قادة الأحزاب لم يتمكنوا من الاتفاق على ائتلاف

هولندا تعيش حالة تشتت بعد فشل اليمين المتشدد في تشكيل الحكومة

صورة

وصلت المفاوضات لتشكيل حكومة بقيادة اليمين المتشدد في هولندا إلى طريق مسدود، ما جعل هولندا في حالة ضياع وتشتت، وسط فشل في إنشاء ائتلاف سياسي، بقيادة عضو البرلمان اليميني المتشدد والمعادي للإسلام خيرت فيلدرز.

وحقق حزب خيرت المعروف باسم «حزب الحرية» نصراً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية التي جرت في البلاد، في حملة تعهدات تتضمن تخفيضاً كبيراً على المهاجرين. وتفاوض خيرت مع ثلاثة أحزاب أخرى لتشكيل حكومة يمكن أن تشكل الأغلبية في غرفة البرلمان السفلى في البرلمان الهولندي، البالغ عدد مقاعدها 150 مقعداً.

وقال خيرت، الأربعاء الماضي، على موقع «إكس»، إن نتائج الانتخابات تظهر أن الهولنديين «يريدون حكومة يمينية مع حزب الحرية»، ولكن الشركاء المحتملين في الائتلاف كانوا يشعرون بالقلق من خططه المثيرة للقلق، والإشكاليات. وسعى خيرت إلى ترضيتهم، الشهر الماضي، عن طريق سحب مسودة قانون تتضمن حظراً على المساجد والمدارس الإسلامية، والقرآن.

وعلى الرغم من التنازلات التي قدمها خيرت، وصلت التوترات إلى ذروتها، ليلة الثلاثاء، عندما انسحب أحد القادة، وهو رئيس حزب العقد الاجتماعي الجديد، بيتر أومتزيغت، من محادثات الائتلاف. وكان من المقرر أن يقدم المسؤول الرسمي الذي يرعى المفاوضات تقريراً إلى أعضاء البرلمان في غضون أيام عن أي تقدم يحرزه الطرفان خلال شهرين من الاجتماعات المغلقة.

ماذا حدث؟

قال أومتزيغت في بيان مكتوب إنه شعر بالصدمة من الوضع المالي للحكومة، وإنه أوقف المحادثات في الوقت الحالي. وانتقد الوزير السابق في حكومة حزب العمال، رونالد بلاستيرك، الذي اختاره خيرت كي يشرف على المفاوضات، لأنه نشر التفاصيل المالية هذا الأسبوع، عندما تلقاها قبل نحو أسبوعين من الآن.

وعبّر بيان أومتزيغت، المؤلف من سبع فقرات، عن حالة الإحباط وخيبة الأمل، نتيجة الأرقام التي تلقاها المتفاوضون مع نهاية الجولة الأولى من المحادثات، التي كان من المقرر أن تنتهي بحلول نهاية الأسبوع الماضي. وقال البيان «لا يرغب حزب العقد الاجتماعي الجديد في تقديم أي وعود إلى الشعب الهولندي تحت أي ظرف من الظروف، وهو يعلم مسبقاً أنها وعود فارغة، ولا يمكن تحقيقها خلال فترة الحكومة المقبلة».

من كان يشارك في المفاوضات؟

فاز حزب الحرية بزعامة فيلدرز بـ37 مقعداً في مجلس النواب في نوفمبر، ويمكنه أن يتخذ المبادرة في عملية صنع الائتلاف. ويمتلك حزب يمين الوسط، حزب الحرية والديمقراطية، 24 مقعداً، ومع ذلك فقد تم اعتباره أكبر خاسر في هذه الانتخابات. وقاد هذا الحزب رئيس الحكومة السابقة مارك روته، حيث هيمن على الفترات البرلمانية الأربع الماضية. وسيتخلى روته عن السياسة الهولندية حالما يتم تشكيل حكومة جديدة. ويعتبر مرشحاً قوياً لترؤس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسلم قيادة حزب الحرية والديمقراطية إلى الوزيرة السابقة في حكومته، ديلان يشيلغوز-زيجيريوس.

وفاز حزب العقد الاجتماعي الجديد بقيادة أومتزيغت بـ20 معقداً، متعهداً تنظيف السياسة الهولندية، بعد سلسلة من الفضائح التي هزت المشهد السياسي الهولندي في السنوات الأخيرة. ومن ثم هناك حركة المواطن المزارع، التي استغلت الغضب في قطاع الزراعة وأماكن أخرى في المجتمع للفوز بسبعة مقاعد.

