بعضهم تمت تبرئته.. وأكثرهم فقراء ولا يجيدون القراءة والكتابة

آلاف الأشخاص يقضون سنوات في السجون الهندية قبل محاكمتهم

صورة

تغص السجون في الهند بآلاف الأشخاص، الذين يظلون يرزحون لسنوات تحت وطأتها انتظاراً لمثولهم أمام المحاكم، ومعظمهم من الشباب، الذين يعرفون بالكاد القراءة والكتابة، وكثير منهم فقراء لدرجة أنهم لا يستطيعون دفع رسوم الكفالة. في إحدى القضايا، خلصت محكمة ابتدائية في دلهي عام 2010 إلى أن محمد مقبول شاه بريء، وبحلول ذلك الوقت، كان قد قضى في السجن 14 عاماً. عندما ألقي القبض عليه كان مراهقاً، وخرج من السجن وهو في التاسعة والعشرين من عمره. وعندما عاد إلى منزله في كشمير، وجد أن والده وشقيقته قد فارقا الحياة. ونقلت عنه شبكة «إن دي تي» التلفزيونية قوله: «لو أن العدالة تحققت في الوقت المناسب، لما كانت مسيرتي المهنية قد تعرضت للدمار، ولم تكن أسرتي قد تفرقت».

وفي عام 2017، أودعت الشرطة في بيجنور بولاية أوتار براديش، بالا سينغ في السجن لمدة 10 سنوات بدعوى ارتكابه جريمة قتل لم يكن ابداً طرفاً فيها، وكان أخوه هو من فعل ذلك، لكنه ظل حراً طليقاً. واعتقل رجال الشرطة سينغ، على الرغم من أن والدته اعترفت للسلطات بأن ابنها الآخر هو المذنب، وعندما أُطلق سراحه، أخبر المراسلين أن لديه رغبة واحدة فقط هي معاقبة المسؤول الذي ألقى القبض عليه.

ما يجمع بين هذين المتهمين السابقين هو أنهما اعتقلا من قبل الشرطة بدعوى ارتكابهما جرائم لم يقترفاها أبداً، وبقيا في الحبس لسنوات قبل أن تثبت براءتهما. والسؤال هو: هل أن هذين الشخصين استثناء؟ ليس الأمر كذلك، فقد كشفت إحصاءات السجون الهندية أن 68% من السجناء قيد المحاكمة لا يتلقون أي إدانة من أي محكمة بارتكابهم أي جريمة، وينتظر الكثير منهم لسنوات قبل أن يمثلوا أمام المحكمة.

ويُظهر أحدث تقارير المكتب الوطني لسجلات الجريمة، أن السجون في الهند تغص بشبان وشابات أميين، أو شبه أميين، وينتمون إلى قطاعات اجتماعية واقتصادية ضعيفة في المجتمع، وينتمي أكثر من 65% من السجناء قيد المحاكمة، إلى فئات مسحوقة للغاية لا تتحمل رسوم الكفالة.

والنتيجة المباشرة لهذا الوضع هي أن الفترة التي يقضيها السجين في انتظار محاكمته، لا يحددها نوع الجريمة المتهم بارتكابها، بل قدرته، أو عدم قدرته، على دفع رسوم الكفالة أو المحاماة. والأنكى من ذلك هو أن كون المتهم فقيراً، وبالكاد يعرف القراءة والكتابة يعني عدم درايته بالآلية القانونية، وبالتالي عدم قدرته على ممارسة حقه القانوني في محاكمة سريعة يتحرر بعدها من الاحتجاز غير المبرر. والنتيجة النهائية لذلك هي أن المتهمين (معظمهم من الشباب) يظلون في السجون لسنوات، وينتظرون ذلك اليوم الذي تستمع فيه المحكمة إلى قضيتهم.

على سبيل المثال بلغ عدد القضايا الجنائية المعلقة لأكثر من 10 سنوات في مختلف المحاكم الدنيا في الهند، في 14 نوفمبر من هذا العام مليوناً و846 ألفاً و741 قضية جنائية، يضاف إلى ذلك 245 ألفاً و657 قضية جنائية معلقة في المحاكم العليا في التاريخ نفسه والفترة نفسها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الجهة المسؤولة عن هذا التقصير؟ لا توجد إجابة دقيقة للمشكلة التي تكمن في هيكل وأداء نظام تنفيذ العدالة بأكمله، من الشرطة إلى المحاكم والسجون. ويفتقر نظام العدالة إلى طريقة لآلية للمساءلة، بشأن ترك المتهمين في حالة يرثى لها.

سنّت دول مثل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، قوانين يتم بمقتضاها منح تعويض لأي شخص تأذى من تطبيق العدالة. في مايو من هذا العام، أعلنت محكمة في الولايات المتحدة تعويضاً قدره 1.5 مليون دولار لأحد السجناء بعد أن تبين أن السجين قد قضى 46 عاماً في السجن لارتكابه جريمة قتل لم يرتكبها.

وفي حين أن المحاكم في الهند تعترف بوجود عيوب في النظام، فإن الأمر بالنسبة لشخص بريء يتم إطلاق سراحه بعد سنوات من إيداعه السجن، فإن العدالة في نظره ربما تكون وهماً، وفي نظر المجتمع فإن الشخص يعتبر مجرماً بعد أن يقضي سنوات في السجن، حتى ولو كان بريئاً.


السجون في الهند تغص بشبان وشابات ينتمون إلى قطاعات اجتماعية واقتصادية ضعيفة، وينتمي أكثر من 65% من السجناء قيد المحاكمة، إلى فئات مسحوقة للغاية لا تتحمل رسوم الكفالة.

الفترة التي يقضيها السجين في انتظار محاكمته، لا يحددها نوع الجريمة المتهم بارتكابها، بل قدرته، أو عدم قدرته، على دفع رسوم الكفالة أو المحاماة.

تويتر