أمامها مسافة طويلة لتصبح عضواً كاملاً

البوسنة والهرسك تخطو أولى خطواتها لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي

صورة

شكّل قرار الاتحاد الأوروبي الذي أعلنه أخيراً بشأن بدء محادثات مع جمهورية البوسنة والهرسك للانضمام إلى التكتل، لحظة تاريخية للبلاد، في خضم حرب أوكرانيا والتحول في المشهد الجيوسياسي، لكن يبقى أمام سراييفو طريق طويل قبل أن تصبح عضواً في الاتحاد. فقد أعطى زعماء الاتحاد الأوروبي أخيراً «موافقة مشروطة» على إطلاق محادثات الانضمام مع البوسنة والهرسك، ولن تبدأ المفاوضات قبل أن تُجري الجمهورية الواقعة في البلقان العديد من الإصلاحات الجوهرية. وهنّأ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، سراييفو، وغرد عبر موقع «إكس»: «الآن يتعين مواصلة العمل الشاق».

توقع إجراء مزيد من الإصلاحات

يشار إلى أن البوسنة مرشحة رسمياً لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 2022، لكن تعين عليها إجراء عدد من الإصلاحات قبل منحها الضوء الأخضر لبدء محادثات الانضمام. وأقر زعماء التكتل بأن البلاد أنجزت بعض الخطوات المطلوبة في سبيل ذلك، لكن من الضروري تحقيق مزيد من التقدم في ما يتعلق بالإصلاحات في مجال القضاء والانتخابات.

ودفعت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التكتل الأوروبي إلى تنشيط مساعيه لضم أعضاء جدد. وقرر الاتحاد في ديسمبر الماضي، فتح محادثات العضوية مع أوكرانيا ومولدوفا. وتوسيع التكتل بضم أعضاء جدد، جزء من محاولاته للتصدي لنفوذ روسيا والصين في الفناء الخلفي للاتحاد. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن البوسنة صارت الآن «متوافقة تماماً» مع السياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، فقد أدارت ملف الهجرة على نحو أفضل، وتبنّت قوانين لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

كما رحبت فون دير لاين، بموافقة سراييفو على إدراج قرارات المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في السجلات الجنائية الوطنية للجمهورية. وأشارت أيضاً إلى اتخاذ مزيد من الخطوات نحو الحوار والمصالحة في أعقاب الحرب البوسنية 1992-1995، وتشكيل لجنة جديدة لتحقيق السلام.

يذكر أن بدء المفاوضات ما هو إلا شروع في عملية طويلة للقيام بمزيد من الإصلاحات المضنية التي عادة ما تتواصل على مدار سنوات عديدة، قبل أن تنضم دولة ما إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف.

ولكن المخاطر ماتزال قائمة في البوسنة والهرسك، حيث يتمتع رئيس جمهورية صرب البوسنة (صربسكا) ذات الأغلبية الصربية، ميلوراد دوديك، بنفوذ واسع على الكيان الصربي في البوسنة على مدار سنوات. ودوديك مقرب من روسيا، وقد سعى في أحيان كثيرة إلى تأجيج التوترات العرقية، وعرّض للخطر مسار انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي. وقطع جيران البوسنة في الإقليم - مقدونيا الشمالية، والجبل الأسود (مونتنيغرو) وصربيا وألبانيا - شوطاً طويلاً بالفعل في جهودهم صوب الانضمام للاتحاد الأوروبي، لكن مازالوا على مسافة بعيدة من نيل العضوية.

عقبات في طريق العضوية

قُوبل قرار الاتحاد الأوروبي بفتح مفاوضات العضوية مع البوسنة والهرسك بمعارضة شديدة من هولندا والدنمارك وفرنسا وإستونيا، حيث قالت هذه الدول، إن ما أحرزته سراييفو من تقدم مايزال محدوداً. وناقش البرلمان في هولندا مسألة منع بدء المحادثات، لكنه لم يتمكن من تقييد يد رئيس الوزراء، مارك روته، في نهاية المطاف. وحذّر روته من أن استخدام حق النقض (الفيتو) قد يجلب «أضراراً جسيمة» لهولندا، وتمكن من إقناع الأغلبية بأن تصل إلى قرار أكثر تساهلاً.

وطلب البرلمان من رئيس الوزراء تعطيل الاتفاق المتعلق بإطار التفاوض - وهو ما يمثل خطوة إجرائية قبل أن تبدأ المحادثات الحقيقية - إلى حين وفاء البوسنة بالمتطلبات الإضافية الثمانية التي وضعتها المفوضية الأوروبية أواخر العام الماضي. وبذلك تمكّن روته من الحصول على ضوء أخضر رمزي لبدء مفاوضات الانضمام.

