ألقى خطاباً مفعماً بالحيوية في الكونغرس بشأن حالة الاتحاد

محللة بريطانية: خطاب بايدن غير المعتاد ربط سياسته بالدفاع عن الديمقراطية

صورة

ترى المحللة البريطانية، ليزلي فينجاموري، أنه بعد واحد من الأسابيع الأكثر أهمية في التقويم السياسي الأميركي، هناك وضوح أكثر قليلاً بشأن ما يمكن توقعه من الولايات المتحدة، لكن ليس كثيراً. وشهد «الثلاثاء الكبير» انسحاب سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، من سباق الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، ما أكد أن الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب هما المرشحان المفترضان لحزب كل منهما.

وقالت فينجاموري، وهي مديرة برنامج الولايات المتحدة والأميركيتين ورئيسة هيئة التدريس بأكاديمية الملكة إليزابيث الثانية للقيادة في الشؤون الدولية: إنه «إذا سارت الأمور كما هو متوقع حالياً، فإن واحداً من هذين الرجلين سوف يصبح رئيساً لولاية ثانية».

وأضافت فينجاموري في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، أن استطلاعات الرأي ماتزال تشير إلى أن من المرجح أن تكون هذه الانتخابات متقاربة النتيجة، ومن الصعب التكهن بها.

الناخبون الأميركيون منقسمون إلا أن بعض كتل الناخبين الأكثر أهمية ليسوا حتى الآن من المتحمسين للتصويت لمصلحة أي من المرشحين، وفي انتخابات تتوقف على إقبال الناخبين، يعد هذا الأمر مهماً. وكان خطاب بايدن بشأن حالة الاتحاد مطمئناً بالكاد. وبينما كان مقيداً بالمعايير البرلمانية، فإن التغير في النغمة كان ملموساً بالنسبة لجماهير أميركية معتادة على الإجراءات الشكلية والوحدة في هذا اليوم.

وكان الرئيس مفعماً بالطاقة وقوياً، وفي كل خطابه أشار بايدن مراراً إلى سلفه، الذي كان نقطة تركيز هذا الخطاب وهدفه، ولكن لم يذكر اسمه على الإطلاق. وبقدر كونه خطاب حملة انتخابية في صورة خطاب رئاسي، فإنه بدا مناسباً للفترة الزمنية الحالية، لكنه غير معتاد كخطاب بشأن حالة الاتحاد.

وأكد خطاب بايدن الخلافات الصارخة مع دونالد ترامب، والاستقطاب بين حزبيهما. ويكتسب الوضع الصعب والمثير للقلق الذي تُجرى فيه انتخابات عام 2024، أهمية، نظراً لأن المرشحين البارزين لديهما وجهات نظر على طرفي نقيض ليس فقط بشأن العالم ولكن أيضاً بشأن بعض القضايا الأكثر إلحاحاً في مجال السياسة الخارجية.

ولم يحاول بايدن أن يختلق وحدة خيالية، أو إجماعاً عبر هذا الانقسام الكبير، بل على النقيض، تحدث الرئيس قليلاً عن نقطة الاتفاق النسبي وهي الصين، التي تمثل التحدي الجيوسياسي الأكثر أهمية. وفي تحول غير متوقع، كان الخطاب طويلاً بشأن الأولويات الداخلية، وقصيراً بشأن كل شيء آخر له علاقة بالسياسة الخارجية. وأعلن بايدن الحاجة المُلحة إلى المعركة للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا.

ووجه بايدن أيضاً انتقادات لاذعة لخصومه في الكونغرس، بعدما مارس ترامب ضغوطاً على الجمهوريين، لحملهم على عدم التصويت لمصلحة مشروع قانون حديث بشأن الإنفاق لربط أمن الحدود بدعم أوكرانيا. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تم فيها استخدام خطاب لحالة الاتحاد لتحديد تهديد خارجي. ففي عام 2002، أشار الرئيس السابق جورج دبليو بوش إلى كوريا الشمالية وإيران والعراق على أنهم «محور الشر» في مسعى لحشد الدعم لما أصبح يُسمى «الحرب على الإرهاب».

ولكن قرار بايدن بأن يستهل الخطاب بأوكرانيا كان مختلفاً، وكان الدافع وراء ذلك رغبته في تشويه سمعة خصم أجنبي، أقل من رغبته في وصف خصمه الداخلي بأنه التهديد الرئيس للديمقراطية في كل من أوروبا والولايات المتحدة.

