طالب وزير المالية بزيادة مخصصات الفقراء

غوردون براون ينتقد «المستويات الفاحشة» من العوز في المملكة المتحدة

صورة

قال رئيس وزراء بريطانيا السابق غوردون براون إن بريطانيا تعاني «وباء» فقر خفي، حيث تعيش الأسر الأكثر تضرراً في ظروف مزرية من دون طعام وتدفئة وأساسيات يومية، مثل الملابس النظيفة.

واتهم براون الحكومة بوضع جدار من الصمت حول «المستويات الفاحشة» من الفقر في المملكة المتحدة، وانتقد الوزراء بسبب «التمزيق المنهجي» لنظام الضمان الاجتماعي، الذي كان يوفر ذات يوم شبكة أمان للشريحة الأكثر فقراً من البريطانيين.

وقال براون «مما يثير الغضب الأخلاقي أن الحكومة غير مستعدة لمعالجة حالة الطوارئ الاجتماعية، التي خلقت الملايين من الضحايا المنسيين الذين لا صوت لهم»، وهو ما قارنه في مقال لصحيفة الغارديان بفضيحة مكتب البريد المتعلقة بحجم الإهمال الوزاري.

ووصف براون حالات الفقر التي شاهدها في بلدته «كيركالدي»، حيث يعاني نحو 70% من سكانها الفقر في بعض الأحياء، باعتباره من أسوأ المشاهد التي رآها طوال حياته. وقال رئيس الحكومة البريطاني السابق في مقابلته مع «الغارديان»: «في عام 2010 كنا نقدم المساعدة لـ100 طفل في عيد الكريسماس عبر برامج المنظمات الخيرية. وخلال آخر عيدي كريسماس بلغ عدد الأطفال الذين حصلوا على المساعدة نحو 1800 طفل».

المشاركة في أسرّة النوم

ووصف براون بريطانيا بالقول «يطاردها الفقر الذي اعتقدنا أنه أصبح في طي التاريخ»، وتفاقمت الأوضاع بالنسبة للعائلات المعوزة التي يفتقر أطفالها للملابس المناسبة، حيث يتوجب على أفرادها مشاركة بعضهم بعضاً في أسرّة النوم، وهو أمر جعل آباءهم يشعرون بالخجل، لأنهم لم يتمكنوا من تأمين هذه الأساسيات لهم، ويخشون أن يتم نزع أطفالهم منهم رغماً عنهم إلى دور الرعاية، بهدف تأمين حياه أفضل لهم.

وتوجه براون إلى وزير المالية جيرمي هانت، وتحداه أن يستخدم ميزانية شهر مارس لمعالجة معاناة العائلات التي سيكون عام 2024 بالنسبة لها أسوأ الأعوام من الناحية المالية في ذاكرتهم الحية. وقال براون «في اقتصاد متطور، لا ينبغي أن يكون فيه أشكال الحرمان، هذه مسألة أيديولوجية، بل قضية أخلاق».

ودعا براون الوزير هانت إلى إجراء مراجعة شاملة للمساعدات التي يتم تقديمها للعاطلين عن العمل، وجميع الفقراء العاجزين عن تأمين أساسيات العيش، وتوسيع صندوق الحكومة لدعم الأسر بقيمة 900 مليون جنيه إسترليني، والذي يواجه حالياً خطر الإلغاء اعتباراً من أبريل. ويقدم الصندوق مساعدات طارئة، مثل قسائم الطعام والأسرّة وأجهزة الطهي للأسر المتعثرة.

شبكة المنظمات الخيرية

وجاءت تعليقات براون عندما نشر مراجعة الصعوبات التي تواجه المملكة المتحدة نيابة عن مشروعه «مالتي بانك»، وهو عبارة عن شبكة للمنظمات الخيرية المحلية التي تم تطويرها من قبل مكتب «غوردون وسارة براون»، الذي يعمل على استيراد وتوزيع الملايين من السلع الفائضة لدى الشركات على العائلات المحتاجة، بدءاً من الصابون والشامبو وحتى الأسرّة، وحفاضات الأطفال، ولفائف ورق الحمام، وغيرها.

وتتوقع المراجعة بأن الأزمة الحالية التي لا يمكن وصفها بأنها «أزمة تكاليف العيش»، وإنما الوصف الأفضل لها هو القول بأنها «أزمة تكاليف البقاء على قيد الحياة»، ستتواصل بالنسبة للعديد من العائلات، لأن أسعار الطعام والوقود لاتزال مرتفعة، كما أن مستويات المساعدات للعاطلين والعائلات العاجزة عن تأمين الأساسيات لاتزال منخفضة للغاية، ولا تتناسب مع ارتفاع قيمة الفواتير.

