يخشين أن تكون المباحثات خصماً من حقوقهن

النساء الأفغانيات ينتقدن عدم إشراكهن في محادثات السلام

صورة

في الوقت الذي تتباحث فيه الولايات المتحدة مع «طالبان» حول صيغة للخروج من أطول حروبها، وتتجه أفغانستان نحو شكل من أشكال اتفاق السلام، تخشى النساء الأفغانيات أن يجيء السلام خصماً من حرياتهن.

وإذا كان الأمن يعني العودة إلى القواعد نفسها التي وضعتها «طالبان» في ذلك العقد، فإن طعم السلام سيكون أكثر مرارة. لقد نشأ جيل كامل من النساء في أفغانستان منذ الإطاحة بـ«طالبان» من السلطة عام 2001. بيد أن العديد من أولئك النسوة اللاتي قدن التغيير في البلاد من خلال إدارة المدارس، أو العمل كصحافيات أو سياسيات، مازالت تلازمهن ذكريات كراهية بعض أفراد المجتمع للنساء.

كانت حميراء قادري، التي أصبحت في ما بعد صحافية وناشطة نسائية، تعمل على إعداد ملابسها للذهاب الى المدرسة عندما جاء والدها ليخبرها أنها لم تعد بحاجة إلى تلك الملابس المدرسية، لأن «طالبان» استولت على المدينة. وخلال السنوات الخمس التالية، لم تغادر المنزل أبداً نظراً للقواعد الصارمة التي فرضتها هذه الجماعة على المرأة. تقول قادري: «لا أستطيع أن أنسى تلك السنوات أبداً». لقد مارست أول تجربة صحافية لها عندما كانت «طالبان» لاتزال تسيطر على هيرات، فقد كانت معرّضة للجلد في العلن لممارستها الصحافة.

خطوة جيدة

وتقول عضوة البرلمان، فوزية كوفي: «أعتقد أن محاولة التوصل إلى اتفاق سلام مع (طالبان) هي خطوة جيدة»، وهي واحدة من سيدتين فقط اشتركتا في المحادثات الأخيرة في موسكو بين «طالبان» وعشرات من الوسطاء، لكنها تستدرك قائلة: «إن القلق الذي نواجهه حيال هذه العملية هو أن الشعب الأفغاني ليس جزءاً من هذه العملية، خصوصاً النساء اللاتي دفعن أعلى ثمن في ظل حكومة (طالبان)، ولا تعرف النساء ما الذي سيحدث لحياتهن في المستقبل، وما هو مصير الحريات التي حصلن عليها بعد طرد الحركة من السلطة».

عندما سيطرت أفراد «طالبان» على العاصمة كابول في عام 1996، منعوا النساء من الذهاب الى المدارس وفصلوهن من معظم الوظائف، وأجبروهن على ارتداء البرقع المغلق عندما يخرجن من المنزل، بل سيّسوا أحذيتهن ومكياجهن. وتقول الأستاذة بجامعة هرات، أديلا كابيري: «لقد خصمت حركة (طالبان) أربع سنوات من حياتي، عندما كنت في ريعان شبابي»، وتمضي قائلة: «كان يجب أن يكون لديّ وقت للدراسة والاستمتاع بحياتي، لكنهم لم يسمحوا لي بمغادرة منزلنا، لقد خسرت تلك السنوات للأبد».

مارست «طالبان» قواعد صارمة، وفرضت عقوبات قاسية حتى لمجرد مخالفات بسيطة، حيث تعرضت اثنتان من أقارب الناشطة سوزان بهوبودزادا، لعقوبة مغلظة عندما نسين ارتداء البرقع عندما خرجن للتسوق. وتقول: «لقد عاقبتهما (طالبان) بالجلد لدرجة أن أإحداهن ماتت بعد 20 يوماً من ذلك، وظلت الأخرى تعيش مشكلات عقلية طوال السنوات الـ19 الماضية». وكانت بهوبودزادا تدير مدرسة سرية للفتيات، ولكن في كثير من الأحيان لا تجيء الطالبات للدراسة بسبب خوفهن من عواقب ذلك. وتعتقد أن «طالبان» قد تغيرت. وتقول عن ذلك: «أعتقد أن حركة (طالبان) اليوم تختلف عن تلك التي كانت في السلطة قبل 20 عاماً»، مشيرة إلى قرارها الجلوس لإجراء محادثات سلام جادة، وتضيف «إنهم يفكرون بطريقة مختلفة، لذلك قبلوا المحادثات».

إجابات

وفي موسكو، يبدو أن «طالبان» تقدم بعض الإجابات عن مخاوف النساء، حيث وعدت بأن الإسلام يضمن حقوق المرأة في التعليم والعمل. لكنهم أيضاً هاجموا نشطاء حقوق المرأة لنشر «الفجور» و«الفاحشة». وقد أثارت هذه الرسائل المختلطة المخاوف من أن «طالبان» قد تعود الى الماضي عندما يتلاشى خطر الوجود الأميركي.

وتقول رئيسة تحرير وكالة أنباء النساء الأفغانيات (أونا): «كان هناك العديد من التقارير حول الضرب والمحاكمات العلنية للنساء من قبل (طالبان) في السنوات الأخيرة». وتضيف قائلة: «إذا تصورنا (طالبان) جزءاً من أية حكومة، فأنا لست متأكدةً من أنهم سيعتبروننا أعضاء كاملين في المجتمع»، وتسترسل «أنا قلقة حقاً من أن القيود التي كانت مفروضة على النساء في التسعينات ستعود سيرتها الأولى».

مقايضة الحقوق

هناك عدد قليل من النساء اللواتي يعارضن محاولة الوصول إلى اتفاق سلام. لكن هناك أيضاً القليل ممن لا يقلقهم أن النساء لن يكون لهن متّسع على الطاولة. فدون تمثيل النساء في المحادثات، ودون أن تتمكن النساء من متابعة المفاوضات بالتفصيل، فإنهن يخشين من أنه سيكون سهلاً على الرجال مقايضة حقوقهن التي حصلن عليها بشقّ الأنفس.

لا يتوقع أحد رؤية النساء في وفد «طالبان»، ولذا يركز المعنيون بحقوق المرأة جهودهم على الضغط على المجتمع الدولي والأعضاء البارزين في النخبة الأفغانية. وقبل المحادثات في موسكو، دعت الشبكة النسائية الأفغانية الرجال الذين ينظمون المحادثات إلى «جلب النساء إلى المائدة»؛ وتشاركت النساء الصور والرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي باستخدام هاشتاغ # المرأة الأفغانية لن تعود إلى الوراء.


هناك عدد قليل

من النساء اللواتي

يعارضن محاولة

الوصول إلى اتفاق

سلام، لكن هناك

أيضاً القليل ممّن

لا يقلقهم أن النساء

لن يكون لهن متّسع

على الطاولة.

تويتر