أول مبتدعيه «خوش قدم».. صاحب اسم الحارة التي خرج منها أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام

هفوات شخصية وخلفيات سياسية وراء انطلاق مدفع رمضان في مصر

إطلاق المدفع توقف أكثر من مرة آخرها رمضان هذا العام. أرشيفية

اقترن «مدفع رمضان» لدى المسلمين ببقية الظواهر التي ارتبطت اجتماعياً وثقافياً بالشهر الكريم في مصر، مثل الأغاني، أو الأكلات، أو العادات الخاصة، وظل المدفع رغم التقدم التقني حاضراً في المشهد عبر الأجيال، وفي حين ظل المصريون يتابعون تبادلية الظهور والاختفاء للمدفع وتغيير أماكنه، تداخلت الروايات حول ظروف ظهوره ما بين نسبته للعصر المملوكي، وعصر محمد علي، وعصر الخديوي إسماعيل، كما اختلفت أيضاً التفاصيل الخاصة بكل رواية.

الرواية الأولى

وتنسب الرواية الأولى، طبقاً لصاحب الموسوعة الأبرز عن الشهر الكريم والمسماة «معجم رمضان»، فؤاد مرسي، ظهور المدفع إلى الوالي المملوكي «خوش قدم»، الذي تلقاه كهدية من أحد المصانع الألمانية.

ويقول مرسي إنه «في أول يوم من رمضان عام 869 هجرية الموافق 26 يناير 1465 ميلادية، أمر الوالي خوش قدم بتجربة المدفع، ومع غروب شمس ذلك اليوم، دوت أول طلقة في سماء القاهرة، فظن الناس أن هذا إيذاناً بالإفطار».

ويتابع مرسي أن الناس وقد استحسنت الاختراع «تجمعوا في اليوم التالي بانتظار انطلاق المدفع، فما كان من الوالي إلا أن أمر بإطلاق المدفع عند غروب الشمس كل يوم في رمضان».

وتنسب الرواية الثانية، حسب الموسوعة، ظهور المدفع إلى محمد علي، الذي «قام بشراء عدد من المدافع الحربية ضمن تخطيطه لبناء الجيش المصري، وتصادف تجربته لهذه المدافع وقت الغروب، فحسب الناس أن هذه طريقة لإعلامهم بوقت الإفطار»، لكن هذه الرواية تميز نفسها عن الأولى بأن «قرار إطلاق المدفع أصبح يتضمن ضرورة حدوث ذلك مرتين، الأولى عند الإفطار والثانية عند الإمساك».

وترجع الرواية الثالثة إطلاق مدفع رمضان إلى «قيام بعض الجنود في زمن الخديوي إسماعيل بتنظيف المدافع الموجودة بمنطقة القلعة بشرق القاهرة، فانطلقت منهم قذيفة من أحد المدافع في لحظة الغروب، فتصور الناس أنها مقصودة وابتهجوا بذلك، فالتقطت الأميرة فاطمة إسماعيل، ابنة الخديوي الخيط، وأمرت بإطلاق المدفع يومياً في الإفطار والسحور».

الطريف في الرواية الأولى هو أن حارة خوش قدم بالغورية، التي تسمت باسم السلطان المملوكي الذي كان يسكن في المنطقة، انطلقت منها في السبعينات ظاهرة «نجم- إمام»، حيث كانت الحارة تضم منزل الشاعر أحمد فؤاد نجم، والمغني الشيخ إمام عيسى، وحيث تحول المنزل إلى مزار دائم للمثقفين المصريين والعرب، وانطلقت منه أشهر الأغاني السياسية التي جاءت رداً على هزيمة 1967. يذكر أيضاً أن الحارة لاتزال تشهد احتفالاً شهرياً فنياً وثقافياً في الجمعة الأولى من كل شهر، في المقهى المواجه لمنزل بيت «نجم- إمام»، يتم فيه إنشاد أغانيهما، كما يستضيف الاحتفال شخصيات ثقافية مختلفة من مصر والخارج.

