مع اقتراب القمة المزمع انعقادها بين أميركا وكوريا الشمالية

مراقبون يخشون افتقار ترامب إلى الحنـــــكة اللازمة للتوصل إلى حلّ دبلوماسي مــــع كيم

صورة

في خطوة مفاجئة، الأسبوع الماضي، أكد المبعوثون الكوريون الجنوبيون أن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، يرغب في الاجتماع بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب. الأمر الأكثر إثارة للدهشة أن ترامب قبل بالعرض، ويعتبر هذا أمراً مهماً لأن كلا البلدين يهدد أحدهما الآخر بالأسلحة النووية منذ أشهر عدة. الالتقاء وجهاً لوجه يمكن أن يؤدي إلى تخفيف حدة التوتر وتفادي حرب محتملة مدمرة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، ويمكن أيضاً أن يفشل الاجتماع، الأمر الذي قد يعيد كلا البلدين إلى مسار المواجهة.

ويجادل الخبراء، على مدى عقود، بأن الحل الدبلوماسي مع كوريا الشمالية هو أفضل طريقة لضمان السلام. وتكمن المشكلة في أن المحادثات رفيعة المستوى تقف في طريقها تعقيداتها الخاصة، لأن كلا الطرفين لن يتراجع عن مواقفه السياسية الرئيسة. حيث تريد كوريا الشمالية من الولايات المتحدة وقف التدريبات العسكرية مع كوريا الجنوبية، على سبيل المثال. ومن المرجح أن تبدأ هذه المناورات قبل شهر أبريل. وليس من الواضح ما إذا كان لترامب الخبرة أو المزاج للوصول إلى حل دبلوماسي للمواجهة النووية مع كوريا الشمالية. علاوة على ذلك ليس من الواضح أيضاً ما إذا كانت كوريا الشمالية ترغب حقاً في انعقاد هذه القمة، أو أنها قبلت بمجرد الاجتماع لكي تجعل الولايات المتحدة تبدو سيئة. وللوصول إلى صورة واضحة عما ستتمخض عنه تلك القمة، طرحت مجلة «فوغ» سؤالاً بسيطاً على خبراء عديدين، يتمثل في مدى أهمية انعقاد هذه القمة، ومخاطرها وسلبياتها وإيجابياتها.

رسائل واضحة ومتسقة على طول الطريق

عيون مفتوحة.. وتفاؤل حذر

ترى كبيرة مديري السياسات بمركز مراقبة التسلح وعدم الانتشار، ألكسندرا بيل، أنه يتوجب أن تدخل أميركا أي محادثات بعيون مفتوحة وتفاؤل حذر، هذا يمكن أن يشكل لنا بداية جيدة، ويمكن أن نفشل فشلاً ذريعاً أيضاً. ويحتاج البيت الأبيض إلى تمكين الخبراء في الحكومة، والاستماع إلى نصائحهم ومشورتهم، فقد ظلوا مطلعين على هذه القضية منذ وقت طويل، ويعتقدون أن خلو شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية، سيستغرق أكثر من اجتماع رفيع المستوى، يجب أن يكون الهدف على المدى القريب هو الحفاظ على تجميد التجارب النووية والصاروخية لأطول فترة ممكنة، ولتحقيق أهدافنا على المدى الطويل، علينا أن نكون صبورين ومستعدين للعمل مع الحلفاء والشركاء في المنطقة.


• إذا لم يستطع ترامب بعد الاجتماع الخروج ببعض الالتزامات الملموسة بشأن جبهة خالية من الأسلحة النووية، فإنه يضفي بذلك شرعية على البرنامج النووي لكوريا الشمالية.

• إذا دخل ترامب المحادثات بتوقعات غير معقولة، وغادر وهو يشعر بالخيانة، فإن الحرب قد تلوح في الأفق مرة أخرى.


• الطريق أمام ترامب مليء بالألغام المبيتة، خطوة واحدة ويمكن أن يجد نفسه من حيث بدأ.

مساعدة مدير المعهد الأميركي الكوري بجامعة «جونز هوبكنز»، جيني تاون، ترى أن هذه فرصة كبيرة إذا تم اغتنامها بشكل مناسب، مثل هذه القمة رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، قد يُوجِد أرضية لاتخاذ خطوات جريئة من قبل كل الجهات الفاعلة، وكسر جدار البيروقراطية، وإيجاد تفويض من القمة إلى القاعدة، من أجل عقد مزيد من الاجتماعات العملية الموضوعية لتوضيح المزيد من التفاصيل. ولكن ينبغي الآن إنجاز العديد من الاستعدادات قبل انعقاد القمة. ويجب أن تكون هناك أهداف واضحة، وتوقعات منطقية، وتنسيق، ومشاورات مع الكوريين الجنوبيين طوال العملية، ورسائل واضحة ومتسقة على طول الطريق. إذا لم يستطع ترامب بعد هذا الاجتماع أن يخرج ببعض الالتزامات الملموسة بشأن جبهة خالية من الأسلحة النووية، فإنه يضفي بذلك الشرعية الفعلية على برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وبالمثل إذا لم يكن لدى ترامب أهداف واضحة وتوقعات منطقية، وخرج من الاجتماع وهو غير راضٍ عن النتائج، فإنه سيدعي إن الدبلوماسية لم تنجح، وعندها يمكن استئناف الحديث عن الحرب الوقائية، وهنا تبدو المخاطر كبيرة للغاية.

