يعتمد على خوارزميات «تعلم الآلة» لمنع المهاجمين من تحقيق «إظلام تام»

نظام حماية يحصّن شبكات الكهرباء من الهجمات

الفريق استهدف الوصول إلى نظام يجمع بين منهجيات الأمن الإلكتروني التقليدية وخوارزميات متطورة. من المصدر

في محاولة جديدة تستهدف تحصين شبكات الكهرباء العامة ضد الهجمات الإلكترونية الشاملة، التي تستهدف تحقيق ما يعرف بـ«الإظلام التام»، أو إيقاف وصول الكهرباء والطاقة إلى أكبر قدر ممكن من مستخدمي الشبكة، تمكن فريق من الباحثين المتخصصين في مجال «شبكات الكهرباء الذكية» من بناء نظام جديد للتأمين يعتمد على خوارزميات تقنية «تعلم الآلة»، وأجهزة الاستشعار الدقيقة، والبيانات المجمعة من نظم المراقبة والتحكم الخاصة بشبكات الكهرباء «سكادا»، في استشعار وتوقع الهجمات الإلكترونية الشاملة على شبكات الكهرباء، واكتشافها، ومنعها قبل وقوعها، وفي الوقت نفسه القدرة على إعادة التيار الكهربائي للشبكة فوراً في حال نجاح المهاجمون في شن الهجمة وتعطيل الشبكة وإيقاف وصول التيار.

ويحقق النظام فوائد أخرى مثل خفض كلفة الطاقة على المستهلكين، وتقليل فترات «الذروة» في استخدام الطاقة.

فريق بحث

مزايا النظام الجديد

يلخص الباحثون المزايا التي يقدمها النظام الجديد في: تقدير الحالة، وتعزيز الرؤية لمشغلي الشبكات، وتوصيف الأحمال والتوليد الموزع، وتشخيص الحالات المشكوك فيها أو التي تمثل إشكاليات، مثل التذبذبات، وحالات التزامن أو ظهور نشاط ما على الشبكة، وظهور حالة معينة مواكبة لهذا النشاط، وهذه المزايا مجتمعة توفر قدرة غير مسبوقة على اكتشاف الهجمات قبل وقوعها، أو صدها وإعادة التيار فوراً حال وقوعها.

وتم تطوير هذا النظام داخل معمل «لورنس بيركلي» لبحوث وتقنيات الطاقة www.lbl.gov، من خلال فريق ضم الدكتور شون بيسبيرت من معامل «بيركلي»، الذي قاد الفريق، وزميله الدكتور سياران روبرتس، والدكتورة آنا سكاليوني من جامعة ولاية أريزونا، والدكتور أليكس ماكيشرن من المعامل الوطنية لمعايرة الطاقة.

وقالت المتحدثة باسم المعمل، كاثي كينكاد، في بيان صحافي، إن هذا النظام جاء في إطار تطوير وتحسين شبكة توزيع الطاقة، لتأخذ في اعتبارها ضمان، والتأكد من الأمن والموثوقية في التشغيل، وهذا النظام عبارة عن خليط من أدوات الحماية الإلكترونية القديمة والحديثة.

وأضافت أنه مع تحديث الشبكة، وتحسين قدراتها في مجال الموثوقية والأمان، فإنه لابد من تصميم خواص جديدة في مجال الاعتماد علي الإنترنت والفضاء الإلكتروني، لمنع شن هجمات إلكترونية على شبكات الكهرباء انطلاقاً من شبكات المعلومات المعتمدة على بروتوكولات الإنترنت.

ولفتت كينكاد إلى أن المشكلة تكمن في أدوات تقنيات المعلومات الحالية، مثل تقنيات كشف التسلل وجدران الحماية المعروفة باسم «الجدران النارية» وتقنيات التشفير، فهي لم تعد كافية لصد مثل هذه الهجمات، وتحصين الشبكات ضد محاولات «الإظلام التام»، لكونها تترك فجوة أو نقاط ضعف في عمليات السلامة والحماية عند وضعها موضع التطبيق، كونها لا تأخذ في اعتبارها المعلومات المادية المعروفة عن الجهاز الذي تحميه.

ومن هنا، كان اللجوء إلى تقنيات التعلم الآلي وأجهزة الاستشعار، لكونها تساعد في سد هذه الفجوة في عمليات تأمين الطاقة.

واستهدف الفريق الوصول إلى نظام لتأمين شبكات الكهرباء، يجمع بين منهجيات الأمن الإلكتروني التقليدية، وخوارزميات متطورة معتمدة على تقنيات تعلم الآلة، وتقنيات وأجهزة الاستشعار المستخدمة في نظم الطاقة، والمتاحة تجارياً، وجعل المكونات الثلاثة تشترك في القيام بعمليات رصد وتحليل أمني مستمر وعميق طوال الوقت لشبكات الطاقة العملاقة.

محور الفكرة

تتمحور الفكرة في مراقبة السلوك المادي لمكونات الشبكة الكهربائية كل على حدة، لمعرفة وتحديد متى يتم التلاعب بهذه الأجهزة بصورة غير طبيعية، وجعلها تتصرف على نحو غير متوقع، واكتشاف ذلك والإبلاغ عنه لحظياً، من خلال الحصول على مجموعة متكررة ومستمرة من القياسات التي توفر طريقة عالية الدقة لتتبع ما يحدث في شبكة توزيع الطاقة.

ويقول الباحثون إن القياسات المتكررة والبيانات التي توفرها نظم «سكادا» للمراقبة والتحكم، ستكشف أي محاولة يقوم بها المهاجمون للتلاعب بنشاط أو أداء أي من العناصر والمكونات القائمة بشبكة توزيع الكهرباء، فالقياسات المتكررة الحدوث على مدار اللحظة، مع بيانات الاستشعار، توفر مرونة وشمولاً في رؤية ما يحدث بالشبكة، إذ يستطيع مشغلو ومديرو الشبكات تمييز الهجمات الحقيقية عن الزائفة، عن الأداء الطبيعي لمكونات الشبكة.

وميزة وحدات القياس الصغرى التي يعتمد عليها الفريق أنها ليست كبيرة أو مكلفة، ومن ثم يمكن نشرها علي نطاق واسع وبأعداد كبيرة في نقاط التوزيع المركزية بالشبكة، ما يوفر دقة أعلى بكثير في القياسات والمراقبة.

ضرورة كبرى

وحول هذا النظام، قدمت خبيرة نظم الطاقة الذكية، شيري هيوينز، تحليلاً نشره موقع «تيك ريبابليك» techrepublic.com أوضحت فيه أن مثل هذه النظم أصبحت ضرورة كبرى، بسبب الارتباط العميق بين البشر والكهرباء، حتى لو كانوا في مجتمعات لاتزال بدائية ولا تعتمد مباشرة وبكثافة على الكهرباء.

وقالت إن هذه «التبعية العميقة» للطاقة الكهربائية، هي التي تحرك شركات الطاقة نحو ما يسمى بـ«الشبكة الذكية»، وهي بنية تحتية لتوزيع الطاقة أكثر كفاءة وموثوقية، تتمازج فيها قدرات شبكة الكهرباء مع قدرات شبكات المعلومات، خصوصاً الإنترنت، لتوفر قدرات غير مسبوقة، أهمها على الإطلاق القدرة على استعادة التيار فوراً إذا ما حدثت هجمات تسبب اضطرابات، وخفض تكاليف العمليات والإدارة للمرافق.

تويتر