قتلت 2300 معلم ودمرت 1400 مدرسة

شباب نيجيريون ينجحون في محاربة «بوكو حرام» بسلاح التعليم

صورة

فيما تدخل حركة «بوكو حرام» في نيجيريا عامها العاشر في حربها ضد التعليم، تظهر في الجانب الآخر حركة هادئة لمناهضتها تستخدم في خطوط المواجهة سلاحاً غير متوقع يتمثل في الفصول الدراسية في الهواء الطلق، داخل مخيمات النازحين، حيث يقدم المعلمون دروساً في الجغرافيا والتاريخ وغيرها من المواد في تحدٍ سافر للأيديولوجيا المسطحة للحركة.

أثارت المعركة النوعية المحتدمة، المتمثلة في تعليم الأبناء، التي يقودها النيجيريون الشماليون ضد «بوكو حرام» دهشة الكثير من الخبراء، لأنه لعقود مضت ظل مواطنو شمال نيجيريا في أسفل القائمة في كل تصنيف وطني يتعلق بالإنجازات التعليمية.

وحرمت «بوكو حرام» منذ نشأتها التعليم الغربي، واستهدفت مدارس ولاية شمال نيجيريا منذ عام 2009، وقتلت نحو 2300 معلم، ودمرت أكثر من 1400 مدرسة، وفقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

خطف التلاميذ

وأصبح خطف التلاميذ من المدارس أحد الأساليب التي تتبعها الجماعة لتنفيذ أهدافها. وتوقفت الحياة فجأة في شمال شرق نيجيريا، منذ أن بدأ تمرد «بوكو حرام» العنيف هناك منذ عقد من الزمان، حيث شردت ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص من ديارهم، انتشروا عبر نيجيريا وجيرانها من الدول، من بينهم نحو مليون تلميذ وتلميذة، وكان التهجير المفاجئ لهم يعني في كثير من الأحيان نهاية مفاجئة لانتظامهم في التعليم.

وتقود معركة مواجهة الحركة الشابات أنفسهن اللاتي انقطع تعليمهن فجأة، بسبب بطش «بوكو حرام» مثل ليديا، وعائشة، وفاطمة، اللاتي عانين معاناة مباشرة إرهاب «بوكو حرام» عندما تم اختطافهن من بين مجموعة من فتيات إحدى المدارس الداخلية. تقول عائشة: «اختيار الطريق إلى المدرسة هو الوسيلة الوحيدة لمحاربة (بوكو حرام)»، فبعد أن تركت المدرسة لمدة ثلاث سنوات بسبب انتقال أسرتها لمخيم للاجئين في النيجر، تبقى لهذه الطالبة الآن، والبالغة من العمر 19 عاماً، أقل من عام لتخرجها من مدرسة داخلية في مدينة مايدوجوري. وتمضي قائلة «إنهم لا يحبون التعليم، ولهذا فإننا نقاتلهم بهذا السلاح».

وأثارت هذه المعركة النوعية المحتدمة التي يقودها النيجيريون الشماليون ضد «بوكو حرام» دهشة الكثير من الخبراء؛ لأنه لعقود مضت ظل مواطنو شمال نيجيريا في أسفل القائمة في كل تصنيف وطني يتعلق بالإنجازات التعليمية. أقل من نصف النساء البالغات هنا يعرفن القراءة، و46% فقط من الأطفال يلتحقون بالمدرسة، وفقاً لبيانات المكتب الوطني للإحصاء.

ويقول سكرتير مجموعة العمل للتعليم بمجموعة عمل الطوارئ بمجلس ولاية بورنو للتعليم الأساسي، باباجانا غوني علي، معلقاً: «هذه واحدة من أكثر الأماكن حرماناً في البلاد عندما يتعلق الأمر بالتعليم». ويضيف أنه من الناحية التاريخية، لم يدرك العديد من الآباء والأمهات هنا أهمية إرسال أطفالهم إلى المدرسة. وبعد كل شيء، يبدو أن الحياة هنا تمضي على مسار واحد، فأنت تولد وتصير رجلاً وتتزوج وتبدأ في فلاحة الأرض، وليس هناك خيارات أخرى بالفعل، وبالتأكيد لا يتطلب منك هذا أن تكون قادراً على قراءة رواية باللغة الإنجليزية.

في البداية بدا كأن تهديدات «بوكو حرام» أتت أكلها، ففي عام 2016، أعلنت الحكومة النيجيرية أن عدد الأطفال الذين لم يذهبوا إلى المدرسة ارتفع بنسبة 50% منذ بداية الأزمة، وبقي المدرسون في بيوتهم أيضاً خوفاً من الهجمات المستهدفة. لكن مع انسحاب المجموعة من العديد من المناطق الحضرية الرئيسة في بورنو خلال السنوات الأخيرة، لاحظ باباجانا أن تكتيكات «بوكو حرام» بدأت تأتي بنتائج عكسية، ويقول في هذا الصدد «بدأت مدارسنا فجأة تشهد ازدحاماً لم تره من قبل».

وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات حتى الآن توضح مدى تغير الوضع، يقول كثيرون هنا إن تمرد جماعة «بوكو حرام» فعل شيئاً أخفقت عقود من الجهود التعليمية في تحقيقه.

تقول فاني عبدالله، وهي أم لخمسة أطفال وتعيش في مخيم للنازحين في ضواحي مايدوغوري: إن «نقص التعليم هو، في المقام الأول، السبب الذي جلب (بوكو حرام)». لم يكن لديها المال لتذهب إلى المدرسة في طفولتها، كما تقول، وعلى أي حال، لم يوافق والداها على أن تتعلم الفتاة القراءة، لذلك عندما نشأت وصار لديها أطفال لم يمثل إرسالهم إلى المدرسة أمراً ذا أهمية كبيرة أيضاً. لكن بعد أن هاجمت «بوكو حرام» قريتها، وقتلت زوجها، هربت العائلة للنجاة بنفسها في عام 2015، وبدأت منذ ذلك الحين تفكر في أهمية التعليم. وعندما انتقلت أسرتها إلى مخيم باكاسي في مايدوغوري، أخبرها أحدهم أن «اليونيسف» تدير مدارس مجانية هناك، فقررت إلحاق أطفالها الثلاثة بإحدى تلك المدارس.

السعي إلى التعليم

وتضيف «بدلاً من أن تغسل (بوكو حرام) أدمغتهم من الأفضل لهم الحصول على التعليم»، والآن ينضم أبناؤها إلى نحو 3000 طفل كل صباح ليتلقوا التعليم في فصول بالهواء الطلق، وهذه الفصول ليست أكثر من منصة إسمنتية ذات سقف عشبي، وكان لمعظم هذه الفصول جدران من أغصان الشجر، لكن سرعان ما تتعرض للسرقة من الأهالي لاستعمال الأغصان في طهي الطعام، كما يقول مسؤولو المدرسة.

تويتر