بسبب الجفاف وسوء الإدارة والتوسع السكاني

مكسيكو سيتي تتخوف من انقطاع المياه تماماً عن أحيائها

صورة

بنيت العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي على بحيرة تستقبل أمطاراً أكثر مما تتلقاها لندن، لكن نظام الإمداد سيئ للغاية لدرجة أن المنازل تنقطع عنها المياه لأسابيع، ويخشى السكان من المستقبل القريب عندما تحين ساعة «الصفر»، وهي الانقطاع الكلي للمياه عن المنازل.

الأسباب التي أدت الى ذلك عديدة وهي مزيج من البنية التحتية المتداعية، وسوء الإدارة، والجفاف، وارتفاع درجات الحرارة، والتوسع السكاني، والقرار المصيري الذي اتخذه المستعمرون الإسبان منذ قرون مضت، ما أدى إلى وصول المدينة إلى نقطة الانهيار بالنسبة لموارد المياه.

وبينما يحافظ الأغنياء على امتلاء حمامات السباحة وبحيراتهم الاصطناعية الخاصة بهم، يشعر أفقر سكان المدينة بالغضب من اضطرارهم إلى إنفاق مبالغ متزايدة على المياه. وتقوم الأسر بتخزين المياه في براميل كلما استطاعت ذلك، وتجمع مياه الأمطار في خزانات على أسطح منازلها، وبدلاً من المياه البنية والنتنة التي تخرج أحياناً من الصنابير، يضطرون إلى شراء الماء من شاحنات المياه التي تتنقل باستمرار عبر شوارع المدينة.

ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يتصاعد الغضب من فشل الدولة في الاستجابة للأزمة، ففي يناير حطم سكان بلدة بالقرب من مكسيكو سيتي بوابات مكتب لجنة المياه، واندلعت معارك في أحياء المدينة حول الحصول على المياه من الأنابيب.

وعندما بنى الأزتيك، وهم السكان الأصليون في المكسيك، عاصمتهم للمرة الأولى في تينوختيتلان، قبل 700 عام على الأقل، استخدموا شبكة من الجسور والطوافات لبناء مدينة عائمة على بحيرة تيككوكو، الواقعة في وادٍ على ارتفاع 7000 قدم فوق مستوى سطح البحر محاطة بالجبال. وتتدفق المياه العذبة من قناتين من الطين، وتنمو الذرة والقرع والفاصوليا على الجزر الزراعية المبنية في البحيرة والجسور العظيمة التي تربط المدينة بالبر الرئيس. وبالنسبة للغزاة الإسبان في القرن الـ16، كان الأمر بمثابة عجب لم يسبق لهم أن رأوا مثله من قبل، لكنهم سعوا إلى تدميره.

واليوم يتم ضخ نحو 40% من مياه المدينة من مسافة تزيد على 100 ميل، فيما يقول العلماء إنها شبكة غير فعالة إلى حد كبير من الأنابيب والقنوات والخزانات المعروفة باسم نظام كوتزامالا والتي تستهلك كميات هائلة من الطاقة، وتأتي نسبة الـ60% المتبقية من مياه المدينة من طبقات المياه الجوفية، وهي جزء من البحيرة القديمة، والتي يتم ضخها بشكل أسرع بكثير من تجديدها.

وتقول المدير العام لمؤسسة إيسلا أوربانا، جنيفر وايت، وهي مؤسسة اجتماعية لتجميع مياه الأمطار تعمل في مكسيكو سيتي منذ 15 عاماً: «الأمر غير الواضح في الوقت الحالي هو ما مقدار كمية المياه المتبقية في طبقة المياه الجوفية». وتضيف: «لكن ما نعرفه هو أن الماء يتناقص كل يوم». وما يزيد الطين بلة أن أكثر من 40% من المياه التي يتم ضخها عبر المدينة تضيع بسبب التسربات في نظام الأنابيب، وفي الوقت نفسه ارتفع عدد سكان المدينة إلى أكثر من 20 مليون نسمة بعد أن كان يزيد قليلاً على 300 ألف نسمة في عام 1950.

ومع انخفاض مستوى المياه في طبقة المياه الجوفية، تغوص المدينة في الأرض بمعدل يصل إلى 20 بوصة سنوياً في بعض المناطق، وفي وسط المدينة تتموج الطرق بفعل ذلك، وتميل كنيسة السيدة غوادالوبي بزاوية مائلة، ويغوص قصر الفنون الجميلة في عمق الأرض لدرجة أن طابقه الأرضي الأصلي أصبح قبواً.

وتقول المرشحة الحالية للرئاسة، كلوديا شينباوم، التي شغلت من قبل منصب وزير البيئة وتولت رئاسة حكومة مكسيكو سيتي، إن الأزمة ناجمة عن العديد من العوامل: الاستغلال المفرط وإزالة الغابات وتغير المناخ.

وفي مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي، زعمت أنها وزملاءها عملوا بجد للتخفيف من حدة الأزمة وكانوا يعملون على إيجاد حلول طويلة المدى. ونفت أن تتحمل أي مسؤولية عن الوضع الحالي. وقالت: «ربما تكون المياه إحدى الضروريات الرئيسة التي نحتاج إلى حلها»، مدعية أنها «عملت كثيراً» في محاولة لتحسين الوضع، لكن حجم الجفاف الحالي كان شديداً بشكل غير متوقع.

ويعتقد عدد قليل من الخبراء أن هناك فرصة وشيكة لليوم «صفر» الحقيقي على مستوى المدينة، خصوصاً أن موسم الأمطار على وشك البدء، ومع ذلك بالنسبة للبعض في المدينة فقد وصل يوم «الصفر» بالفعل.

• بينما يحافظ الأغنياء على امتلاء حمامات السباحة وبحيراتهم الاصطناعية الخاصة بهم، يشعر أفقر سكان المدينة بالغضب من اضطرارهم إلى إنفاق مبالغ متزايدة على المياه.

تويتر