يلجأون إلى مواقع إلكترونية في بلدانهم الأصلية

الأجانب في اليابان لا يعرفون كيفية التصرّف عقب الكوارث الطبيعية

صورة

بعد مرور ثماني سنوات، وصلت جهود المقيمين الأجانب في اليابان لمساعدة بعضهم بعضاً، بعد زلزال وتسونامي مارس 2011، إلى مفترق طرق. وفي كثير من الحالات، أنشأ السكان الأجانب الذين تأثروا بكارثة 2011 مجموعات لرعاية بعضهم بعضاً. لكن بعض المنظمات تكافح لمواصلة أنشطتها. وقد أكد الخبراء ضرورة قيام هذه المجموعات بتوضيح الغرض منها، وبناء الروابط الخارجية.

في فبراير الماضي وخلال عرض على محطة إذاعية محلية في كيسينوما بمحافظة مياجي، شاركت ثلاث نساء فلبينيات في نقاش حي. ويستضيف أعضاء من مجتمع «كيسنوما فيلبينو» النقاش الذي يستمر لمدة 30 دقيقة، الذي يُعرض مرةً كل شهر على راديو «كيسنوما». لقد كانت الجلسة الحوارية مملوءة بالفكاهة والضحك، إذ تحدّث الضيوف بمزيج من اليابانية والإنجليزية والفلبينية والإسبانية. وعلق أحدهم على أن «شامبورادو»، وهو كعكة أرز فلبينية بالشوكولاتة، قد تصبح لذيذة بشكل خاص في الأيام الممطرة.

بدأ شاريتو إيتو، الذي يتزعم المجتمع الفلبيني في مدينة كيسنوما اليابانية، البرنامج الإذاعي مع آخرين لتقديم معلومات مفيدة للحياة اليومية، بشكل أساسي، مثل المكان الذي تم إجلاؤهم إليه بعد كارثة تسونامي والتسرب النووي في فوكوشيما، وكيف وجدوا وظائف جديدة. ويركز البرنامج الإذاعي، حالياً، على تقديم الفعاليات وتسليط الضوء على الاختلافات الثقافية بين اليابان والفلبين. وعلى الرغم من المصاعب المختلفة، بما في ذلك الكفاح من أجل إيجاد وقت لتسجيل البرنامج خارج ساعات العمل، قال القائمون عليه إنهم يريدون الترويج لصورة جيدة عن الفلبينيين ومساعدة اليابانيين على معرفة الفلبين بعمق.

سلامة الناس

وعلى الرغم من وجود العديد من مجتمعات المقيمين الأجانب في مياجي ومحافظة فوكوشيما المجاورة للتحقق من سلامة الناس وتبادل المعلومات، وغيرها من الأهداف، فليست كل المجموعات مزدهرة.

انقسمت إحدى المنظمات بسبب النزاع حول إعادة انتخاب زعيمها، وانفصلت مجموعات عدة بعد خلافات في الرأي بين الأعضاء. وفي الوقت نفسه، تتزايد أهمية شبكات الطوارئ، مع زيادة عدد المقيمين الأجانب، بما في ذلك المختصون الفنيون، في منطقة توهوكو في ظل ارتفاع الطلب بسبب أنشطة إعادة الإعمار. وشهد مجتمع مؤلف من الإندونيسيين أساساً، ارتفاعاً في عضويته من 18 إلى أكثر من 300 عضو.

وقال أحد مؤسسي المجموعة، يدعى (إيسواهودي - 44 عاماً)، إن المنظمة تبلي بلاءً حسناً، إذ يُراقب السكان القدامى الأعضاء الآخرين، بينما يتدرب آخرون، لمدة عام، للعب أدوار قيادية. ووفقاً لإيسواهودي، فإن المجموعة لديها العديد من الأعضاء اليابانيين.

وقال المسؤول في جمعية مياجي الدولية تاكاهيرو أوزومي: «سيكون التحدي هو كيفية إعلام الناس بأهداف المنظمات والجمعيات عندما يستقر الوضع بعد الكوارث»، متابعاً «التعاون مع الآخرين، مثل العمل مع المجموعات اليابانية المحلية، سيكون حاسماً لاستمرار المجتمعات الأجنبية في ما يتعلق بالتعايش المتعدد الثقافات».

تساءل الكثيرون ما إذا كانت اليابان مجهزة لتوفير المعلومات الكافية للمقيمين الأجانب والسياح في حال ضرب زلزال كبير أو كارثة أخرى. لقد أثيرت هذه المسألة في الصيف الماضي عندما ضربت الكوارث شمال جزيرة هوكايدو ومنطقة كانساي في الغرب.

