20 شابة شكلن نواة أول فريق نسوي فلسطيني للعبة الأميركية

فتيات غزة يلعبن «البيسبول»

صورة

فوق العشب الأخضر في ملعب الهلال الرياضي، غرب مدينة غزة، تركض الفتاة، إيمان المغير، خلف كرة صغيرة، لتحقق هدفها في ممارسة رياضة البيسبول الأميركية «سوفتبول» في القطاع المحاصر.

إيمان المغير (24 عاماً) واحدة من بين 20 فتاة، يشكلن نواة أول فريق نسوي في غزة للبيسبول الأميركية، والذي انطلق خلال شهر مارس الماضي بإمكانات بسيطة، فيما يسعى مدرب الفريق إلى تنظيم أول دوري للعبة لكلا الجنسين على مستوى القطاع، وتشكيل فريق آخر يضم 20 شاباً.

وتتوجه إيمان ثلاث مرات أسبوعياً إلى ملعب الهلال، مرتدية الملابس الخاصة برياضة البيسبول، وحذاءً مخصصاً للركض، لتنفذ تعليمات المدرب برفقة زميلاتها، من خلال تمارين خاصة، ضمن مرحلة الإحماء المعتادة. وبعد انتهاء الفتيات الـ20 من ممارسة التمارين الخاصة باللعبة الأميركية، يحمل نصفهن مضرب البيسبول، أما النصف الآخر فيرتدين قفازات جلدية لصد الكرات، ويبدأن بالركض حول مضمار الملعب.

تحقيق الطموح

البيسبول

لعبة البيسبول أو «كرة القاعدة»، أميركية الأصل، يضرب فيها اللاعبون كرة صغيرة بمضرب خشبي، لإحراز هدف تجاه الخصم، ويسعى كل فريق لمنع الآخر من التقاط الكرة، وإعادتها للقاعدة قبل إكمال اللاعب الركض إلى منطقة معينة.

ويطلق على لعبة «البيسبول» هذا الاسم في حال كان اللاعبون ذكوراً، واسم «سوفتبول» لو كان الفريق نسوياً.

إيمان المغير خريجة قسم التربية الرياضية من جامعة الأقصى في غزة، حققت حلمها الذي كانت تطمح إليه من خلال التحاقها بالفريق النسوي، وممارستها رياضة البيسبول، حيث باتت تتمتع بكل فنون ومهارات اللعبة، والتي أهلتها لتكون لاعبة ماهرة في رياضة الكرة الصفراء.

وتقول المغير لـ«الإمارات اليوم»: إن «اهتمامي بالرياضة بدأ منذ سبع سنوات، وأنا أهتم بالألعاب الرياضية بشكل عام، لكن لعبة البيسبول لها وقع خاص في نفسي، وقد تشجعت على ممارستها، لأنني أطمح من خلالها للوصول إلى العالمية، لاسيما أن من يمارسها في فلسطين والعالم العربي من الشباب والفتيات أعدادهم قليلة».

وأضافت أن «المتعة تكمن في هذه اللعبة من خلال شمولها جميع أنواع المهارات الرياضية، مثل الركض والعدو والتقاط الكرة، لذلك يطلق عليها أم الألعاب، ومن خلالها أكتسب لياقة ومهارة عاليتين».

وتعبر الشابة إيمان عن حبها وشغفها بهذه الرياضة، بعد أن تحقق حلمها، قائلة: «أحب هذه اللعبة كثيراً، ومجرد أن سمعت عنها، بادرت الى التسجيل فيها سريعاً».

وتأمل بأن يُشكَّل فريق كامل لرياضة البيسبول في غزة، وأن تمثل فلسطين في الأولمبياد الآسيوية، والدولية، وتتمنى اللاعبة الفلسطينية أن تلقى رياضة البيسبول وفريقها النسوي في غزة دعماً وتشجيعاً داخلياً وخارجياً، للمشاركة في مباريات محلية وعربية.

تحدي الظروف

على قدر السعادة التي كانت ظاهرة على وجه إيمان المغير، ارتسمت ابتسامات أخرى على وجوه زميلاتها اللواتي مارسن التدريبات الخاصة بالبيسبول على مدار ساعتين متواصلتين.

الإعلامية والرياضية الفلسطينية تغريد العمور، تشعر بسعادة عارمة لتمكنها من كسر قاعدة احتكار الشباب فقط للرياضة، من خلال التحاقها بالفريق الأول لهذه الرياضة في غزة، في حين لاقت تشجيعاً واسعاً من عائلتها الرياضية أيضاً، فشقيقها الأكبر إسماعيل لاعب منتخب فلسطين لكرة القدم، وشقيقها الأصغر يلعب في صفوف النادي الرياضي الغزي لكرة القدم.

