«مايكروسوفت» و«غوغل» تتنافسان في صناعة روبوتات الأصوات الطبيعية (1 من 2)

روبوتات المحادثة الطبيعية.. موجة جديدة في عالم الذكاء الاصطناعي

المساعدات الرقمية الصوتية الشهيرة مثل «سيري» و«كورتانا» أصبحت جيلاً قديماً من الروبوتات البدائية. أرشيفية

خلال أقل من ثلاث سنوات على ظهورها، أصبحت المساعدات الرقمية الصوتية الشهيرة مثل «سيري»، و«كورتانا»، و«مساعد غوغل» جيلاً قديماً من الروبوتات الصوتية البدائية.

ووصلت هذه البرمجيات الشهيرة إلى هذه الحالة على وقع أصداء منافسة جديدة تلوح في الأفق بين العمالقة الكبار حول ما يسمى بـ«روبوتات المحادثة الطبيعية»، أو التي تعرف في عالم التقنية بـ«روبوتات الإحساس الصوتي كامل الازدواج»، أو الروبوت الذي يستطيع إجراء محادثة في اتجاهين كاملين، كما الإنسان تماماً، فيستقبل الأصوات ويفهمها، وفي الوقت نفسه يستوعب المعنى ويعدّ الرد المناسب، ويقاطع ويتدخل وقتما يستحق الأمر التدخل، دون انتظار لتوقف الطرف الآخر عن الحديث كما هي الحال الآن.

منافسة شديدة

صفقة «سيمانتك ماشينز»

جاءت صفقة استحواذ «مايكروسوفت» على «سيمانتك ماشينز» كأحدث خطوة تقدم عليها الشركة في هذه المنافسة. ولم تكشف «مايكروسوفت» عن قيمة الصفقة، لكن بعض المصادر ذكر أنها تجاوز المليار دولار، ذلك أن «سيمانتك ماشينز» شركة ناشئة متخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بمجال المحادثة الطبيعية، وتضم فريقاً من المديرين والمهندسين ذوي الشهرة في هذا المجال، الذين عملوا على مشروع مساعد «أبل» الرقمي «سيري».

وذكرت «مايكروسوفت» أنها ستجمع بين قدرات «سيمانتك ماشينز» في الذكاء الاصطناعي، والقدرات التي تمتلكها إدارة الذكاء الاصطناعي في «مايكروسوفت»، من أجل أخذ «الحوسبة المحكية» إلى مستوى جديد، يتيح لبرامج الدردشة أن تتخطى الأوامر والاستفسارات البسيطة، لتبادل محادثة كاملة باستخدام «الإحساس الصوتي الكامل الازدواج».


روبوت «خوسيايس» في الصين أجرى 30 مليار مكالمة.

وتتنازع الشركتان الأميركيتان «غوغل» و«مايكروسوفت»، على الريادة في هذه الموجة الجديدة من الروبوتات، إذ دخلت «مايكروسوفت» المنافسة مبكراً، بالعمل على إنتاج وتشغيل عائلة غير محددة العدد من روبوتات الأصوات الطبيعية، بدأتها بـ«روبوت» في الصين، وآخر في الهند، وثالث في اليابان، وأقدمت، أخيراً، على شراء شركة ناشئة متخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بـ«روبوتات الإحساس الصوتي كامل الازدواج» ودفعت فيها ما يزيد على مليار دولار.

وعلى الرغم من الدخول المبكر لـ«مايكروسوفت» في هذه الساحة، فإن لدى غريمتها «غوغل» ما يجعلها تقاتل بشراسة شديدة، ففي وقت مبكر من مايو الجاري، وخلال مؤتمرها السنوي للمطورين، كشفت «غوغل» النقاب عن الروبوت الصوتي «دوبلكس»، الذي يعمل بمفهوم المحادثة الطبيعية، وتقنية «الإحساس الصوتي كامل الازدواج».

وأبهر «دوبلكس» المطورين عند عرضه، وتشغيل محادثة جرت بينه وبين شخص يريد تحديد موعد مع صالون للحلاقة، ولم يتبين للعديد من المتابعين للعرض، من هو الشخص ومن هو الروبوت خلال المكالمة.