صورة واضحة

تشير الاتجاهات الحالية إلى أن عدد السياح الأجانب والمقيمين والطلاب والموظفين في اليابان سيزداد، لذلك يجب على السلطات ضمان عدم ترك هؤلاء الأشخاص يتخبطون في أوقات الطوارئ.

في الوقت الحالي، تتوافر المعلومات الخاصة بالكوارث في حالات الطوارئ، التي يتم توفيرها من خلال أنظمة الراديو المحلية، والبرامج الإخبارية التلفزيونية، باللغة اليابانية فقط. بالنسبة لأولئك غير المطلعين على بروتوكول الزلزال والتسونامي الياباني، فإن مجرد معرفة شدة الزلزال أو اسم المنطقة التي ضربها، ليس كافياً للحصول على صورة واضحة عن الوضع، وبالتالي قد يؤدي إلى شائعات كاذبة ومخاوف لا أساس لها.

في إشارة إلى إعصار جيبي، الذي غمر مطار كانساي الدولي، والزلزال القوي الأخير في هوكايدو، أقر رئيس الوزراء شينزو آبي بأن «المعلومات المقدمة لغير اليابانيين لم تكن كافية».

إن نوع المعلومات التي يحتاجها الأجانب في مثل هذه الحالات الطارئة، بما في ذلك كيف وما إذا كانوا يستطيعون العودة إلى ديارهم، وحيث يمكنهم العثور على مأوى، ليس دائماً ما يبحث عنه السكان المحليون بالضبط. ويتعين على السلطات أن تدرك هذه الاختلافات، وتعكس أنه ليس فقط في المعلومات المتعلقة بالكوارث التي تقدمها، ولكن أيضاً في الوسائل التي توفرها.

أظهر استطلاع أجرته وكالة رسمية للأجانب الذين تعرضوا للزلزال الهائل الذي هز اليابان في عام 2011، أن معظمهم لم يستعينوا بمواقع مقرها في اليابان للحصول على المعلومات، ولكن إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من بلدانهم الأصلية.

لغات عدة

لقد تحسنت اليابان، ولو ببطء، في نشر المعلومات بلغات متعددة. توفر منصة البث الرسمية، حالياً، برامج إخبارية ومعلومات عن الكوارث بـ17 لغة من خلال خدماتها الإذاعية والإنترنت. وهي تخطط لتزويد الأجانب بمزيد من المعلومات حول كيفية الاستجابة للكوارث المحتملة في اليابان قبل زيارة البلاد. إن الاستفادة الأكبر من هذه الخدمات العامة، والسعي باستمرار لزيادة الوعي بها، يمكن أن يكون فعالاً للغاية.

يعتمد الكثير من المسافرين على الهواتف الذكية للحصول على معلومات التنقل وخدمات الترجمة، لكن الكوارث الطبيعية التي حدثت الصيف الماضي تسببت في انقطاع التيار الكهربائي الذي جعل الهواتف الذكية عديمة الفائدة لهذه الأغراض، وبالتالي تفاقمت المشكلات. وأكدت هذه الحوادث الحاجة إلى أنظمة تمكن غير اليابانيين من الوصول إلى المعلومات المهمة من خلال وسائل أخرى غير الإنترنت.

وتقدم السلطات المحلية أداة عبر الإنترنت للحصول على دليل مطبوع «معلومات حية متعددة اللغات» لحالات الطوارئ. ويغطي موضوعات مثل التخلص من القمامة، والمراحيض، وشحن البطارية، والرعاية الصحية. ويمكن تجنب الكثير من الارتباك غير الضروري إذا قام مشغلو ملاجئ الإخلاء، على سبيل المثال، بإعداد هذه التوجيهات مقدماً.

من المهم، أيضاً، وجود أفراد يمكنهم تسهيل الاتصال بين اليابانيين والأجانب. وهذا يعني الاستفادة من تجربة الأشخاص الذين هم على دراية بأنماط الحياة والأديان في الخارج.

طريقة واحدة للقيام بذلك هي أن تطلب من المنظمات غير الربحية العاملة في التبادلات الدولية المساعدة في حالات الطوارئ. ويوصي تقرير مؤقت صادر عن لجنة حكومية في محافظة أوساكا حول الاستعداد للزلازل بإنشاء نظام لتكليف الطلاب غير اليابانيين والموظفين الأجانب العاملين في الشركات اليابانية في إطار برنامج التدريب الفني الداخلي، للعمل مؤقتاً كمترجمين فوريين في ملاجئ الإخلاء. ويمكن للسلطات المحلية الأخرى أن تأخذ إشارة من هذه الفكرة.

