سعت إلى علاج مشكلة غياب الإشارات البصرية ونبرة الصوت في التواصل عن طريق الكتابة

«الرموز التعبيرية» تدخل عامها الـ 33 أكثر شعبية

صورة

لم يكن وضع قوس إلى جوار نقطتين يعني شيئاً تقريباً سوى خطأ في استخدام علامات الترقيم، وذلك قبل 32 عاماً حين جرى استخدام الوجوه التعبيرية، أو الانفعالات للمرة الأولى في المراسلات، ومع الوقت توسع استعمالها في الإنترنت، وبرامج التراسل والمنتديات والشبكات الاجتماعية.

 

الرموز التعبيرية

وربما بسبب الانتشار الواسع للرموز التعبيرية Emoticons، على غرار :) للتعبير عن الابتسام، و:( لرسم علامة الحزن، لم يُفكر كثيرون في تاريخٍ محددٍ لبدء استخدامها، أو شخص أو جهة مسؤولة عن هذا الابتكار. إلا أن الواقع يقول إن فكرة الرموز التعبيرية تعود إلى عالم الكمبيوتر في جامعة «كارنيجي ميلون» الأميركية، سكوت فاهلمان.

وتسعى الرموز التعبيرية التي تُكتب بالجمع بين علامات الترقيم مثل القوس، والنقطة، والشَرطة، لنقل مشاعر الكاتب، واستخدمها «فاهلمان» للمرة الأولى في 19 سبتمبر من عام 1982، ما يعني أن الرموز التعبيرية بدأت في سبتمبر 2014 عامها الـ33، دون أن تفقد حيويتها وشعبيتها.

وفي بداية الثمانينات لاحظ فاهلمان مشكلات في المحادثات التي تجري على برامج التراسل الإلكتروني المستخدمة آنذاك، فأحياناً ما يُساء تفسير الحديث، وتفقد النكات أهميتها، كما يطغى الإسهاب في الكلام على المعنى المقصود من وراء النقاشات. وفكر فاهلمان، الذي كان في بداية الثلاثينات من عمره حينها، في وضع وجه باسم في حالة السخرية أو الدعابة، يتألف من نقطتين وشرطة وقوس : - ).

ولاحقاً، انتشرت «الرموز التعبيرية» إلى الجامعات الأخرى، ومنها إلى رسائل البريد الإلكتروني، والرسائل النصية والشبكات الاجتماعية ثم تطبيقات التراسل الفوري، لتملأ فجوةً كبيرة يُخلفها غياب الإشارات البصرية التي لا تتوافر سوى في الاتصال المُباشر وجهاً لوجه، وتُضيف الكثير إلى معنى الحديث لتوضيحه، ومنها مثلاً تقطيب الجبين أو تحريك الأيدي، ونبرة الصوت.

وبحسب عالم اللغويات الحاسوبية، تايلر شونبلين، الذي كتب أطروحته حول «الرموز التعبيرية» في جامعة «ستانفورد» الأميركية، فإن إحدى المشكلات الرئيسة المرتبطة بالاتصال من خلال النص، تتمثل في اختلافها عن الطريقة التي نتحدث بها إلى بعضنا بعضاً منذ وُجدت اللغة تقريباً، مشيراً إلى افتقارها إلى الإشارات التي نستخدمها للدلالة على ما نقصده بالتحديد.

 

«إيموجي»

وتُظهِر هذه النقطة تحديداً أهمية «الرموز التعبيرية»، التي مهدت لشقيقتها الصغرى التي وُلدت في اليابان في تسعينات القرن الـ20 باسم «إيموجي» emoji أو «الوجوه التعبيرية»، وهي رسوم تصويرية صغيرة وأحياناً متحركة تُقدم خيارات متنوعة للتعبير تفوق «الرموز التعبيرية» المعتمدة على علامات الترقيم، كما تسهل كتابتها إذ لا تحتاج إلى تأليف الرمز من علامات ترقيم عدة، بل تكفي نقرة واحدة. وابتكر رموز الـ«إيموجي»، شيجتاكا كوريتا، الذي كان يعمل حينها ضمن فريق شركة «إن تي تي دوكومو» للاتصالات المتخصص بإطلاق نظام «آي مود» للإنترنت المحمول. واستلهم الرسوم من الإشارات في الشوارع ورسوم «المانجا» اليابانية، وقدم أولاً 176 صورة كانت أساساً لرموز الـ«إيموجي».

وتحظى رموز الـ«إيموجي» بشعبية واسعة حتى ظهرت مجموعة من تطبيقات التراسل والشبكات الاجتماعية تعتمد عليها بشكلٍ كامل للتواصل بين المشتركين، حتى إن بعضها يُتيح كتابة اسم المستخدم بواسطة رموز «إيموجي»، كما تعرض بعض الشركات إدخال علاماتها التجارية في باقات الـ«إيموجي» نوعاً من الدعاية.

لكن رموز الـ«إيموجي» المتنوعة والملونة لم تُقلل من قيمة ومزايا «الرموز التعبيرية» الأقدم، إذ يُطور المصممون حالياً نسخاً مختلفة من الـ«إيموجي» على غرار ملصقات «فيس بوك» بعكس الشكل المُوحد للرموز التعبيرية من الأقواس والنقاط، ما يعني أن الأشخاص الذين يستخدمون التطبيق أو الهاتف نفسه، يستخدمون صور الـ«إيموجي» نفسها ويختلف ذلك عن الصور التي يراها غيرهم.

وضمن محاولة المصممين للتميز، طور البعض رموز «إيموجي» التي يمكنها أن تتسبب في بعض الإرباك، وتُصعب من فهم المقصد بدلاً من توضيحه، وعلى الرغم من جمالها وطرافتها، فإنها أحياناً ما تفتقد البساطة والتجريد التي تقدمها الرموز التعبيرية الأقدم. ويُشير ذلك إلى أنه ربما في ظل استمرار غياب رموز قياسية لـ«إيموجي» أو برنامج يمكنه ترجمة جميع الصور في الأجهزة الإلكترونية إلى معانٍ موحدة، سيستمر الاعتماد على «الرموز التعبيرية» البسيطة قديمة الطراز.

 

تويتر