«منطق العائلة»

تلتزم «مايكروسوفت» في هذه المنافسة الجديدة باستراتيجية «منطق العائلة»، أي تقديم سلسلة غير محددة العدد من روبوتات المحادثة الطبيعية المستندة إلى تقنية «الإحساس الصوتي كامل الازدواج»، كل منها يناسب سوقاً أو مجتمعاً بعينه، من حيث اللغة والخصوصية الثقافية والسلوكية السائدة بهذا المجتمع، ونمط وربما أنماط المحادثات السائدة به، بحيث يكون الروبوت والشخصية التي بتقمصها والاسم الذي يحمله، منسجماً تماماً مع خصوصية المجتمع الذي يعمل به، لكن الجميع يستند إلى التقنية نفسها، والنهج نفسه، والركيزة العملية والبحثية نفسها، ومن هذا المنطلق بدأت «مايكروسوفت» تخوض غمار السباق مع منافسيها، في مقدمتها «غوغل» وأطلقت ثلاثة روبوتات من هذه الفئة حتى الآن.

روبوت «خوسيايس»

وقد اطلقت «مايكروسوفت» قبل فترة، روبوت المحادثة الطبيعية «خوسيايس» داخل الصين، وأفادت بأنها حققت خلال أبريل الماضي تقدماً كبيراً على صعيد الدردشة الطبيعية من خلال هذا الروبوت، إذ تم من خلاله إجراء 30 مليار محادثة، بمتوسط 30 دقيقة للمحادثة الواحدة. وقال رئيس الشركة الصينية التي تحمل الاسم نفسه وتابعة لـ«مايكروسوفت»، لي تشو، إن «خوسيايس» أصبح حالياً برنامج الدردشة الاجتماعي الأكثر شهرة في الصين، بعد التطورات التي أضافتها إليه «مايكروسوفت»، وتعتمد جميعها على الذكاء الاصطناعي.

ومصدر قوة هذا الروبوت أنه يتفاعل مع الناس بالطريقة التي يتبعونها أثناء الدردشة الطبيعية في ما بينهم، فهم يتحدثون ويصغون في الوقت نفسه، وكثيراً ما يتنبأون بالكيفية التي قد ينهي بها الشخص الجملة، وربما يقاطع شخص ما عند الضرورة، أو يكسر صمتاً محرجاً، لتقديم فكرة جديدة تستند إلى المعلومات التي يجمعونها.

وقال تشو إن التحديث الجديد الذي تعمل عليه «مايكروسوفت» القائم على «الإحساس الصوتي الكامل الازدواج»، يوسع من قدرة «خوسيايس» على التنبؤ بما سيقوله الشخص الذي يتحدث معه، ويساعده ذلك على اتخاذ قرارات حول كيفية وموعد الرد على شخص يتحادث معه، وهي مجموعة مهارات طبيعية جداً للأشخاص، لكنها ليست شائعة في مواقع الدردشة.

الروبوت «روح»

وسيراً على النهج نفسه، أطلقت «مايكروسوفت» روبوت المحادثة الطبيعية «روح» في السوق الهندية، الذي يعتمد كذلك على الذكاء الاصطناعي.

ويعدّ «روح» النسخة الهندية من «خوسيايس» الصيني، وهو متاح للمستخدمين في الهند باللغة الإنجليزية فقط، وظهر رسمياً في السابع من فبراير الماضي، وخصصت له «مايكروسوفت» صفحة شخصية على «فيس بوك»، جاء فيها أنه تم إجراء مسح للبحث عن أفضل الشخصيات المتحركة المقبولة للمستخدمين من الشباب في الهند، ثم تم تصميم الروبوت «روح» بناءً على نتائج هذا المسح.

وأوضحت الشركة أن «روح» يجعل الدردشة «إنسانية» بين الإنسان والروبوت، مؤكدة أنه يحمل العديد من قدرات «خوسيايس» في الصين، مثل القدرة على إيقاف شيء واحد يقوم به، كأن يروي لك قصة أثناء حديثك معه، لتتمكن من القيام بشيء آخر، مثل تشغيل الضوء، ثم يعود لمجرى الحديث الاصلي بعد ذلك، مثلما يمكن لشخص ما تبديل الموضوعات في محادثة لبعض الوقت، وبعد ذلك يعود إلى الموضوع الأصلي.

تويتر