المرصد

إسرائيل كسبت كأس العالم

انشغل العرب بهزائمهم المحسومة سلفاً في كأس العالم، حيث ذهبوا وعادوا يندبون حظوظهم، أما إسرائيل فقد كانت مشغولة بحكاية أخرى، هي مواجهة انتفاضة غزة، لكن في موسكو.

لقد رتبت إسرائيل لخطة إعلامية لما سمته «رفع مستوى معرفة العالم بطائرات غزة الإرهابية»، حيث استهدفت أن تقنع العالم بأن طائرات غزة الورقية أكثر خطورة من الترسانات النووية والكيماوية، وقامت الخطة التي قادها عضو الكنيست «بارهليل»، بالتعاون مع الكونغرس اليهودي بالاعتماد على عبارات قصيرة ومركزة وجذابة، مثل المقارنة بين 30 ألف دونم تتعرض للحرق بجانب المستوطنات، والمساحة نفسها من ملاعب كأس العالم في روسيا تتسع للخضرة والبساتين، كما ركزت أيضاً على نغمة جديدة – يحبها الأوروبيون – وهي القول إن الغزيين «يمارسون الإرهاب البيئي»، عبر ممارسات الأرض المحروقة.

وذكر مدير الكونغرس اليهودي، أرسين أوستروفسكس، لصحيفة «جيروزاليم بوست»، إن «الحملة التي ركزت على وسائل التواصل الاجتماعي، أطلقت تحت شعار (إسرائيل تحت النار)، وتم توقيتها لتبدأ مع انطلاق كأس العالم التي اختتمت فعالياتها أول من أمس، لأن هذه كانت فرصة ذهبية للفت أنظار العالم لخطورة هذه البالونات والطائرات الورقية».

أما زميله بار، فقد استغل وضعه كرئيس للجنة الشؤون الأوروبية في الكنيست، ليكتب خطابات شخصية لبرلمانيين ودبلوماسيين وسياسيين، يشرح لهم فيها خطورة «الطائرات الورقية والبالونات»، ويدعوهم إلى اتخاذ موقف، وهو لا ينسى كما يقول، أن يستغل اسمه وتاريخه كشخص «أفنى حياته دفاعاً عن حل الدولتين» كما يزعم، ليؤكد للأوروبيين أن «الحل ليس في الطائرات الورقية الإرهابية، التي لن تجلب السلام، ولن تأتي بالحل للقضية».

جاءت الحملة الإسرائيلية في كأس العالم، بعد انتصار جاء على طبق من فضة للعرب والقضية الفلسطينية، هو نجاح حركة المقاطعة العالمية (بي دي إس) في طرد إسرائيل من واحد من أهم المنابر السياسية العالمية، وهو «الاشتراكية الدولية»، التي تمثل لإسرائيل الكثير والكثير.

فقد نجحت «بي دي إس» في استقطاب «الاشتراكية الدولية»، التي تضم 140 حزباً ومنظمة في العالم، لحملتها المقاطعة للبضائع الإسرائيلية القادمة من المستوطنات، واستطاعت «بي دي إس» أن تستصدر منها واحداً من أقوى البيانات في تاريخها الحديث، انحيازاً للحق الفلسطيني على مستوى الشكل والمضمون، ما حدا بحزب العمل الإسرائيلي إلى الانسحاب منها.

وكانت صيغة القرار الأممي أوضح وأكثر حسماً، من أن يتحايل عليه حزب العمل، أو يحفظ ماء وجهه، حيث دعا القرار بصيغة لا تقبل اللبس «كل الحكومات ومنظمات المجتمع المدني العالمية لتفعيل المقاطعة ضد الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات، بما في ذلك حجب المعونة العسكرية عن إسرائيل، طالما ظلت تمارس (الأبارتهيد) ضد الشعب الفلسطيني»، واتهمت المنظمة إسرائيل صراحة بإنتاج سياسات «التمييز العنصري الممنهج، وإصدار القوانين التي ترسخ ذلك»، ودانت كل القوانين الإسرائيلية في هذا الشأن، بما في ذلك «قانون العودة»، الذي يسمح لأي يهودي في العالم بأن يتحول إلى مواطن إسرائيلي على حساب المواطن الفلسطيني.

لقد نجحت الحملة الإعلامية الإسرائيلية الخاصة بتشويه نضال غزة، في تحقيق أهدافها في مخاطبة جموع العالم، وحولت القضية من احتجاجات شعب أعزل محاصر من احتلال عنصري منذ سنوات، تقر كل القوانين الدولية والإنسانية بحقه المطلق في المقاومة، إلى «إرهاب يتعرض له سكان مسالمون ومزارع وطبيعة في دولة مسالمة»، فاجتذبت أصواتاً أوروبية عدة، كما نجحت في دفع جماعات يهودية لإنشاء صندوق تجمع فيه التبرعات يدعى «صندوق مكافحة إرهاب الطائرات الورقية»، كما نجحت في تعميم مصطلحات، مثل: «إرهاب الطائرات الورقية»، و«إرهاب البالونات»، إذ أصبحت شبه معتمدة في دوائر إعلامية و«فيس بوكية» عالمية.

اختصار القول إن إسرائيل خططت وكسبت وحصدت، كما كل مرة، أما العرب فلا في العير، ولا في النفير.. أيضاً كما كل مرة.

 

 

تويتر