المرصد

إسرائيل تلاحق الناشطين الفلسطينيين في الفضاء الافتراضي

بالنسبة للكثيرين أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية منفذاً لنشر آراء اجتماعية وسياسية وقضايا محلية. كما يتخذها ناشطون منصة لعرض قضاياهم والدفاع عنها، إلا أن ما يعتبره البعض حقاً مشروعاً، قد يكون لدى الطرف الآخر غير ذلك.

ويتعرض ناشطون فلسطينيون، على الإنترنت، لسوء معاملة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. وتريد هذه الأخيرة فرض الرقابة على هذا الفضاء المفتوح بشتى الطرق. وقد تعرض المئات من الناشطين على موقع «فيس بوك» للاعتقال والسجن، بسبب ما ينشرونه من آراء تخالف «قوانين النشر» الإسرائيلية. وكمثال على ذلك، ألقي القبض على دارين تاتور عام 2015، ووضعت رهن الإقامة الجبرية، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، بسبب قصيدة نشرتها على صفحتها الخاصة. ودينت، أخيراً، من طرف محكمة إسرائيلية، بالتحريض على العنف ودعم منظمة إرهابية. وقبل نحو عامين، وقع عشرات المثقفين الغربيين رسالة تضامنية مع الشاعرة الفلسطينية، ووصف سجنها بأنه جزء من نمط أكبر من القمع الإسرائيلي ضد جميع الفلسطينيين.

وخلال المحاكم الأخيرة، أوضحت تاتور أنها كانت تحتج على الاحتلال، من خلال أبيات القصيدة، وتستنكر الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون ضد الفلسطينيين، مضيفة أن ترجمة الشرطة للقصيدة تشوه نصوصها. وطوال المحاكمة، استدعى الدفاع مجموعة من الخبراء في الأدب العبري والعربي، للإدلاء بشهاداتهم حول المعاني المختلفة للكلمات والعبارات المحددة، التي استخدمتها تاتور في أبياتها الشعرية، وكذلك طبيعة الشعر السياسي، ويأتي ذلك في وقت يتسامح فيه حتى أكثر الأنظمة القهرية في العالم، مع الشعراء المعارضين.

وقبل أسابيع، أعلنت «إيلياء» الإعلامية للشباب منظمة «إرهابية»، وأصدرت سلطات الاحتلال أمراً بإغلاقها حتى إشعار آخر. وتقول مصادر إعلامية فلسطينية إن إغلاق المؤسسة الشبابية جزء من العدوان الإسرائيلي المتصاعد، ضد الصحافيين والمنظمات الإعلامية في الأراضي المحتلة، وجزء من الاستهداف المنهجي للصوت الفلسطيني، مدعوماً باتهامات ومبررات لا أساس لها من الصحة.

وتدرك إسرائيل جيداً تأثير الإعلام في الداخل والخارج، لذا فإنها لم تألُ جهداً لإسكات كل الأصوات التي تفضح جرائمها، وتكشف الوجه الآخر للرأي العام العالمي. يذكر أن إغلاق «إيلياء» جاء بأمر من وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، رغم أن المؤسسة الإعلامية الفلسطينية موجودة في مدينة القدس، التي يُطبق عليها القانون الاسرائيلي وليس العسكري، كما هي الحال في الضفة، الأمر الذي يعد اعتداءً خطيراً على حرية الصحافة والإعلام. واستغل الوزير ما يسمى «قانون مكافحة الإرهاب»، ليلصق التهم بمؤسسة معروفة، ويتعامل بهذه الطريقة. ويبدو أن الفلسطينيين مصرون على المضي قدماً في مواجهتهم ضد الاحتلال، مهما كلف ذلك من ثمن. وعلى الرغم من انشغال الرأي العام العالمي بقضايا أخرى، فإن الناشطين الفلسطينيين تمكنوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والاحتجاج السلمي، أن يجذبوا الاهتمام مجدداً لقضيتهم العادلة. لقد نجحوا في استغلال كل ما هو متاح بطريقة فعالة، لتعزيز قدراتهم في هذه المواجهة السلمية المستمرة.

تويتر