يحتاج إلى مزيد من المال والمجندين

إصلاح الجيش البريطاني يُعدّ تحدياً للحكومة المقبلة

صورة

لدى القوات المسلحة البريطانية الكثير لتفخر به. وتشارك البحرية الملكية في بعض من المناوشات البحرية الأكثر خطورة منذ حرب الفوكلاند، حيث أسقطت صواريخ الحوثيين من السماء فوق البحر الأحمر. ولايزال سلاح الجو الملكي يحلق في سماء العراق وسورية لمراقبة تحركات تنظيم «داعش». وقام الجيش بتدريب أكثر من 60 ألف جندي أوكراني في السنوات الـ10 الماضية، ليساعد في ضمان أمن إستونيا.

ومع ذلك، هناك شيء ليس على ما يرام في الجيش البريطاني. وعلى الرغم من أن البلاد هي سادس أكبر منفق عسكري في العالم والأكبر في أوروبا، فإنه ليس من الواضح دائماً أين تذهب الأموال. ويشغل أسطول البحرية فرقاطات ومدمرات أقل من اليابان أو كوريا الجنوبية أو فرنسا. وسيواجه الجيش، وهو أصغر عدداً لأول مرة منذ فترة طويلة، صعوبة في نشر فرقة ثقيلة واحدة.

لقد أفرغت بريطانيا خزانتها بشكل مثير للإعجاب لتسليح أوكرانيا، لكن مخزونها الضئيل من الذخيرة أصبح الآن مصدر قلق بالغ. «ما الخطأ الذي حدث؟».

المشكلة الأولى هي المسألة المالية. وفي عام 2020 تفاخرت الحكومة بأكبر زيادة مستدامة في الإنفاق الدفاعي منذ 30 عاماً. فهي تنفق ما يزيد قليلاً على 50 مليار جنيه إسترليني (64 مليار دولار) على الدفاع، وهو مبلغ يتجاوز عتبة حلف شمال الأطلسي (الناتو). ولكن خُمس الميزانية يذهب إلى الأسلحة النووية. ويجري الآن تفكيك القوات التقليدية، إذ تحتاج بريطانيا إلى المال لتغطية تكاليف الطاقة النووية الزائدة. وإذا استبعدنا الإنفاق النووي، فإن الإنفاق الدفاعي يبلغ نحو 1.75% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو عند منتصف المعدل الأوروبي.

صعوبات في التجنيد

المشكلة الثانية هي نقص القوى العاملة. ففي عام 2010، عندما جاء حزب المحافظين إلى الحكم، كان قوام الجيش البريطاني أكثر من 100 ألف جندي. ومن المقرر الآن أن ينخفض بأكثر من الربع. وتقول الحكومة إن التكنولوجيا تعني أن هناك حاجة إلى عدد أقل من الأشخاص عما كان عليه في الماضي. وفي غضون ذلك، تقوم البحرية الملكية بسحب السفن من الخدمة بسبب نقص البحارة. وغالباً ما تتطلب التكنولوجيا الجديدة عدداً أكبر من الموظفين لصيانتها وتشغيلها، وليس أقل. وحتى على نطاقه المصغر، فإن الجيش يواجه صعوبات في التجنيد، وسيكون تعزيز احتياطي الجيش أحد السُبل للمساعدة.

ولا يمكن إصلاح الجيش البريطاني دون مزيد من الأموال والناس. ولكن المشكلات الدفاعية التي تواجهها البلاد تمتد جذورها، أيضاً، إلى مشكلات أعمق تتعلق بالثقافة والتوقعات والمنهجية. وفي كثير من الأحيان، أدى التقشف المالي وقصر النظر، إلى قيام بريطانيا بشراء معدات متطوّرة، ومن ثم الاقتصاد في الأشياء التي تجعلها تعمل بشكل صحيح.

وتتحمّل وزارة الخزانة بعض المسؤولية عن هذا الوضع. وقد حفزت الإدارة وأسهمت في تأخير المشروعات باهظة الثمن. ويؤدي ذلك إلى ضبط الموازنة على المدى القصير، ولكنه يتسبب في ارتفاع التكاليف بشكل عام. ويمكن أن تؤدي قيود الإنفاق إلى نتائج عكسية.

