حبر على ورق!

ضرار بلهول

الاحتراف الرياضي هو امتهان الرياضة وفق سوق العرض والطلب وما تبتغيه مؤسسات التسويق الرياضي، وهذا شيء مطلوب لتحقيق التطور والارتقاء بالرياضة وعدم ضياع المواهب والكفاءات الرياضية بين الهواية والامتهان.

وقد ظهر الاحتراف الرياضي منذ فترة ليست بالبعيدة في أندية الدول الأوروبية.. أما نحن فليس غريباً أن نكون في آخر الركب! وربما تأخرنا في تطبيق التجربة أدى إلى سعي البعض لمحاولة الإسراع في تطبيقها لاختصار الوقت أملاً في خلق قفزات نوعية في الرياضة، لاسيما كرة القدم.

وكما هي الحال عند تطبيق أي نظام جديد لابد أن تطفو على السطح بعض السلبيات التي لابد أن تتم معالجتها بسرعة حتى لا تقف حجر عثرة في طريق ما نصبوا إليه من تطور رياضي. لكن المضحك المبكي أن أغلبية الرياضيين لدينا يجهلون معنى الاحتراف الحقيقي ويعيشون في قوقعة الأوراق النقدية وأوهام الشهرة وآخر موديل للسيارات و«الكشخة»، وتسريحات الشعر، وبالطبع لا ننسى السلاسل فهي ضرورية بالنسبة لهم. لنكتشف أن البعض بالكاد يستطيع أن يفك الخط أو «عربي زعيف»! فهؤلاء البعض من اللاعبين لابد من أن يقعوا في ورطة وكيل الاعمال أو مصيبة العقد.أ

وأتسال هنا: ماذا فعلنا بخصوص احتراف صغارالسن؟ لماذا لا نطبق ما نجح فيه نادي «اياكس» الهولندي الذي يعد (البطة التي تبيض ذهباً) بالنسبة للاعبين صغار السن، فهذا النادي العريق يعتبر اكمال التعليم شرطا أساسيا في العقد لا يقبل النقاش. كما يقوم بتدريب وتوعية اللاعبين على كيفية إدارة أموالهم والمحافظة على أنفسهم. أما الدوري الأميركي العريق لكرة السلة فيرفض انتقال أي لاعب اليه من دون أن يكون قد لعب في دوري الكليات مسبقاً وإكمال دراسته.

وأخيراً، ماذا عن اللاعبين الأجانب الذين تم الزج بهم في أنديتنا؟ ولا يخفى على أحد المدى الذي وصل إليه «مُبجلو الاحتراف» من سعي مستمر في زيادة عدد اللاعبين الأجانب، ما تسبب في تحويل دورينا إلى دوري العجزة والسكراب من قدامى اللاعبين! فليس لدى معظم أنديتنا القدرة المالية على شراء لاعبين من الدرجة الأولى، فكانت نتيجة لهاثهم وراء أول بطولة لدوري المحترفين إثقال كاهل الأندية، وستكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر بعير أنديتنا.

ومن تداعيات الانحراف ـ عفواً الاحتراف ـأ لكرة القدم تحول الأندية إلى شركات تجارية، خصوصاً ما تسبب في ازدواجية الشخصية القانونية. فكل ناد أصبح يملك شخصيتين اعتباريتين وهما ناد لكرة القدم «عيال العز» وناد للألعاب الأخرى «عيال البطة السوداء»!

ومن وجهة نظري المتواضعة، أرى أنه لابد للفلاسفة المختصين في الرياضة من مراجعة أوراقهم «إن وجدت» من أجل تحقيق بنية تحتية رياضية قوية قادرة على الوفاء بالتزاماتها المادية والمعنوية بدلاً من بناء قصور وردية في الهواء، وتكديس أوراق تكون محصلتها في النهاية حبر على ورق!

تويتر