سر النجاح

خلال التعامل مع الزيادة السريعة في عدد الزوار الأجانب إلى اليابان، تبحث الحكومة اليابانية عن طرق لضمان الاعتناء بهؤلاء الزوار بشكل صحيح عند وقوع الكارثة التالية. ومع ذلك، فإن المبادرات الحكومية تميل كثيراً إلى الحلول التقنية أو الهندسية، مثل نشر المعلومات متعددة اللغات عبر الإنترنت، أو بناء جدران بحرية ضخمة كخطوط دفاع لكارثة تسونامي. حقيقة ما حدث في ولاية مياجي، التي شهدت أكبر عدد من القتلى من كارثة تسونامي في عام 2011، تشير إلى أن الحل الحقيقي هو أبسط بكثير، ولكن من الصعب تحقيقه.

أهم درس من تسونامي 2011، هو أن التفاعل بين الأشخاص ومهارات التواصل الأساسية هي التي تنقذ الأرواح. أثناء الكارثة، إما أن تنهار شبكات الاتصالات أو تصبح مرهقة. للبقاء على قيد الحياة بعد وقوع الكارثة، يتعين على الشخص أن يجد طريقه إلى مركز الإغاثة، ثم البقاء هناك. في كل مرحلة، سيحتاج إلى التعاون مع الأشخاص من حوله. يمكن أن تصبح لغة الإشارة أداة اتصال قوية إذا تم استخدامها بشكل جيد. إن التفكير في الحاجة إلى مترجم أو أداة إلكترونية من شأنه أن يعيق التواصل.

في عام 2011، كان هناك آلاف عدة من الأجانب المقيمين على طول الساحل الذي ضربه تسونامي، لكن عدد القتلى كان منخفضاً بشكل ملحوظ. في المدن الداخلية الكبيرة والبلدات والقرى على طول الساحل، قضى عدد غير معروف من السكان والسياح الأجانب وقتاً في مراكز الإخلاء. في عدد محدود من الحالات، أدى وجود الأجانب إلى مشكلات في بعض المراكز. ومع ذلك، فإن الإجراء المناسب من قبل السكان المحليين أدى إلى حلول للمشكلات، والآن تقوم جمعيات محلية بإدراج السكان الأجانب في التدريبات السنوية للتعامل مع حالات الكوارث.

مركز الإغاثة

إذا وجد الإنسان نفسه في مركز كبير للإغاثة في وسط مدينة رئيسة، فمن المحتمل أن يكون مجهزاً بشكل جيد بأدوات الطوارئ والمياه والبطانيات ومستلزمات الطوارئ الأخرى. يتم إدارته من قبل موظفي الخدمة العامة ممن لديهم بعض التدريب في إدارة مراكز الطوارئ والتعامل مع مجموعة واسعة من الناس ذوي الاحتياجات والمشكلات المختلفة. على الجانب السلبي، فإن معظم الموجودين لا يعرفون بعضهم بعضاً، والتوترات واحتمالات حدوث المتاعب ستكون عالية.

ومع ذلك، إذا كان مركز الإغاثة عبارة عن قاعة مجتمعية محلية يديرها سكان محليون، فسيكون الوضع مختلفاً إلى حد ما. ستكون الموارد محدودة، وكثير من الناس في المركز من المحتمل أن يكونوا من كبار السن. والأكثر إيجابية، أن معظم الناس يعرفون بعضهم بعضاً لأنهم جيران وسيتعاونون.

في مركز الإغاثة، يحتاج المرء إلى الوثوق بأشخاص آخرين والعمل لجعلهم يثقون به. حتى لو لم يكن الأمر كذلك، فإن مستوى الإجهاد في أي مركز إخلاء سيكون مرتفعاً جداً، لذلك يجب مراعاة الأشخاص المحيطين.

معلومات مسبقة

من المهم أن تقدم الحكومة اليابانية للناس في البلدان الأخرى معلومات مسبقة حول إمكانية حدوث كوارث طبيعية في اليابان، وكيفية الاستجابة لحالات الطوارئ هذه أثناء إقامتهم. من منظور طويل الأجل، يعد اكتساب ثقة غير اليابانيين أكثر أهمية من تسجيل الزيادات، على المدى القريب، في أعداد السياح.

عندما تحدث الكارثة، من الصعب أن يهتم الشخص بشيء أكثر من مجرد الاعتناء بنفسه. ولكن حتى في هذه الظروف العصيبة، ينبغي على جميع اليابانيين أن يضعوا في اعتبارهم العديد من الأجانب من حولهم الذين يعانون صعوبة الحصول على المعلومات.

تويتر