في الاحتفال ببلوغه الـ 80

كريمات زعيم حزب الأمة السوداني يروين ذكريات الملاحقة والاضطهاد

صورة

في احتفالية بلوغه سن الـ80 بالقاهرة، حضرها لفيف من الأنصار، وممثلون للشعب السوداني والنخبة المصرية، تطرق زعيم حزب الأمة القومي السوداني، الصادق المهدي، إلى قضية تولي ابنه عبدالرحمن الصادق المهدي، منصب المستشار السياسي للرئيس عمر البشير، رغم كون المهدي الأب ركناً أساسياً في المعارضة السودانية، وعلق المهدي على ذلك قائلاً إن بعض الناس ينتقدون موقف ابني عبدالرحمن، ويرون أن هذا الموقف توزيع أدوار خططت أنا له، والحقيقة أنني حرصت على التحاق ابني عبدالرحمن بالقوات المسلحة، ووافقت على أن يسند إليه أي عمل داخل النطاق العسكري، ورفضت إسناد أي مهمة سياسية له، لكن قبل هذا لابد من الإشارة إلى أن عبدالرحمن منذ دخوله القوات المسلحة لم يعد عضواً في حزب الأمة.

من جهتها، قالت ابنة الصادق المهندسة الزراعية، (أم سلمة)، لـ«الإمارات اليوم» إن أسرة الصادق المهدي دفعت راضية عبر تاريخها تضحيات هائلة، بدءاً من الاعتقالات المتكررة لعميدها الإمام الصادق، وتشريده في المنافي الاختيارية، إلى ملاحقة الأسرة واضطهادها في عصور الشموليات. وكانت (أم سلمة) حضرت مع شقيقتيها الأستاذتين الجامعيتين، رندة وزينب، وشقيقاتها الناشطات السياسيات، طاهرة ومريم ورباح.

وقالت رباح «إن هناك موقفاً لاتزال تتذكره في طفولتها، في ظل انقلاب النميري 1969، بعد أحداث الجزيرة أبا، وهي أنهم كانوا (أي أبناء المهدي) مقيمين، وهم أطفال، في سرايا جدهم عبدالرحمن المهدي، فجاءت قوات الأمن لمصادرة السرايا، وكانت جدتهم هناك، وهم مقيمون معها، لأن أمهاتهم وأهليهم ليسوا بالبيت، فطلب الجنود منهم مغادرة السرايا فوراً ليتسلموها وإلا أطلقوا عليهم النار فوراً، كما أوقفهم أحد الجنود صفاً واحداً بجانب الحائط وشرع في ضربهم، وكاد يفعل ذلك لولا وصول وزير الداخلية وقتها، فاروق حمدالله، حيث كان يتفقد المنطقة ويتابع الموقف. وتدخل ومنع الجنود مشيراً إلى أنهم أطفال لا ذنب لهم في ما يجري، ومحاولاً تلطيف الأجواء بعد مذبحة الجزيرة أبا التي قتل فيها الآلاف، وكان أكبر طفلة فينا وقتها (أم سلمة)، حيث يبلغ عمرها 10 سنوات، بينما كانت أصغرنا طاهرة لا تزيد على عام».

وأضافت رباح أن هناك موقفاً آخر، مازالت تتذكره، هو قدوم قوات الأمن لاعتقال أبيها، بعد صدور ما يسمى قوانين النميري الإسلامية في سبتمبر 1983، عندما ألقى خطاباً سياسياً رفض فيه تلك القوانين، ووصفها بأنها تشويه للشريعة الإسلامية، فغضب نظام النميري وقتها، وأرسل كتيبة كاملة مدججة بالسلاح للقبض عليه، واعتقلوا الإمام بطريقة لا يمكن أن تمحى من الخيال، وهو مشهد تكرر في ما بعد مرات كثيرة في حياة أبناء المهدي.

وتقول رباح لم نشهد نحن أبناء الصادق المهدي، دكتاتورية الجنرال عبود، لأننا كنا إما صغاراً، أو لم نأت إلى الحياة بعد، كما أن والدنا لم يتعرض للسجن في حقبة عبود، وأقسى ما تعرض له هو التهديد، أو طلب قادة الانقلاب منه سحب كتابه عن ثورة 1964 من الأسواق، أو على الأكثر تحديد الإقامة للمهدي، لكن هذا لا ينفي أن الانقلابيين قتلوا الأنصار في احتفالات المولد عام 1961، وأطلقوا عليهم الرصاص الحي.

واستطردت رباح أما في نظامي النميري والإنقاذ، فقد اعتقل والدي وجرت محاولات لاغتياله وتصفيته جسدياً، كما تعرض منزلنا للاقتحام، وتعرضنا لما هو أسوأ من ذلك، وهو حملات الاغتيال المعنوي عبر الحملات الصحافية والفبركات والشتائم، وعشنا ظروفاً رديئة جداً خلال هذه التجارب.

وختمت رباح قولها «إن أقسى ما كان يؤلمهم كأسرة سياسية ليس الملاحقة، أو التعذيب، أو الاضطهاد، وإنما الحملات الصحافية المفبركة والدعاية السوداء، ومحاولات الاغتيال المعنوي للمهدي بأقلام مغرضة، فماذا يمكن ان تفعل أسرة مع أطفال يسمعون هذا الكلام السلبي ضدها في الخارج؟ وهل سترد على كل كلمة وحرف؟». وتابعت «فعلاً كانت مشكلة، كانت الأسرة ترد على ذلك بأن يرتب لنا الوالد دروساً منظمة منهجية لنعرف الحقيقة، وتاريخ الأنصار، وتاريخه بشكل منظم يدحض الأكاذيب، كما أن الجدات قمن بدور إيجابي في توعيتنا بالحقيقة، أما الآلية الثالثة للرد على الدعاية السوداء، فقد كانت مشاركتنا نحن أفراد الأسرة بالرد على ما يقال بشكل مباشر في الصحافة المكتوبة، وربما كانت هذه هي البوابة التي أصبح فيها عدد منا كتاباً صحافيين يكتبون بشكل منتظم».

 

 

تويتر