للحصول على أكبر قدر من البترول الخام بأقل التكاليف

شركات النفط تواجه تراجع الأسعار بحلول تقنية تزيد كفاءتها

الشركات تقوم بتوظيف تقنيات متنوعة لزيادة كفاءتها. غيتي

دفع الانخفاض الحالي في أسعار النفط شركات الطاقة لتركيز جهودها على زيادة الكفاءة، من خلال توظيف تقنيات متنوعة، تكفل لها الحصول على أكبر قدر من النفط الخام بأقل التكاليف. وعندما وصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار، أو أكثر، انصبت مساعي الشركات على حفر الآبار وضخ النفط بأقصى سرعة ممكنة، إلا أن الأمر اختلف حالياً في ظل استقرار سعر البرميل عند حدود 50 دولاراً أو أقل.

وتُشير الشركات الكبيرة في مجال خدمات الطاقة مثل «هاليبرتون» و«شلمبرجير» إلى تعطش عملائها للتقنيات الحديثة، الرامية لتوفير التكاليف، أكثر من أي وقت مضى. وتستخدم بعض الشركات أشعة الليزر ومعدات متقدمة وتحليلات البيانات، قبل بدء الحفر لضمان توفير الآبار الجديدة لأكبر قدر من الخام مُقابل النقود، كما يبحث بعضها عن أساليب جديدة لاستخراج مزيد من النفط الخام من الآبار الجديدة والقديمة على حدٍ سواء.

وقال مُدير أبحاث النفط الصخري والغاز في شركة «ستات أويل» النرويجية للطاقة، بروس توشر إنه «عليك أن تُركز اهتمامك على الحلول الجديدة والمبتكرة ونحتاج هذه الحلول الآن أكثر من ذي قبل».

وينظر العديد من الشركات إلى أحدث تقنيات إعادة «التصديع الهيدروليكي»، أو إعادة التكسير، كأحد الحلول المحتملة، بهدف استخراج المزيد من النفط من الآبار، التي شهدت في البداية عمليات تصديع وفقاً لأساليب أقدم. ولاتزال هذه المحاولات تجريبية دون أن تُفصح الشركات عن نتائجها، إلا أنها تُحقق تقدماً كافياً يُحفز الشركات على المضي قدماً في هذا الاتجاه.

وقالت المُتحدثة باسم شركة «كونوكو فيليبس» الأميركية، أندريا أربانك، إن «الشركة قد جربت تقنيات إعادة التكسير، وتُواصل تقييم آثارها». وفي الوقت نفسه، تنشط شركة «ديفون إنرجي» في مجال إعادة التصديع، ولاسيما في حقل «بارنيت» للغاز الطبيعي، وتُوسع التجربة لتشمل حقولاً أخرى منها «بيرمين» و«إيجل فورد» في ولاية تكساس الأميركية.

وتحدث الرئيس التنفيذي لشركة «ديفون إنرجي»، ديف هاجر، أخيراً، خلال مؤتمر حول أرباح الشركة عن جهود «ديفون» لإعادة التصديع باستخدام تقنية جديدة. وتستعين الشركة بحبيبات دقيقة من الرمال، وتختبر سُبلاً مختلفة لإغلاق الممرات القديمة بما يسمح بشق أخرى جديدة تسمح بتدفق الغاز والنفط. وقال هاجر إن «هناك جانباً إيجابياً هائلاً لإعادة التصديع».

وكشف مسؤولو شركة «هاليبرتون»، خلال مؤتمر حديث حول أرباح الشركة عن استخدام أدوات الألياف الضوئية، للمساعدة في متابعة ما يجري أثناء التصديع، بما يكفل التأكد من سير العملية على أفضل وجه ممكن. وتُقدر شركة «شلمبرجير» اتجاه نحو 10 آلاف من الآبار الأفقية للنفط الصخري والغاز، حُفرت خلال السنوات الخمس الماضية في أميركا الشمالية لإعادة التصديع، مشيرة إلى تعاونها مع ثماني شركات منتجة حول التقنية.

وفي ما يتعلق بالآبار الجديدة، يتزايد اعتماد المهندسين على البرمجيات وأجهزة الاستشعار، بهدف التحديد الدقيق للأماكن المناسبة لاستخدام كميات متباينة من الرمال والمياه والمواد الكيميائية، ويصب ذلك في صالح زيادة إنتاج كل بئر من النفط.