وقالت العمور، بعد انتهائها من حصة تدريبية داخل ملعب الهلال، إن «شغفي في رياضة البيسبول بدأ يتغلغل في داخلي، من خلال متابعتي لأفلام هوليوود، فقد أحببت كثيراً الأفلام الأميركية التي تدور أحداثها حول هذه اللعبة، إذ شاهدت من خلالها فتيات يمارسن هذه الرياضة، وطالما تمنيت ممارستها ذاتياً داخل غزة».

وأضافت «فرحت كثيراً حين علمت أن هذه اللعبة باتت متاحة حالياً في غزة، وأنه بإمكاني بعد الإعلان عن نواة فريق الفتيات، أن أكون واحدة من هذا الفريق، وقد لاقى هذا الأمر اهتماماً كبيراً من فتيات أخريات، تواصلن معي للانضمام إلى الفريق».

وأوضحت العمور أن مشاركتها في فريق البيسبول يهدف إلى تحفيز غيرها من الفتيات على كسر حاجز الروتين، من خلال لعب الرياضة بطريقة مختلفة.

وتشير الإعلامية واللاعبة الرياضية إلى أن رياضة البيسبول سهلة، ولا تحتاج إلى مجهود كبير، وأنها من أكثر أنواع الرياضة التي تراها مناسبة للفتيات، كونها بعيدة عن الاحتكاك والخشونة، كباقي الرياضات الجماعية الأخرى.

وقالت العمور إن «هذه اللعبة تخرجنا من الأجواء الكئيبة، إلى عالم آخر مملوء بالحيوية والمرح».

أما الفتاة وسام أبوعبيد، فقد تمكنت من الالتحاق بفريق البيسبول النسوي في غزة، محققة رغبتها الشخصية في ممارسة الرياضة التي تحبها، خصوصاً أنها لم تلقَ اعتراضاً من أسرتها لممارسة هذه اللعبة.

وقالت إن «الفتيات المشاركات في فريق البيسبول الغزي تغلبن على نظرات أهالي القطاع التي تحكمها عادات وتقاليد المجتمع، وتحدين كل الظروف المحيطة بهن، ليحلّقن بطموحاتهن عالياً من أجل تحقيقها، وممارسة الرياضة التي يحببنها».

يذكر أن الفتيات في غزة لا يحصلن على الحرية الكاملة في ممارسة الرياضة التي يحببنها على عكس الضفة الغربية، الأمر الذي جعل مشاركتهن في اللعبة الأميركية أمراً مستغرباً.

تطور الفكرة

وجاءت فكرة إنشاء فريق خاص برياضة البيسبول في غزة عقب اقتراح قدمه مدرب الفريق أثناء وجوده، أخيراً، في مصر خلال حواره مع مدرب عراقي.

وقال مدرب الفريق النسوي، محمود طافش، لـ«الإمارات اليوم»: «بعد اقتراحي فكرة تكوين فريق للبيسبول في غزة على وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، عكفت على تكوين فريق يتكون من 20 شاباً، و20 فتاة، ليكون هذا الفريق هو الأول على مستوى فلسطين، والرابع عربياً من حيث تشكيلة الإناث».

وأوضح «وجدت إقبالاً كثيفاً من الفتيات للانضمام إلى فريق البيسبول، خصوصاً أن الملعب الذي نمارس فيه تمارين اللعبة الأميركية مغلق، ولا يلقى أي اعتراض من جانبهن أو من قبل عائلاتهن».

ويشير طافش إلى أن الفريق النسوي للعبة البيسبول حصل على موافقة من وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية لتشكيله خلال الشهور الماضية.

ويسعى مدرب فريق البيسبول الغزي، خلال الشهور الثلاثة المقبلة، إلى تنظيم أول دوري للعبة الأميركية لكلا الجنسين على مستوى محافظات القطاع، كما يتطلع إلى المشاركة في المحافل الدولية، بعد أن يتمكن فريقه من السفر دون مواجهة أي عقبات بسبب إغلاق المعابر.

وتواجه رياضة البيسبول صعوبات متعددة في القطاع، بسبب عدم توافر أدواتها الأصلية، بالإضافة إلى عدم وجود ملاعب مناسبة، خصوصاً لهذه اللعبة، ما يؤثر في إتقان اللعب والتمارين، بحسب طافش.

تويتر