أما الرواية الثالثة، فالطريف فيها أيضاً، أن المصريين أطلقوا على المدفع اسم «مدفع الحاجة فاطمة»، عرفاناً بجميل الأميرة فاطمة إسماعيل، ابنة الخديوي إسماعيل، لحب المصريين لها، وقربها من الشعب، وامتناناً لما قدمته لهم، حيث باعت الأميرة فاطمة كامل مجوهراتها، وتبرعت بستة أفدنة من أراضيها، وأوقفت 661 فداناً لإنشاء «جامعة القاهرة»، بحسب روايات تاريخية متطابقة.

مدفعان

يذكر الرحالة الإيرلندي ريتشارد بيرتون (1821-1891) في كتابه «رحلة إلى مصر والحجاز» أنه كان هناك مدفعان في القاهرة أثناء رحلته إليها، أحدهما في القلعة والآخر في العباسية.

ويقول بيرتون: «يا للسعادة، أخيراً انطلق مدفع الإفطار من القلعة، وفي الحال يجلجل المؤذن بأذانه الجميل، داعياً الناس إلى الصلاة، وينطلق المدفع الثاني في العباسية فيصيح الناس..الإفطار.. الإفطار، وتعم همهمة الفرحة في أنحاء القاهرة الصامتة».

6 مدافع

ويذكر العلامة علي الجندي في موسوعته «قرة العين في رمضان والعيدين»، الصادرة 1969 أن «القاهرة تملك ستة مدافع، اثنان في القلعة، وثلاثة في العباسية، وواحد في مصر الجديدة، وكانت المدافع تخرج مع صباح أول يوم في رمضان في سيارات المطافي، وهي ألمانية الصنع، ويرجع تاريخها إلى 1871».

يذكر أن من أبرز حكايات المدفع السياسية التي يتناقلها المصريون، أن أهالي العريش رفضوا عقب الاحتلال الإسرائيلي للمدينة الاعتماد على المدفع الموجود أمام المحافظة، الذي أصبح تحت السيطرة الإسرائيلية، رغم أن إسرائيل أحضرت مدفعاً إضافياً إظهاراً منها لحسن النوايا تجاه السكان، وقرر السكان الاعتماد على مدفع وأذان الإذاعة المصرية، تأكيداً للرابطة الوطنية التي تجمعهم بالوطن الأم، بحسب موسوعة «معجم رمضان».

توقف

تجدر الإشارة إلى أن مدفع رمضان تعرض للتوقف لفترة 30 عاماً، ثم تغير موقعه ونقل من القلعة إلى المقطم، بتوصية من مصلحة الآثار المصرية، وحرصاً على المساجد والآثار الإسلامية، ثم صدر قرار بعودته عام 2021، لكن تم توقيفه عام 2022 لترميمه، بينما قال مصدر حجب اسمه لموقع «القاهرة 24» في مطلع رمضان الجاري، إن «سيرة المدفع لم تذكر نهائياً هذا العام 2023، وإنه يعتقد أن المدفع لن يتم إطلاقه طوال الشهر الكريم بسبب استمرار حالته السيئة».

• في أول يوم من رمضان عام 869 هجرية الموافق 26 يناير 1465 ميلادية، أمر الوالي «خوش قدم» بتجربة المدفع، ومع غروب شمس ذلك اليوم، دوت أول طلقة في سماء القاهرة، فظن الناس أن هذا إيذاناً بالإفطار.

• مدفع رمضان تعرض للتوقف لفترة 30 عاماً، ثم تغير موقعه ونقل من القلعة إلى المقطم بتوصية من مصلحة الآثار المصرية، وحرصاً على المساجد والآثار الإسلامية.

• ذكر الرحالة الإيرلندي ريتشارد بيرتون (1821-1891) في كتابه «رحلة إلى مصر والحجاز» أنه كان هناك مدفعان في القاهرة أثناء رحلته إليها، أحدهما في القلعة والآخر في العباسية .

تويتر