المرصد

الكراهية والربح وموقع فيس بوك

أعلن منسق حملة «مناهضة بث الكراهية من أجل الربح» جيم سيتر، في حوار له أخيراً مع «رويترز»، أن «160 شركة عالمية كبرى وافقت على وقف إعلاناتها في شهر يوليو الجاري على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، حتى يتخذ الموقع إجراءات صارمة ضد أي محتوى عنصري يبث على صفحاته».

واعتبر سيتر هذا الإنجاز انتصاراً كبيراً لحملة واسعة تقوم بها منظمته «إعلام الفطرة السليمة» مع منظمة «الصحافة الحرة» و«عصبة مكافحة التشهير»، علاوة على «حياة السود مهمة» بعد مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد.

وينتوي التحالف المعادي للعنصرية السالف الإشارة إليه، نقل المعركة إلى أوروبا والعالم، بحسب سيتر، يشجعه على ذلك أن «فيس بوك ذاته اعترف بأن لديه الكثير مما يمكن عمله لتطوير أدوات مقاومة خطاب الكراهية، بعد أن نجح استثماره في الذكاء الاصطناعي في السماح له باستئصال 95% من مواد عنصرية قبل بثها».

ورغم لهجة التفاؤل التي يتحدث بها سيتر، فإن هناك تشكيكاً واسعاً من قبل العديد من المتابعين في حدود نجاح هذه الحملة، ارتكازاً إلى معطيات عدة.

فابتداء رغم أن «فيس بوك» يعتمد على الاعلانات بشكل أساسي في دخله البالغ 70 مليار دولار في العام (بحسب رويترز)، فإن الحجم الأكبر من هذا الدخل يأتي من الشركات الصغرى التي لا تستطيع الإعلان في التلفزيونات، ولا يشكل دخل الشركات الكبرى أكثر من 6%، وقدرة الحملة على الوصول إلى «الأسماك الصغيرة» محدود.

وثانياً أن كل الشركات أعلنت المقاطعة لشهر واحد، بما يجعلها شبه رمزية.

وثالثاً أن هناك تشكيكاً في طبيعة المقاطعة، فالصحافية الأميركية هيلين بيونسكي، ترى في مقال لها في «روسيا اليوم» أن أصابع الملياردير الغامض جورج سوروس تدخل في القصة، كما أن الكاتبة شوشانا ويدسكس تشكك - في مقال بموقع «جيزمودو» - في النوايا الاقتصادية للمنسحبين.

ورابعاً فإن تعبير الكراهية قد يكون واضحاً في بعض القضايا مثل «العنصرية ضد السود»، لكن عند تطبيقه في قضايا أخرى سينتهي به الحال إلى تحمل أكثر من تفسير، وعلى سبيل المثال وفي منطقتنا، تخلط إسرائيل عن عمد بين مفهومي «معاداة السامية» و«معاداة الاحتلال والاستيطان أو الحق الإنساني الفلسطيني»، وتقود أحياناً وسائل إعلامية عالمية في ذلك.

لهذه الأسباب فإن من الرومانسية التخيل بأن حملة «وقف إعلانات الكراهية» قد انتصرت، ولكن حتى لا نثبط الهمم، نقول إنها لاحت بأمل على الطريق للإعلام الجديد، ومثلت خطوة جيدة في طريق طوله مليار خطوة.


رغم أن «فيس بوك» يعتمد على الإعلانات بشكل أساسي في دخله البالغ 70 مليار دولار في العام (بحسب رويترز)، فإن الحجم الأكبر من هذا الدخل يأتي من الشركات الصغرى.

تويتر