المخاطر كبيرة

نائب رئيس برنامج الأمن القومي بمؤسسة ثيرواي واي الفكرية، ميكي إيويانغ، يعتقد أن المخاطر كبيرة، وهناك أسئلة حقيقية حول ما إذا كان ترامب على مستوى هذه المهمة. لا يمكننا أن نتأكد من ذلك، ينبغي أن يستمع الرئيس لمستشاريه بشأن ما تم إنجازه من قبل، وما يريده حلفاؤنا الإقليميون، لكن للأسف فإن هذا الرئيس ليست لديه القدرة على دراسة الخطوط أو التفاعل مع السيناريو.. أنا لست متفائلاً.

تأثير العقوبات

كبير الباحثين في الشؤون الدفاعية الدولية بمؤسسة راند الفكرية، بروس بينيت، يتساءل عن السبب الذي دفع كيم جونغ أون إلى تقديم هذا الاقتراح، فهو يتناقض مع الكثير مما يقوله منذ خطابه في رأس السنة الجديدة، أعتقد أن جزءاً من السبب يتمثل في تأثير العقوبات الاقتصادية في بلاده، وأعتقد أن على الولايات المتحدة أن تطلب من كيم إطلاق سراح الأميركيين الذين مازالت كوريا الشمالية تحتجزهم كرهائن، ثم تطلب منه تسليم خمسة أسلحة نووية إلى طرف ثالث مستقل، على الأرجح فرنسا، وذلك قبل بدء أي قمة، فإذا كان مستعداً للقيام بذلك فعلى الولايات المتحدة أن تقدم الطعام لبلاده كشكل من أشكال المساعدات الإنسانية، وعادة ما تكون الفترة من أبريل إلى مايو من السنة، التي يقل فيها الغذاء بكوريا الشمالية، وقد تؤدي هذه المساعدات إلى إنقاذ بعض السكان من براثن الجوع. وهناك مخاطر تتمثل في أن كيم يسعى لإنهاء تحالف الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية، وقد يحاول استخدام هذه القمة كطريقة لمواصلة هذه الجهود، وقد يخرج من القمة بسبب ذلك، ويلقي باللوم على ترامب لكونه غير معقول، ويمكنه بعد ذلك أن يواصل استفزازاته، ما قد يزيد من التوترات في المنطقة بشكل كبير، لكنه في النهاية سيلوم ترامب.. آمل ألا تكون هذه هي استراتيجيته.

لعبة

زميلة بارزة بصندوق مارشال الألماني، لورا روزنبيرغر، ترى أن كيم جونغ أون يلعب هذه اللعبة التي لعبها والده وجده من قبل، لكنه الآن أصبحت لديه الشجاعة بسبب اعتقاده أن لديه رادعاً نووياً موثوقاً به، يجب أن نكون حذرين بشأن هذا الأمر من جوانب عدة. أولاً أن الوسيط بيننا وبينه هو الكوريون الجنوبيون، ولم نسمع شيئاً عن الكوريين الشماليين مباشرة. وثانياً إن أي قمة مع كيم من دون إعداد جاد، أو أي إحساس بما يجب أن يتضمنه جدول الأعمال، فسنفقد معظم ثقلنا قبل أن نصل إلى الطاولة.

زميل أول باتحاد العلماء الأميركيين، آدم مونت، يرى أنها فرصة لا تقدر بثمن لتثبيت حالة متقلبة، فكل يوم يمر من دون أن تختبر فيه كوريا الشمالية أسلحتها النووية، يبعدنا عن الحرب. ولتحقيق أهدافنا في المحادثات ينبغي التحلي بالحذر والصبر والمرونة، وتشكيل فريق تفاوض موثوق به يتمتع بالخبرة، وهذه ليست من ميزات ترامب، الذي قبل دعوة كيم بشكل مفاجئ، وتنازل عن ورقة مهمة قبل بدء اللعبة، وهذا من شأنه أن يستنزف الثقل الأميركي، ويزيد من خطر فوز كيم على ترامب، وتعرضه للإحراج في أفضل الظروف، أو انهيار المحادثات.. إذا حدث أي من هذه، سنكون مباشرة على شفا الحرب.

طريق ملغم

زميل أول بمعهد كاتو الفكري، دوغ باندو، يرى أن الطريق أمام ترامب مليء بالألغام المبيتة، خطوة واحدة ويمكن أن يجد الرئيس نفسه من حيث بدأ، عادة ما تتضمن القمم الكبرى مفاوضات مفصلة، ما قد يؤدي إلى إحداث ثغرة في جدار المفاوضات. للأسف هذه الإدارة سيئة الإعداد. لا يعرف ترامب إلا القليل جداً عن هذا الموضوع، ولا يقبل بالإحاطة، ويخضع للاستغلال، لذا فهو ليس شخصاً مؤهلاً ليدير وحده محادثات معقدة محفوفة بالمخاطر. ثانياً لم يتحدث كيم بعد، قد يكون مستعداً، كما يزعم المسؤولون الكوريون الجنوبيون، للتخلي عن الأسلحة النووية، لكن هذا محتمل نظرياً فقط، في مقابل نوع «الضمانات الأمنية» التي قد ترفض واشنطن تقديمها، مثل إنهاء التحالف مع كوريا الجنوبية، وسحب القوات الأميركية. وبالتأكيد لن يكون رفع العقوبات كافياً، في حين أنه من الأفضل أن نرى كلا الزعيمين يتفاوضان مع بعضهما بدلاً من إطلاق التهديدات، إلا أنهما سيبدآن بأهداف مختلفة جذرياً، إن مجرد التفاوض مع أميركا ومقابلة الرئيس الأميركي، نجاح كبير لكيم. إذا دخل ترامب في المحادثات بتوقعات غير معقولة، وغادر وهو يشعر بالخيانة، فإن الحرب قد تلوح في الأفق مرة أخرى.

تويتر