الجمعيات الإسرائيلية الاستيطانية تسعى للسيطرة عليها بدعوى الاستثمار

فنادق القدس العتيقة.. حضارة عـريقة تصارع أطماع التهويد

صورة

في الجهة اليسرى لسوق خان الزيت، وسط طريق باب العامود في البلدة القديمة بمدينة القدس، يتوسط «فندق العرب»، أحد معالم البلدة الحضارية، المنازل والمحال التجارية العتيقة، الشهيرة بقبابها المعمارية الأثرية، مستقبلاً الزوار المحليين، والسياح العرب والأجانب، الذين يتوافدون عليه منذ عام 1984.

الفندق الذي يعود تأسيسه إلى العهد العثماني، سلالمه الأثرية الضيقة لا يصعدها السائحون والزوار فقط، فبصورة دائمة يتردد عليه موظفو الجمعيات الاستيطانية وسماسرة العقارات الإسرائيليون تحت مسمى مستثمرين أو زوار أجانب، ويعبرون عن رغبتهم بالاستثمار في الفندق، من خلال استئجاره أو شرائه، فيما يعرضون على صاحبه مبالغ خيالية مقابل ذلك، إلا أنه يرفض بشكل قاطع.

ما يشهده «فندق العرب»، هو مسلسل يتكرر في فنادق البلدة القديمة، ومنها «فندق جبل الزيتون»، و«الزهراء»، و«هاشمي»، و«القبة الذهبية»، التي يعود إنشاؤها إلى عقود طويلة من الزمن، وبأشكال مختلفة، حيث تقع تحت محط أنظار الجمعيات الاستيطانية، للسيطرة عليها، بسبب وقوعها بالقرب من المسجد الأقصى، وفي مناطق تاريخية مهمة في القدس.

استيطان بدعوى الاستثمار

ورغم رفض أصحاب الفنادق العروض المقدمة لهم، إلا أن الجمعيات الاستيطانية لم تتوقف عن خطتها في السيطرة عليها، وتبذل كل جهدها من أجل ذلك، ففي شهر يونيو من العام الجاري، أقرت المحكمة الإسرائيلية العليا بصحة فندقي «نيو أمبريال» و«البتراء»، الواقعين على يسار المدخل الغربي الرئيس للبلدة القديمة عبر باب الخليل لمصلحة «جمعية عطيرت كوهنيم» الاستيطانية.

ويقع الفندقان في واجهة باب الخليل، بإطلالة كبيرة على ميدان عمر بن الخطاب، مقابل قلعة القدس الأثرية، وفي موقع يؤدي بسلاسة إلى حائط البراق، ويتكون فندق البتراء من أربعة طوابق، وفندق نيو أمبريال يتكون من طابقين، يضمان 45 غرفة، ويطلان على بركة البطرك والبلدة القديمة والمسجد الأقصى.

ويقول المقدسي عماد أبودياب، صاحب «فندق العرب» في البلدة القديمة بالقدس الذي ورثه عن جده ووالده، إن أعضاء الجمعيات الاستيطانية يترددون دوماً تحت قناع المستثمرين، ورغم رفضي للعروض المقدمة، والمبالغ الخيالية المعروضة، إلا أنهم يعودون مرات عديدة، وبأساليب متنوعة، فأحياناً يأتون بصفة سياح أجانب، وأحياناً كأنهم مستثمرون من خارج فلسطين.

ويؤكد أبودياب أن كل المستثمرين والسماسرة المترددين على فنادق البلدة القديمة، ترسلهم جمعيات استيطانيّة إسرائيلية، وأبرزها «عطيرت كوهنيم»، وإلعاد، ضمن مسعاها لتوسيع نطاق استيطانها حول البلدة القديمة، وتحقيق أغلبية يهوديّة.

تمدد

من جهته، يؤكد مدير «مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، زياد حموري، أن «عطيرت كوهنيم»، و«إلعاد»، تعملان بلا توقف، وتتمددان في أزقة البلدة القديمة كافة، مضيفاً «الجمعيتان تعدان امتداداً مكملاً لسياسات الاستيطان الإسرائيلية، وجهودهما تتلاقى مع عمل الهيئات الرسمية الإسرائيلية، منها، سلطة الآثار، وسلطة حماية الطبيعة.

ويشير إلى أن «إلعاد» و«عطيرت كوهنيم» تمتلكان طواقم عمل كبيرة في مختلف التخصصات، وفي داخلهما لجان تتولى مختلف المسؤوليات، للوصول إلى هدفهما في السيطرة على عقارات الفلسطينيين، وضمها لمصلحة التمدد الاستيطاني.

ويقول حموري، لـ«الإمارات اليوم»، إن «أصحاب الفنادق بالبلدة القديمة في القدس، يرفضون بشكل قاطع بيعها للجمعيات الاستيطانية، إلا أن هذه الجمعيات تستحدث طرقاً جديدة لضم تلك الفنادق إلى سيطرتها، حيث تحرص على تشكيل سلسلة ممتدة من السماسرة، يزورون الفنادق بمسمى الاستثمار».

ضرائب ومضايقات

ويوجد بالبلدة القديمة في القدس 10 فنادق موزعة بين أحيائها، ولهذه الفنادق قيمة تاريخية كبيرة، اكتسبتها من عراقة بنائها وقدمها، إلا أنها تعاني الضرائب العالية ومتعددة المجالات، التي تفرضها بلدية إسرائيل في القدس، وأكثر مما يعانيه أصحاب الفنادق ضريبة الأرنونا التي تجبى بشكل منتظم دون تلقي أية خدمات مقابلها، وذلك بحسب صاحب فندق جبل الزيتون سفيان أبوغنام.

ويضاف إلى ذلك، التحريض الإسرائيلي ضد فنادق البلدة القديمة، وإقناع السائحين بأنها منطقة حرب خطرة.

ويشير صاحب «فندق جبل الزيتون»، إلى أن فنادق البلدة القديمة، تعاني تراكم الضرائب التي تفرضها إسرائيل، لافتاً إلى أن الفندق الواحد تصل الضرائب المفروضة عليه الى نحو مليون شيكل، في الوقت الذي لا يتمكن فيه من توفير الاحتياجات، بفعل ارتفاع حجم الضرائب، والممارسات الإسرائيلية.

ويشدد أبوغنام على ضرورة مواصلة أصحاب الفنادق العمل، متحدّين كل المضايقات، للحفاظ على هوية البلدة القديمة، وإفشال مخططات الجمعيات الاستيطانية في السيطرة على فنادق البلدة القديمة في القدس.

 

تويتر