وباعتباره كان وزير المالية، ثم أصبح رئيس الوزراء في حكومات حزب العمل الذي بقي في السلطة من عام 1997 إلى 2010، أشرف براون على خطط طموحة، عملت على خفض كبير في مستويات الفقر في المملكة المتحدة من خلال إنفاق أموال إضافية على الفقراء وأصحاب الدخل المنخفض والأشخاص ذوي الإعاقة، من أجل زيادة دخلهم ومساعدتهم في الحياة اليومية، إضافة إلى البرامج الاجتماعية، مثل برامج أصحاب الدخل الأكثر انخفاضاً.

أزمة فقر مدقع

وأدت التخفيضات اللاحقة على الإنفاق في الرعاية الاجتماعية في ظل سلطة حكومات المحافظين والائتلاف الذي كان بقيادتهم منذ عام 2010، إلى انهيار مستويات المساعدات المقدمة إلى الفقراء والعائلات المحتاجة، وانفجار أزمة فقر مدقع. وفي عام 2022، عانى نحو مليون طفل الفقر المدقع، ما يعني أن عائلاتهم عاجزة عن تحمل نفقات تقديم الغذاء المناسب، والملابس، أو حتى تنظيفها، أو المحافظة عليهم في منزل دافئ.

وقال براون لصحيفة الغارديان إن ثمة حاجة ماسة لإجراء إصلاح عاجل للمساعدات المقدمة إلى أصحاب الدخل المنخفض، والعاطلين عن العمل أو العاجزين عن تأمين النفقات من أجل أساسيات العيش. وهي غير كافية حالياً لتغطية نفقات الحاجات الأساسية، وقد زاد إضعافها بالنسبة للعديد من العائلات جراء اقتصارها على طفلين فقط، وتحديد الحد الأقصى لما يمكن أن تستحقه كل عائلة، إضافة إلى ضريبة غرفة النوم. ومع ذلك، امتنع براون عن تحديد المبلغ المطلوب لتحسين قيمة المساعدات المقدمة للعاطلين عن العمل والعائلات الفقيرة العاجزة عن تأمين الأساسيات، ولم يدخل براون إلى البرلمان كعضو منذ عام 2015، وقال إنه «ليس دوره أن يكتب في قضايا سياسية».

نقاش ساخن

وفي العام الماضي، دخل حزب العمال في نقاش داخلي ساخن، يدور حول ما إذا كان سيتم إلغاء حد تقديم المساعدة لطفلين فقط في العائلة، وهي خطوة رفضها رئيس حزب العمال كير ستارمر في وقت لاحق.

وقال متحدث باسم الحكومة «يوجد الآن نحو 1.7 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع، مقارنة بعام 2021، من ضمنهم 400 ألف طفل، ولكننا نعلم أن الناس يواصلون الكفاح لتأمين معيشتهم، ولذلك نقدم دعماً قياسياً لكلفة المعيشة لأولئك الأكثر فقرا ومعاناة، بقيمة متوسطها 3700 جنيه إسترليني لكل أسرة». وسيتم رفع قيمة هذه المساعدات في شهر أبريل المقبل.

وأضاف المتحدث «ولكننا ندرك أن تأمين العمل هو أفضل طريقة لتحقيق الأمن المالي لهم، لهذا فإننا نقوم باستثمار المليارات من خلال برنامج خطة العودة إلى العمل، الذي من المتوقع أن يقدم المساعدة لنحو مليون شخص كي يتمكنوا من إيجاد عمل، إضافة إلى توسيع مساعدات الرعاية للأطفال، والحد من التضخم، وخفض الضرائب، حتى يتمكن الناس من الحصول على مزيد من المال الذي يكسبونه في أعمالهم».

عن «الغارديان»

. تفاقمت الأوضاع بالنسبة للعائلات المعوزة التي يفتقر أطفالها للملابس المناسبة، حيث يتوجب على أفرادها مشاركة بعضهم بعضاً في أسرّة النوم، وهو أمر جعل آباءهم يشعرون بالخجل، لأنهم لم يتمكنوا من تأمين هذه الأساسيات لهم، ويخشون أن يتم نزع أطفالهم منهم.

تويتر