ومن ناحية أخرى، أسهم مؤيدو دول البلقان مثل النمسا وكرواتيا وإيطاليا والمجر وسلوفينيا، في تسريع وتيرة تقدم سراييفو على مسار الانضمام للاتحاد الأوروبي.

ووصف رئيس وزراء سلوفينيا، روبرت غولوب، قرار الاتحاد بشأن البوسنة بالرسالة المشجعة لمنطقة غرب البلقان بأكملها، والتي من شأنها أن تسهم في استقرارها وتنميتها.

جدول زمني لانضمام أوكرانيا ومولدوفا

ودعا رئيس رومانيا، كلاوس يوهانيس، إلى وضع جدول زمني متوقع لحصول أوكرانيا ومولدوفا على عضوية التكتل، وإلى سرعة التصديق على أطر التفاوض من قِبل المفوضية الأوروبية، وأيضاً إلى تنظيم أول مؤتمر على مستوى الحكومات مع البلدان المرشحة. يشار إلى أن رئيس وزراء البرتغال المنتهية ولايته، أنطونيو كوستا، كان من ضمن من تبنّوا نهجاً أكثر حذراً.

وعلى الرغم من أن كوستا لم يعارض مسألة انضمام أوكرانيا ومولدوفا ودول غرب البلقان، فإنه قال في مناسبات عدة، إنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي تسريع وتيرة العملية واتخاذ القرار على أساس العواطف، في إشارة على وجه التحديد إلى أوكرانيا التي تتصدى لهجوم روسي شامل على أراضيها منذ فبراير 2022.

كرواتيا تؤيد بشدة انضمام البوسنة

وقال رئيس وزراء كرواتيا، أندريه بلينكوفيتش، إن البوسنة لديها الحافز لمواصلة الإصلاحات وتعديل قوانين الانتخابات التي تؤدي إلى التفوق في عدد الأصوات ضد الكروات. وقال بلينكوفيتش لإذاعة وتلفزيون الهرسك - البوسنة، ومقرها مدينة موستار: «هذا القرار يشكل حافزاً رائعاً لمزيد من الإصلاحات واللحاق بالركب، حتى تتمكن البوسنة من الانضمام إلى القافلة التي انضمت إليها أوكرانيا ومولدوفا قبل ذلك بقليل».

يشار إلى أن النظام الانتخابي في البوسنة والهرسك يعتمد على ثلاثة أعراق. وتدعو الأحزاب السياسية البوسنية إلى التخلي عن هذا المبدأ العرقي في العملية الانتخابية. ويخشى الكروات الذين يقل عددهم عن البوشناق (المسلمين) في البوسنة بثلاث مرات (نحو 14.2%، مقابل 59.5%)، خسارة الأصوات، وهو ما حدث بالفعل أربع مرات في انتخاب أعضاء الرئاسة الجماعية.

زخم لضم أعضاء جدد من غرب البلقان

وقال ممثل الاتحاد الأوروبي الخاص للحوار بين بلغراد وبريشتينا، ميروسلاف لايتشاك، إن الزخم يتنامى في بروكسل لقبول أعضاء جدد في التكتل.

وأضاف لايتشاك: «لقد تغير بالفعل المناخ في بروكسل وفي الدول الأعضاء (في الاتحاد الأوروبي). الأعضاء الآن مهتمون بالتوسيع على نحو جدي. الأبواب مفتوحة».

وأخيراً دعا المبعوث الأميركي لغرب البلقان، غابرييل اسكوبار، مقدونيا الشمالية بقوة، إلى تحقيق تقدم في محادثات الانضمام إلى التكتل الأوروبي. وغرد اسكوبار عبر موقع «إكس» قائلاً: «كانت مقدونيا الشمالية شريكاً قوياً للغاية، على المستوى الثنائي وفي المحافل متعددة الأطراف، مثل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا». وأضاف أن الإدارة الأميركية تتوقع التزام الحكومة الجديدة في مقدونيا الشمالية بالنسبة لحلف شمال الأطلسي والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ومكافحة الفساد.

. قوبل قرار الاتحاد الأوروبي بفتح مفاوضات العضوية مع البوسنة والهرسك بمعارضة شديدة من هولندا والدنمارك وفرنسا وإستونيا، حيث قالت هذه الدول، إن ما أحرزته سراييفو من تقدّم مازال محدوداً.

. البوسنة مرشحة رسمياً لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 2022، لكن يتعين عليها إجراء عدد من الإصلاحات قبل منحها الضوء الأخضر لبدء محادثات الانضمام. وأقر زعماء التكتل بأن البلاد أنجزت بعض الخطوات المطلوبة في سبيل ذلك، لكن من الضروري تحقيق مزيد من التقدم في ما يتعلق بالإصلاحات في مجال القضاء والانتخابات.

تويتر