«تويتر»، ثم ظهرت المزيد من التفاصيل عن الخطة على موقع شركة «سبيس إكس». وجاءت تغريدة ماسك على هامش الإعلان عن الانتهاء من تصنيع محرك «رابتور» الذي سيكون حجر الأساس في مشروع السفر إلى المريخ بحسب شركة «سبايس إكس»، قائدة المشروع.

وتطمح الشركة إلى إرسال أول مركبة فضائية إلى المريخ بحلول عام 2022، كما كتب على موقعها، وستكون مركبة شحن فقط، بينما سيتم الإطلاق الثاني مع الطاقم بحلول عام 2024.

الخطة الأساسية

وتمثلت الفكرة الأساسية في ما جرى الإعلان عنه، أن موسك وشركته يقومان بتغيير أساسي في طريقة بناء وتشغيل المركبات الفضائية. وتقضي الخطة الجديدة باستخدام الفولاذ الصلب النقي غير القابل للصدأ في بناء الجسم الأساسي للمركبة، بدلاً من ألياف الكربون المستخدمة حالياً، حيث إن المادة الفولاذية الجديدة تتسم بالخفة والقدرة على التحمل ورخص الكلفة التي ستجعل تشغيل رحلات مكوكية مأهولة بالبشر بين الأرض والمريخ، تتم بكلفة في نحو 500 ألف دولار للفرد الواحد المسافر للمريخ مع عودة مجانية، أو تنخفض الكلفة لتصبح في حدود 100 ألف دولار حسب ما أعلن موسك.

وتتضمن التغييرات أيضاً استخدام نظام «التعرق» القائم على السوائل فائقة البرودة في تبريد جسم السفينة والتخلص من السخونة والحرارة الهائلة التي تتعرض لها أثناء سفرها في الفضاء، خصوصاً عند الاحتكاك بالغلاف الجوي للأرض أو عند الهبوط على سطح المريخ، وذلك بدلاً من النظام الحالي القائم على استخدام قطع السيراميك الحراري في حماية جسم السفينة من الحرارة والانصهار.

التبريد بالتعرق

وبحسب المعلومات المنشورة على موقع «سبيس إكس»، فإن نظام التبريد بالتعرق يعني استلهام فكرة إفراز العرق التي يقوم بها جسم الإنسان عند تعرضه للحر وارتفاع درجة الحرارة، كوسيلة من وسائل التبريد والحماية، حيث يفرز الجسم العرق ويخرجه للسطح الخارجي للجلد ليقوم بعملية الترطيب والتخلص من الحرارة، والحفاظ على الحرارة الداخلية للجسم في معدلاتها المقبولة.

ويسعى موسك إلى تنفيذ الشيء نفسه في المركبة الفضائية، وذلك من خلال نظام لنفث أو إفراز المواد والسوائل شديدة البرودة عبر فتحات صغيرة للغاية على سطح السفينة، أو «جلدها الخارجي»، وتزداد غزارة وكثافة النفث مع التعرض لمزيد من درجات الحرارة، ليظل سطح السفينة وجسمها بارداً حتى تتجاوز المناطق الساخنة وشديدة الحرارة.

نفث الحبر

وتشبه تلك العملية ما يتم في الطابعات العاملة بتقنية «نفث الحبر» التي تقوم بنفث الحبر من «حبارة» الطابعة، وتطلقه عبر رشاشات دقيقة على الورق أثناء الطباعة، وفي حالة طباعة الصور يتم نفث الحبر على كامل منطقة الطباعة بسرعة كبيرة ومستمرة حتى يتتهي الطبع. ويستخدم مفهوم «التبريد بالتعرق» هذا الاسلوب، لتنفيذ عملية محاكاة لما يقوم به الجسم البشري، حيث يسعى موسك لاستخدام تقنية مشابهة لتقنية نفث الحبر على الورق، في نفث أو إفراز السوائل الباردة على جسم المركبة الفضائية بصورة متواصلة أثناء تعرضها للحرارة لتظل باردة ولا تتضرر على أي نحو.

الذكاء الاصطناعي

ومن الناحية النظرية، يرى موسك وزملاؤه أنه يمكن للذكاء الاصطناعي ونظم تعلم الآلة أن يلعب دوراً مهماً في تشغيل وإدارة نظام التعرق ونفث أو إفراز السوائل فائقة البرودة على جسم المركبة، لتكون العملية فائقة الذكاء والسرعة والفاعلية. وسيتحدد دور الذكاء الاصطناعي في التحكم بمئات الآلاف وربما ملايين الشعيرات أو الفتحات الدقيقة التي تنفث السائل، وتحدد كميات السوائل التي يتم نفثها عبر تلك الشعيرات، فضلاً عن التعلم اللحظي مما يدور على سطح المركبة، ومد كل جزء بما يحتاجه من سائل التبريد، مع الابقاء على هذه الشعيرات مفتوحة و«سالكة» لتمرير السوائل، من دون أن تتعرض للانسداد، وكذلك معادلة ما يتم فقده من سوائل التبريد التي ستتطاير أو تتبخر مع السرعة الهائلة للمركبة، لتظل المركبة في حالة «تعرق دائم»، ومستمرة في نفث السوائل حتى تتجاوز مرحلة الخطر والسخونة الشديدة.

«السفينة المتعرقة»

ومن المقرر أن تتضمن «السفينة المتعرقة» العديد من التطورات الأخرى، فمن حيث السعة والتصميم مثلاً، يتوقع أن تكون المركبة بطول 180 قدماً، ويدفعها صاروخ بطول 220 قدماً، وتستوعب 100 راكب وأكثر من 100 طن من البضائع. وتم تصميم المركبة للتزود بالوقود في مدار أرضي منخفض، وهي تعمل بسبعة محركات طراز «رابتور» أما الصاروخ الذي يدفعها فسيعمل بـ31 محركاً من الطراز نفسه.

تحفظات

أثارت فكرة الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس إكس» إيلون موسك عن «التعرق» وحماية مركبات الفضاء بالسوائل عالية البرودة، تحفظات بعض المختصين، منهم مهندس الطيران والفضاء ومدير إدارة تكنولوجيا الفضاء والاستكشاف في «ناسا»، والت إنجلند، حيث نقل عنه موقع «بيزنس إنسايدر» قوله إنه لن يكون من السهل تنفيذ فكرة موسك سواء في «ناسا» أو «سبيس إكس»، موضحاً أن المركبة الفضائية تخترق أجواء المريخ أو الأرض بسرعة تصل إلى 19 ألف ميل في الساعة، وفي مثل هذه السرعات والأجواء تتعرض لدرجات حرارة تصل الى 2700 درجة فهرنهايت، في حين أن سبائك الصلب الفولاذي تبدأ التآكل عند 2000 درجة فهرنهايت وتذوب عند 2400 درجة. وأضاف أنه في مثل هذه الأحوال يمكن أن تتعرض شعيرات التعرق أو النفث للانسداد وعدم القدرة على العمل أصلاً، وربما يعوقها عن ذلك أشياء أخرى أقل أهمية كانسدادها بفعل مخلفات طائر أو ذرات تراب في الفضاء أو خلافه.

تويتر