المرصد

وسائل التواصل الاجتماعي أدخلتنا في وضع ضبابي

تعتبر فضيحة «كامبريدج أناليتيكا»، هي الأحدث في سلسلة من الحوادث التي أسهمت، مجتمعة، في زيادة الإحساس بالقلق من آثار وسائل التواصل الاجتماعي، في السلوك البشري، في الخطاب المدني، وفي السياسة الديمقراطية. واستنتج عدد متزايد من المعلقين أن وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «فيس بوك»، و«تويتر»، وغيرهما، هي أدوات مضرة، وليست مفيدة، سواء في حياتهم أو في المجتمع بصورة عامة.

الأكثر ضرراً من الإساءات

العلنية عبر وسائل

التواصل الاجتماعي، تلك

الآثار التي تنشأ عن

استخدامها العادي

اليومي، من قبل مئات

الملايين من المشتركين.

وبالتأكيد فإن الآثار التي تنطوي على استخدام هذه الوسائل ليست تافهة. وسواء اعتقدنا ذلك أم لا، فإن الاستخدامات السيئة لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل الأخبار الكاذبة، أو المؤامرات الروسية، أو استغلال بيانات عشرات الملايين من الناخبين نفسياً، أثرت في سير الانتخابات الأميركية، كما يقال، فإنها وبوضوح تنطوي على أهمية كبيرة.

ومما هو أكثر ضرراً من الإساءات العلنية لوسائل التواصل الاجتماعي، تلك الآثار التي تنشأ عن استخدامها العادي اليومي، من قبل مئات الملايين من المشتركين، مثل:

استقطاب المجتمع أيديولوجية معينة، والجدل بين الأحزاب والمجموعات التي تنطوي على توجيه الإهانات للآخرين، واستخدام الشتائم من قبل أطراف مجهولي الهوية. ونشر الأخبار المزيفة، والتعصب لأفكار مجنونة، والتمسك بالأيديولوجيات المتطرفة ونظريات المؤامرة. بالطبع فإن الرقابة الذاتية يمكن أن تضع حداً لنشر بعض الموضوعات المثيرة للجدل. وكذلك الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، والعزلة عن التفاعلات الاجتماعية العادية، التي يمكن أن تنجم عن ذلك، خصوصاً مع انتشار الهواتف الجوالة في كل مكان، وبين أيدي أفراد المجتمع، كباراً وصغاراً، والتي تولّد شعوراً بالاكتئاب الذي يقول كثيرون إنهم عانوه.

وبالطبع، فإن العديد من المؤيدين للأفكار السابقة، يبدون نوعاً من الرضا عما سبق، ويؤكدون أن المشكلة حقيقية، ويجب على الحكومة إصلاحها، من خلال بعض الوسائل التنظيمية أو غيرها. لكن لمجرد أنه يمكن تحديد المشكلة، لا يعني ذلك إمكانية معالجتها من قِبل الحكومة أو أي شخص. ونحن لا نريد الاعتراف بأن بعض المشكلات ليس لها حل، أو لا تحل بكلفة مقبولة. وبالطبع فإن آخر شيء نحتاج إليه، هو أن تقرر الحكومة لنا ما هو الخطأ وما هو الصواب.

باختصار، يبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي أغرقتنا في عصر ضبابي على نحو غير معقول. ومن المحتمل أن لا يوجد شيء يمكننا فعله للخلاص من هذه الحال. وعلينا مواجهة احتمال أن الأمور يمكن أن تزداد سوءاً، خصوصاً إذا لم يتم اتخاذ قرار جدي يقضي بإصدار قوانين تنظم عمل هذه المواقع، بحيث لا تصبح منصة للمتشددين والمتعصبين، ينفثون من خلالها ما يريدون في المجتمع، أو أن تصبح سلعة طيعة لمن يملك المال، يستخدمها لتحقيق أغراضه وتدمير النظام الديمقراطي، وتشويه صورة وسائط التواصل الاجتماعي، التي تمثل صورة القرن الرقمي الذي نعيشه الآن، إذا تم استخدامها على الوجه الصحيح.

تويتر