وبعد استنكار تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتأكيد أهمية الدفاع عن أوكرانيا، ربط الرئيس بايدن النضال على نحو سلس تقريباً بالهجوم على الديمقراطية في أميركا. ودان بايدن سلفه، لأنه يغرس في الولايات المتحدة الأفكار الأقدم الخاصة بالكراهية والغضب والانتقام والقصاص بدلاً من غرس قيم الأدب والذوق والديمقراطية.

وتابعت فينجاموري أن خطاب حالة الاتحاد كان طويلاً بشأن سياسية الرئيس بايدن الاقتصادية وتركيزه على الطبقة العاملة، وعلى توفير فرص العمل، وفرض ضرائب على الشركات الأميركية والأثرياء الأميركيين. وأرسل الخطاب أيضاً إشارة واضحة إلى أن استراتيجية بايدن بشأن الاقتصاد ستهيمن عليها ما يراه الكثير من الأوروبيين بأنه شكل من القومية الاقتصادية، وهي استراتيجية تؤكد التصنيع الأميركي والوظائف الأميركية.

واحتلت الشؤون السياسية مكاناً رئيساً طول الخطاب، واستمر الجهد لدفع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بمهارة في بلد منقسم بشكل متزايد بشأن الحرب في غزة. وفي لحظة دقيقة لا يجب أن تمر مرور الكرام، تحدث الرئيس الأمريكي أيضاً عن مشكلة النفاق الأميركي ولكن هذه المرة في الداخل، ما يؤكد الفجوة بين فكرة أميركا التي جوهرها «خلقنا متساوون ونستحق معاملة على قدم المساواة، مع تعريف وتوصيف حاد وهو أننا لم نسع مطلقاً لتطبيق تلك الفكرة على أرض الواقع ولكننا لم نبتعد عنها»

ويختلف الإطار لانتخابات عام 2024 كثيراً عن عام 2020 من جوانب عدة، فقد دفع اضطراب مثل جائحة «كوفيد-19»، واحتجاجات «حياة السود مهمة» وقضايا مثل الخوف من معدلات الجريمة المرتفعة، الكثير من الناخبين الأميركيين إلى المشاركة في الانتخابات في عام 2020، والآن خفت حدة كل هذه الأشياء.

والآن، يبدو تقريباً وكأن أوروبا أكثر قلقاً من الكثير من الأميركيين بشأن نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة. وسوف تفعل السياسات الأميركية القليل هذا الأسبوع لتخفيف ذلك الخوف ولكن ربما تضفي عليه إلحاحاً متجدداً.

واختتمت فينجاموري تقريرها بالقول إن خطاب حالة الاتحاد إشارة إلى أنه في الشهور المقبلة سوف يحاول كلا المرشحين غرس نفس الإحساس بالإلحاح في نفوس الناخبين الأميركيين.


مهاجمة الخصوم

ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، خطاباً هو من الأكثر حماسة من منصة الكونغرس، ليحول المناسبة التي عادة ما تكون رسمية وتقليدية، إلى حدث أشبه بتجمع سياسي.

وهاجم خصمه منذ بدء خطابه، متهماً ترامب بـ«الخضوع» للرئيس الروسي، وبأنه تهديد للديمقراطية الأميركية. كما هاجم النواب الجمهوريين، واعتبرهم دمى بين يدي الرئيس السابق. وكان الهدف أيضاً تبديد شكوك الناخبين المترددين بسبب عمره، ليلقي كلمة مفعمة بالحيوية شهدت انتقادات للجمهوريين لم تخلُ من النكات. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار، للصحافيين الذين رافقوها إلى فيلادلفيا إن بايدن «حقق إنجازاً كبيراً».

ورد ترامب (77 عاماً) على بايدن، الجمعة، قائلاً إن الأخير «مختل» وأضاف أن خطابه «يتعرض لانتقادات في أنحاء العالم» دون تقديم أمثلة على ذلك.

وقال ترامب إنه مستعد لمواجهة بايدن في مناظرة تلفزيونية «في أي وقت»، لكن بايدن قال للصحافيين الجمعة إن ذلك «يعتمد على سلوك» منافسه.

. أكد خطاب بايدن الخلافات الصارخة مع دونالد ترامب والاستقطاب بين حزبيهما.

. أوروبا أكثر قلقاً من الكثير من الأميركيين بشأن نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة.

تويتر