بسبب الحاجة إلى نظام عالمي مستدام   

الصين وفرنسا تستطيعان بناء جسور بين الغرب وبقية العالم

صورة

تأتي أول زيارة للرئيس الصيني شي جينبينغ لأوروبا منذ خمس سنوات وسط توترات اقتصادية وسياسية متفاقمة في العالم، فقد أدت جائحة كورونا إلى تدهور سلاسل التوريد في العالم وأحدثت شروخاً في عالم تحكمه العولمة، وقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تسريع هذا التشرذم، كما خلفت العقوبات المفروضة على روسيا تأثيراً على المستوى الدولي. وكانت الحرب في الشرق الأوسط سبباً في اتساع الفجوة بين الغرب وبقية العالم، أو ما يمكن أن نطلق عليه جنوب العالم.

ونحن بحاجة إلى التفكير في كيفية إنشاء نظام عالمي مستدام أكثر من أي وقت مضى، وعلينا تجنب الحرب التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين، في الوقت الذي يمكن أن تصل فيه التوترات بين الصين والولايات المتحدة إلى حالة غير متوقعة خلال عام انتخاب الرئيس الأميركي.

وليس بالضرورة أن تتداخل المصالح الأميركية مع تلك الأوروبية، وكما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نحن بحاجة إلى العمل مع الصين من أجل السلام، والازدهار، والتعامل مع قضية تغير المناخ. وكانت زيارة شي فرصة لتحديث العلاقة بين الصين وفرنسا.

أزمة الصواريخ في كوبا

وفي هذا السياق، كان قرار الرئيس الفرنسي السابق تشارلز ديغول قبل 60 عاماً، والقاضي بالاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، يشكل أهمية على نحو خاص. وكان العالم في ذلك الوقت منقسماً إلى قسمين نتيجة الحرب في فيتنام. وأدت أزمة الصواريخ في كوبا التي جرت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى دفع العالم نحو شفير الحرب النووية، وكانت فرنسا قد أنهت فترة استعمارها للجزائر.

وتوصل ديغول إلى قرار النظر في حقيقة أن «العالم كما هو»، ولكن يبدو أننا في هذه الأيام نعيش وضعاً مشابهاً لما كانت عليه الحال في تلك الفترة في عالم متغير بصورة هائلة. وواقعنا اليوم هو أن الحكم الذي أقامه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية لم يعد يعكس التوازن الفعلي للقوى في العالم.

ومن الواضح بصورة جلية أن مؤسسات الأمم المتحدة لا تعمل بكفاءة. وترى القوى الصاعدة في العالم أن هناك حالة من التعامل بالمعايير المزدوجة ضدها. وتميل الاتجاهات الديموغرافية في الغالب لصالح الجنوب العالمي، حيث يسعى الشباب إلى تحقيق العدالة واحترام ثقافاتهم.

وبناء عليه علينا التفكير بعناية بشأن إمكانية تشكيل هذه الجسور الجديدة بين الغرب ودول جنوب العالم، ويمكن لفرنسا والصين الدولتين الملتزمتين بالتعددية، أن تلعبا دورهما في إنشاء نظام متعدد الأطراف يتم تنشيطه ليعكس توازن القوى بشكل أفضل.

الحاجة إلى السوق الصينية

وفي الوقت الحالي يواجه الاتحاد الأوروبي والصين مشكلة تجارية كبيرة، ويعمل فائض الإنتاج من السيارات الكهربائية في الصين على دفع الصادرات نحو الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي تعتبره بروكسل بمثابة إغراق. وبينما يُجري الاتحاد الأوروبي تحقيقاً لمكافحة الدعم في قطاع السيارات الكهربائية، تبحث الصين في إغراق السوق الأوروبية بالمشروبات الكحولية.

وعلينا أن نجد طريقة لحل هذه المشكلة، ويتفق الجميع في أوروبا على أننا بحاجة إلى السوق الصينية والتقنية الصينية، في حين أظهرت الصين اهتمامها بالحفاظ على علاقة تجارية قوية مع الاتحاد الأوروبي. وأشار الرئيس شي في رسالة قبل زيارته إلى أوروبا، إلى أن الصين مستعدة للعمل مع فرنسا في مجال الطاقة النظيفة والمجالات الأخرى التي تعتبر جزءاً من عملية التعامل مع أزمة تغير المناخ.

وتفضل الصين وفرنسا تعزيز التجارة ضمن النظام المتعدد في منظمة التجارة العالمية، وقبل بضع سنوات كشف الاتحاد الأوروبي والصين عن اتفاق شامل حول الاستثمار، لم يدخل حيز التنفيذ للأسف، لكنه يشمل أدوات التعامل بالمثل، والوصول إلى الأسواق، وتكافؤ الفرص، وحماية الملكية الفكرية.

ومن منطلق هذه الروح علينا تشجيع شركاتنا للعمل معاً على تقنيات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الحيوية، والمهم هنا العمل وفق نظام ومعايير تنطبق على مناطق يوجد بها نمو في المستقبل، مثل آسيا ودول المحيط الهادي، وإفريقيا، والشرق الأوسط.

ورقة الموقف الصيني

ولنضع في اعتبارنا أنه يجب على أنظمتنا الاقتصادية أن تنمو حتى مع تمسكها بالتزامات تعهدت بها كل دولة في قمة «كوب 28» للمناخ، حيث تظل قضية معالجة تغير المناخ هدفاً مشتركاً لمستقبل البشرية.

وتظل مسألة الاستقرار تحدياً كبيراً، وعلينا تبادل وجهات النظر لإنشاء نظام عالمي جديد يستند إلى التعددية وضمانات أمنية مستدامة.

وتستند ورقة الموقف الصيني المؤلفة من 12 نقطة إلى مبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي نشترك فيه جميعاً، ونظراً إلى أن وقف إطلاق النار في أوكرانيا سيؤدي إلى كبح سفك دماء الكثير من الأشخاص، فلماذا لا نتصور مفاوضات السلام التي تستند إلى تلك المبادئ، والتي ينبغي أن تشمل المناقشات حول الحدود، وضمانات الأمن العالمي، وإعادة الإعمار؟

ويجب على الصين وفرنسا أن تعملا معاً من أجل الترويج لحل الدولتين، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويكون هناك ضمانات أمنية لكلا الطرفين. وتعتبر الصين لاعباً أساسياً في المسرح العالمي يمكن أن تقدم مساهمات كبيرة إلى جانب فرنسا والآخرين. عن صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست»

. من الواضح بصورة جلية أن مؤسسات الأمم المتحدة لا تعمل بكفاءة. وترى القوى الصاعدة في العالم أن هناك حالة من التعامل بالمعايير المزدوجة ضدها.

. دعوة إلى تجنب الحرب التجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين، في الوقت الذي يمكن أن تصل فيه التوترات بين الصين والولايات المتحدة إلى حالة غير متوقعة.

تويتر