تجمع كلمات وصوراً متعلقة بالمرض من حسابات على «التطبيق»

تقنية جديدة تستخدم «إنستغرام» لرصد الإنفلونزا

الباحثون نبهوا إلى أن البحث في شبكات التواصل الاجتماعي قد يشوّه النتائج الإحصائية. غيتي

من المنتظر أن تستخدم شبكة «إنستغرام» للتواصل الاجتماعي والمتخصصة في الصور، خلال فصل شتاء العام الجاري، كإحدى الوسائل المهمة في مكافحة مرض «الإنفلونزا»، في فنلندا، كبداية، وذلك بعد أن أعلن باحثون في جامعة «تامبيري الفنلندية»، بالتعاون مع خبراء برمجة من شركة «تايتو» المحدودة للبرمجيات، نجاحهم في تطوير تقنية جديدة بالذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية، لمتابعة الصور المنشورة على «إنستغرام» والكلمات المصاحبة لها، وتتعلق بكل ما يخص مرض الإنفلونزا وأعراضه والأدوية المستخدمة في علاجه، وتحليلها بغرض رصد تطور المرض وبؤر ومعدلات انتشاره، ودرجة خطورته.

جاء ذلك في ورقة بحثية، نشرها باحثون على موقع «آركسايف» للبحوث العلمية التابع لجامعة «كورنيل»، وأشرف عليها الدكتور أوجيوزان جين كولو من كلية الطب بجامعة «تامبيري» بفنلندا، وخبير البرمجة في شركة «تايتو» للبرمجيات، ميكا إيرميز.

وقال الباحثون إن التقنية الجديدة تعتمد التحليل العميق للصور المنشورة عن المصابين، والمحيطين بهم، والأدوية، وكذلك الكلمات المصاحبة، واستخدام أدوات تحليل البيانات الصحية العامة السابقة في رصد درجة تفشي المرض ونوعيته، وأماكن انتشاره، وقالوا إنها الأحدث في عدد من المحاولات لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لقياس الاتجاهات السكانية والصحية.

توقع الأوبئة

وبحسب ما ورد بالورقة البحثية، فقد بنى الباحثون نموذجاً رياضياً «خوارزمية» تتضمن مزيجاً من الشبكة العصبية، ونسخة من خوارزمية أخرى يطلق عليها «تعلم الأشجار»، وهي نموذج رياضي متخصص في توقع الأوبئة المرضية، التي يمكن أن تتفشى في المجتمعات المختلفة.

بعد ذلك، جمع الباحثون منشورات بصورة أسبوعية من «إنستغرام»، تتضمن صوراً لأشخاص يقولون إنهم مصابون بالإنفلونزا، وكلمات متعلقة بالمرض، فضلاً عن صور لعلب أدوية خاصة بالمرض، وذلك خلال الفترة من أبريل 2012 إلى مايو 2018، وتضمنت العينة المجمعة أكثر من 220 ألف وحدة تحليل (أي صورة أو كلمة أو كلتاهما أو أكثر عن المرض)، تضاف إليها علامات التصنيف المستخدمة عبر «إنستغرام» وتتعلق بالمرض، وكان من بينها كلمات مثل: إنفلونزا، وآلام العضلات، والعطس، والكحة، وارتفاع درجة الحرارة، والإجهاد. وقال المشرفان على الدراسة إنهما حصرا بحثهما في «بلد واحد ولغة واحدة» هي فنلندا، للوصول إلى نتائج أدق حول المرض بين سكان هذه الدولة البالغ عددهم نحو خمسة ملايين نسمة، حتى لا يحدث تشويش في المعاني بين اللغات واللهجات.

ثم بنى الباحثون برنامجاً لسحب وتجميع البيانات والصور من «إنستغرام»، باستخدام لغة البرمجة المعروفة باسم «بايثون»، وهو من نوعية برامج «الزواحف» المستخدمة في تجميع وتصنيف وفهرسة المحتوى عبر الإنترنت، ويقوم البرنامج بسحب وتسجيل الصور والكلمات من المشاركات العامة، وتواريخها، إلا أنه لا يسجل أسماء أصحابها.

وخلال هذه الفترة الطويلة من البحث، بنى الباحثون تسعة نماذج من الشبكات العصبية المستندة للذكاء الاصطناعي، لاستخدامها في تتبع وفهم ورصد وباء الإنفلونزا من خلال «إنستغرام»، واعتمدت هذه الشبكات على التحليل العميق للصور والكلمات، وليس فقط مجرد التصنيف السطحي، بمعنى أنها حللت المعلومات المتضمنة في الصور بعمق، للوصول إلى تشخيصات أدق وأعمق للمرض ودرجة تطوره لدى المريض.

دراسة مقارنة

تضمن البحث عمل مقارنة مستمرة بين النتائج التي يتم التوصل إليها بواسطة التقنية الجديدة حول المرض وانتشاره وأنواعه، وما يرد فعلياً في النشرات الرسمية الصادرة عن السلطات الصحية، وتحديداً المعهد الوطني الفنلندي للصحة، وذلك لتمحيص النتائج المستخرجة من التقنية الجديدة والتأكد من صحتها، وأجريت هذه التجارب والمقارنات على بيانات خمس سنوات، ثم جرى اختيار أفضل نموذج من الشبكات العصبية التي تم بناؤها، استناداً إلى مستوى الدقة في النتائج.

شبكتان مختلفتان

قال الباحثون إنه تم الجمع بين شبكتين عصبيتين مختلفتين، إحداهما شبكة تم تطويرها بمعرفة فريق البحث وأطلقوا عليها «شبكة التأسيس»، والثانية عبارة عن «كوكتيل» تم تطويرها للمرة الأولى عام 2016، بواسطة شركة «غوغل» الأميركية، ويطلق عليه «ريس نيت»، واستخدمت في تدريب شبكة عصبية على تحليل صور الأشخاص الذين يظهرون على عبوات حبوب منع الحمل، وانتهى الأمر بالوصول إلى شبكة عصبية فائزة أطلق عليها الباحثون اسم «إكس جي بوست»، وهي مزيج من «ريس نت»، والشبكة التي جرى تطويرها خلال البحث.

وأكد الباحثون أن شبكة «إكس جي بوست» حققت أفضل نتائج متعلقة برصد وباء الإنفلونزا، من حيث النوعية والتشخيص وفاعلية الأدوية، ونمط الانتشار وحدوده.

محاذير حول البحث

أشار الباحثون إلى بعض المحاذير، التي يتعين الانتباه إليها عند تشغيل هذه التقنية، تتمثل في أن هذا النوع من البحث في شبكات التواصل الاجتماعي يترك الباب مفتوحاً لحدوث تشويه في النتائج الإحصائية، نتيجة التلاعب أو التوجيه الذي يحدث في الشبكة الاجتماعية نفسها، وهي ظاهرة حدثت عام 2013، حينما طرحت «غوغل» خدمة «إنفلونزا غوغل»، لرصد المرض في بعض مناطق الولايات المتحدة والعالم.

أسبقية لأوكرانيا

لا تعتبر جهود الباحثين الفنلنديين الأولى من نوعها في مجال استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لأغراض الرعاية الصحية، ففي يناير 2018 أعلن مستشفى «دنيبروبتروفسك» الأوكراني عن إدخال شبكة «تويتر» فعلياً في برامجه العلاجية، ونظام الرعاية الصحية الذي يقدمه إلى مرضاه.

• باحثون بنوا 9 نماذج مستندة إلى الذكاء الاصطناعي، لرصد الإنفلونزا.

تويتر