في هذا السياق، خفض الجيش طلبية طائرات القيادة المحمولة جواً، «ويدجتايل»، من خمس إلى ثلاث طائرات، وهذا يعني أن سلاح الجو الملكي البريطاني قد لا يكون لديه ما يكفي في وقت الأزمات.

مشكلات متفاقمة

ومع ذلك، تستحق الإدارة، أيضاً، قدراً كبيراً من اللوم، لأنها أفسدت مشروعات كبرى بشكل متكرر. وهذا لا يقتصر على القوات المسلحة أو بريطانيا. ولكن إذا كانت بريطانيا جادة بشأن إعادة التسلح، فقد تضطر إلى شراء مزيد من المعدات الأجنبية الجاهزة، بدلاً من المطالبة بميزات جديدة، والإصرار على التصميم والتصنيع المحلي.

لقد قضى المحافظون 13 عاماً في السلطة وقاموا بأربع مراجعات دفاعية. ومع اقتراب الانتخابات، لن يتمكنوا من حل المشكلات التي تفاقمت لسنوات. ولكن مع تعرض أوكرانيا للخطر وإعادة تسليح روسيا بسرعة، فقد أصبح الدفاع مرة أخرى أكثر أهمية من أن يعاني الإهمال. ومثل الأسطول البريطاني القديم من المركبات المدرعة، لم يعد نظام الدفاع في البلاد جيداً بما فيه الكفاية. ويجب على الحكومة المقبلة أن تتحرك بسرعة وبجرأة لإصلاح هذه المشكلة.

أهداف جيوسياسية

لسنوات، ناضل الجيش البريطاني لجذب العاملين، ما أدى إلى خسارة صافية قدرها 3000 شخص في العام الماضي. وفي الفترة بين سبتمبر 2022 وأكتوبر 2023، انخفض عدد الأفراد من 79 ألفاً إلى 75 ألفاً. وبحلول عام 2025، تتوقع الحكومة أن ينخفض العدد مرة أخرى إلى 73 ألفاً. ويقول مسؤولون إن عدداً من العوامل اجتمعت معاً لخلق هذه المشكلة. الأول هو «سياسة القيم»، فالحروب التي خاضتها بريطانيا على مدى السنوات الـ20 الماضية كانت محل نزاع سياسي، وعلى هذا النحو، بالنسبة لكثير من الناس، فإن القضايا التي يتعامل معها الجيش البريطاني والأهداف الجيوسياسية لبريطانيا العظمى هي التي تلاحقها. ووفقاً للمسؤولين، فإن هذه الأهداف والقضايا بالنسبة للمملكة المتحدة «ليست جذابة بما فيه الكفاية، أو لا تستحق القتال من أجلها». وبعيداً عن المآزق الأخلاقية، هناك مشكلات ناشئة عن الواقع غير الجذاب للعمل في الجيش. ومثل معظم وظائف القطاع العام، تخلفت أجور الجيش عن مواكبة معدلات التضخم، بينما أصبح كثير من المرافق العسكرية دون المستوى المطلوب بسبب أمور مختلفة. وكانت هناك سلسلة من الفضائح، بما في ذلك أزمة التحرش الجنسي، وادعاءات بارتكاب جرائم حرب في أفغانستان.

عن «الإيكونومست» و«الغارديان»   


تجنيد هزيل

قال قائد القوات البريطانية، الجنرال باتريك ساندرز، خلال مؤتمر عسكري، هذا الشهر، إنه يتعين على المملكة المتحدة أن تدرب وتجهز «جيشاً من مواطنيها»، لأن سنوات من التجنيد الهزيل قد أدت إلى انخفاض عدد القوات المُدربة بشكل قياسي، ما يجعل البلاد معرّضة للتهديد. وعلى الرغم من أنه لم يدعُ إلى التجنيد الإجباري، فإن فكرة التعبئة العامة قد دقت جرس الإنذار.


73000 عدد القوات البريطانية المتوقع في 2025.

. تقول الحكومة إن التكنولوجيا تعني أن هناك حاجة إلى عدد أقل من الأشخاص عما كان عليه في الماضي.

. الحروب التي خاضتها بريطانيا على مدى السنوات الـ20 الماضية، كانت محل نزاع سياسي.

تويتر