ولم يكشف الزعماء تفاصيل عن مفاوضاتهم، ولكن في الأيام الأخيرة بدأوا في تبادل الاتهامات ضد بعضهم بعضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو مؤشر إلى تدهور المزاج العام لديهم.

ماذا يقول قادة الأحزاب الأخرى؟

وسارع فيلدرز إلى وسيلته المفضّلة في التواصل، وهي موقع «إكس»، حيث كتب في ليلة الثلاثاء الماضي «إنه أمر مخيب للآمال على نحو غير معقول، إذ إن الهولنديين يريدون هذه الحكومة، ويقوم بيتر أومتزيغت بالاستسلام وعدم متابعة المفاوضات، بينما لانزال في المناقشات حتى اليوم. وأنا لا أفهم أسباب ذلك على الإطلاق». وقال للصحافيين يوم الأربعاء إنه يشعر بـ«الصدمة والذهول» لقرار أومتزيغت. وقال إن هذه الأحزاب «كانت تشارك في مفاوضات جيدة وبناءة».

وأعربت يشيلغوز-زيجيريوس، وزعيمة حركة المواطن المزارع، كارولين فان دير بلاس، أيضاً، عن دهشتهما وخيبة أملهما. وأضافت زعيمة حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية، التي قالت قبل المحادثات إنها لا تريد أن تكون عضواً رسمياً في الحكومة التي يقودها فيلدرز، ولكنها مستعدة للمفاوضات بشأن دعمها في التصويتات الرئيسة: «أتمنى أن نستطيع الجلوس على طاولة مرة ثانية في أسرع وقت كي نستمع لما يجري بالضبط». ودعا المشرف الرسمي على المفاوضات بلاستيرك، إلى تفسير أومتزيغت لوقف المفاوضات بأنه «مشوش».

ما الذي يحدث الآن؟

دعا بلاستيرك الزعماء الأربعة إلى لقاء ليلة الأربعاء المقبل. وقال أومتزيغت لمحطة «إن أو إس» الإذاعية إنه لا يخطط لحضور اللقاء. ومن المقرر أن يلقي بلاستيرك خطاباً خلال المفاوضات في البرلمان خلال الأيام المقبلة. وستعقد الغرفة السفلى في البرلمان نقاشاً قبل أن تقرر ماذا تكون الخطوة التالية.

ولم يستبعد أومتزيغت في بيانه نوعاً من المشاركة في الحكومة المقبلة. وقال إن حزبه «سيواصل العمل بصورة بناءة، ولكن بحذر لتشكيل حكومة تعالج على نحو فعال المشكلات الملحة حالياً في الدولة. ويمكن القيام بذلك، على سبيل المثال، من خلال تقديم الدعم البنّاء لحكومة أقلية أو حكومة واسعة بأعضاء من خارج البرلمان». وأثار فيلدرز، الأربعاء الماضي، التوقعات غير المحتملة بتشكيل ائتلاف بقيادة كتلة يسار الوسط، التي يترأسها فرانس تيمرمانز، مفوض المناخ السابق في الاتحاد الأوروبي. وقال فيلدرز على موقع «إكس»: «أتمنى ألا يساعد قرار بيتر أومتزيغت بالانسحاب من تشكيل الحكومة الآن، فرانس تيمرمانز كي يتمكن من تشكيل حكومة برئاسته، لأن ذلك ليس في المصلحة الوطنية، وبالتأكيد ليس ما اختاره الناخب الهولندي».

وإذا فشلت كل الجهود الرامية إلى تشكيل ائتلاف قابل للاستمرار، فستكون هناك انتخابات جديدة، وهذا من شأنه أن يضيف هذه الانتخابات إلى القائمة الطويلة أصلاً من الانتخابات، التي تجري في العالم في عام 2024، بما في ذلك في الولايات المتحدة وبرلمان الاتحاد الأوروبي.

عن «إيل باييس»

. حقق حزب خيرت، المعروف باسم «حزب الحرية»، نصراً ساحقاً في الانتخابات البرلمانية التي جرت في البلاد في حملة تعهدات تتضمن تقليصاً كبيراً للمهاجرين.

. الزعماء لم يكشفوا تفاصيل عن مفاوضاتهم، ولكن في الأيام الأخيرة بدأوا تبادل الاتهامات ضد بعضهم بعضاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو مؤشر على تدهور المزاج العام لديهم.

تويتر