رغم مزاحمة الرجال لهنّ في أرزاقهن

النساء الصوماليات يفرضن أنفسهن على صناعة صيد السمك

صورة

صباح كل يوم وقبل بزوغ الشمس، وبينما يكون معظم سكان الساحل الجنوبي نياماً في مدينة كيسمايو الصومالية، تذهب الأم الصومالية فردوسا محمد أحمد، 32 عاماً، إلى الساحل لتشتري السمك كي تبيعه في السوق. وكما هي الحال لدى معظم النساء اللواتي يعملن في هذه الصناعة، فإنها تعتمد على الرجال في صيد السمك، حيث يهيمن الرجال على قطاع صيد السمك، الذي يعتبر «عمل الرجال» في المجتمع الصومالي.

ولكن فردوسا مصممة على مواصلة طريقها في هذا المجال، وهي تقول: «إنهم يقولون إن هذا العمل من اختصاص الرجال. وهم لا يصدقون أننا قويات بما يكفي لقيادة زورق الصيد، أو إدارة عمل تجارة السمك. ويريدوننا أن نبيع أشياء مثل الحليب على قارعة الطريق أو البقاء في البيت».

وتعرفت فردوسا إلى هذه الصناعة عن طريق إحدى صديقاتها، واكتشفت أن هناك نساءً أخريات يعملن فيها، حيث تحولن من بيع الحليب والشاي إلى بيع السمك، الذي يمنحهن دخلاً أفضل. وقالت: «بدا الأمر وكأن باباً من الأمل قد انفتح لي. وكنت مترددة في البداية، ولكنني الآن أشعر بالقوة».

وتعيّن على فردوسا أن تدفع أجر المكان الذي ستستقر فيه في السوق، ولشراء صندوق الثلج لتخزين السمك فيه، ولهذا اضطرت إلى أخذ قرض قيمته 300 دولار من مؤسسة «كاه» الدولية للأعمال الصغيرة، وهي أول مؤسسة خاصة في الصومال لتمويل الأعمال الصغيرة. وتمكنت من تطوير تجارتها تدريجياً. وقالت فردوسا: «أنا أعيد 25 دولاراً شهرياً للمؤسسة. لقد قدمت هذه المؤسسة الكثير من الخدمات لنا، حيث تمكنت من خلالها من بدء عملي في سوق السمك. وأركز الآن على اكتساب مهارات أخرى، مثل تجفيف السمك، والتسويق وإيجاد زبائن جدد».

وتعتبر فردوسا واحدة من ضمن 70 امرأة، عضوات في جمعية تعاونية في قطاع صيد الأسماك في مدينة كيسمايو الصومالية، والمدعومة من مؤسسة «كاه» الدولية للأعمال الصغيرة. ويعمل في المؤسسة 10 نساء شابات يتلقين التدريب، وفي الوقت ذاته يحصلن على دخل جيد، على أمل البدء بتجارتهن الخاصة مستقبلاً.

وتكسب بعض النساء العاملات في مجال تجارة الأسماك نحو 200 دولار شهرياً مقارنة بـ50 دولاراً قبل انضمامهن إلى قطاع تجارة الأسماك. ولكن العمل في هذا القطاع ليس بالأمر السهل، فقد تعرضت فردوسا، والنساء الأخريات العاملات في تجارة الأسماك، للمضايقات من الرجال العاملين في هذا القطاع. ويقول الرجال إن النساء المشاركات في هذا القطاع ضعيفات، ولا يقدرن على الإبحار بالمراكب من أجل الوصول إلى عرض البحر وصيد الأسماك.

وتشكل النساء الصوماليات نحو 56% من سكان البلد، لكنهن ينتجن 70% من الانتاج المحلي، وفق الأرقام التي نشرتها الحكومة الصومالية. ولكن تمثيلهن منخفض جداً في قوة العمالة الرسمية. ويقول مدير مبادرات التنمية السلمية الصومالية التي مقرها في كيسمايو، عادل عبدالقادر حسين: «إضافة إلى الافتقار إلى الاستثمار تواجه النساء حواجز ثقافية تملي على النساء نوع الأعمال التي ينبغي عليهن المشاركة فيها، ولهذا فإن الرجال يستفيدون من هذه المعايير الثقافية ويمنعون النساء من محاولة الانضمام إلى صناعة الأسماك التي يسيطرون عليها عادة».

هروب

وهربت عائلة فردوسا من العاصمة مقديشو بعد اندلاع الحرب الأهلية في بداية التسعينات من القرن الماضي. وعندما توفي والدها، بدأت أمها ببيع الأطعمة المجففة. ومثل معظم الفتيات القادمات من خلفية فقيرة، تزوجت فردوسا عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، وأنجبت طفلها الأول وهي في سن السابعة عشرة، ولم تكن لديها فرصة الذهاب إلى المدارس. وهي تقول: «لم يكن التعليم يشكل أولوية بالنسبة لنا، لكنني أريد أن يحصل أطفالي على جميع الفرص التي حرمت منها أنا. والأمر لن يكون سهلاً، ولكني سأبذل ما بوسعي، طالما كنت على قيد الحياة، وإذا مت فإني أتركهم للخالق القدير».

أطول ساحل

ويملك الصومال أطول ساحل بحري في قارة إفريقيا، ويمتد إلى نحو 2000 ميل (3300 كيلومتر)، وتم استغلال هذا الساحل تاريخياً من قبل القوارب الأجنبية، وبصورة غير شرعية. ولكن في عام 2019 وللمرة الأولى منذ نحو 20 عاماً، أصدرت الحكومة رخصاً للصيد للشركات الأجنبية، حيث تجني من ذلك نحو مليون دولار سنوياً.


تشكّل النساء الصوماليات نحو 56% من سكان البلد، لكنهن ينتجن 70% من الإنتاج المحلي، وفق الأرقام التي نشرتها الحكومة الصومالية.

تكسب بعض النساء العاملات في مجال تجارة الأسماك نحو 200 دولار شهرياً مقارنة بـ50 دولاراً قبل انضمامهن إلى قطاع تجارة الأسماك.

تويتر