وخلال الأعوام الأخيرة اتجهت شركات الطاقة إلى مضاعفة الرمال التي تستخدمها بمقدار مرتين أو ثلاث مرات، لفتح الصدوع، التي تسمح بتدفق النفط من الصخور الكثيفة. وأسفر ذلك عن ارتفاع معدلات الإنتاج الى حدٍ كبير، وزيادة التكاليف في الوقت نفسه. وتتطلع الشركات إلى دور التقنيات الجديدة في تحقيق التوازن بين التكلفة والإنتاج، بحسب ما قال رئيس التطوير والإنتاج المعني بتكوين «باكن» الصخري في أميركا الشمالية في شركة «ستات أويل»، جيني بيك.

وعلى صعيد آخر، تتعاون «غلوري إنرجي» مع شركات أخرى منها «ستات أويل» و«بترومليو» البرازيلية، لاختبار أسلوب آخر لزيادة الإنتاج، يعتمد على استغلال كائنات دقيقة توجد بالفعل في حقول النفط التي تستخدم الطريقة التقليدية للغمر بالمياه.

وبحسب شركة «غلوري إنرجي»، يجري العمل على تحفيز الميكروبات من خلال مزيج خاص من المغذيات، وفي الوقت الذي تتغذى فيه الميكروبات، تلتصق بأجزاء من النفط، ما يُسهل تدفق النفط عبر الصخور. وتُظهِر نتائج الاختبارات المُبكرة دور هذه التقنية في إطالة عمر البئر سنوات عدة إضافية، وزيادة النفط القابل للاستخراج بنسبة 33% مُقارنةً مع التقديرات الأولية.

وفي ظل تواصل البحث عن التقنيات الجديدة، يعتزم قسم النفط والغاز في شركة «جنرال إلكتريك» زيادة إنفاقه على البحث والتطوير، خلال العام الجاري، بحسب ما قال الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا ونائب الرئيس لشؤون الهندسة في القسم، إريك جيبهاردت. وتتعاون «جنرال إلكتريك» مع بعض عملائها الباحثين عن حلول لمشكلات معينة.

وفي بعض الحالات، سيُقدم عملاؤها التمويل لتطوير تقنيات محددة ويسعون لتسريع وتيرة تقدمها. وأشار جيبهاردت إلى أن «عملاء (جنرال إلكتريك) في الوقت الراهن، أكثر استعداداً للمساهمة، إذا ما رأوا إسهام ذلك في تحسين المعدات وتحليل البيانات، الأمر الذي قد يُساعدهم في زيادة إنتاجية حقول النفط».

ولفت جيبهاردت إلى أهمية المساعي الحالية، حتى في حال عاودت أسعار النفط ارتفاعها. وقال إنه «ستظل هذه أموراً رائعة، حتى إذا ما ارتفعت أسعار النفط مُجدداً، لكنها أفضل في ظل انخفاض أسعار النفط».

وفي السياق نفسه، بدأت شركة «ويل دوغ» الأميركية عملها في عام 1999، بهدف تطوير تقنيات لاستخراج الغاز الطبيعي من طبقات الفحم، وفي الوقت الراهن، تُكثف عملها في التكوينات الصخرية في أميركا الشمالية. وافتتحت مكتباً لها في مدينة دنفر، كما تُخطط لزيادة عدد العاملين في مركزها للتكنولوجيا في ولاية «وايومنغ» بمقدار ثلاث مرات.

وتعاونت مع شركة «رويال داتش شل»، لاستخدام أشعة الليزر لتحديد مخزون النفط والغاز في التكوينات الصخرية، من خلال تحليل التغيرات الطارئة على الفوتونات أو الجسيمات الأولية للضوء والإشعاع، التي ترتد من الطبقات الصخرية تحت سطح الأرض، ويُساعد ذلك المسؤولين عن الحفر في اختيار أفضل الأماكن للآبار.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «ويل دوغ»، جون بوب، إن «شركات الطاقة تُكرس الكثير من الوقت والمال، للحصول على الآبار بأقل كُلفة، من خلال الاستفادة من أدوات البيانات والمراقبة». وأضاف بوب «دُهشنا من مدى تقدمية وتصميم عملائنا المتخصصين في النفط الصخري».

 

تويتر