أدت إلى تدمير مساحات زراعية واسعة

الفيضانات والجفاف تزيد حالات الجوع والمرض في أميركا اللاتينية

صورة

تزايدت حالات الجوع والأمراض في دول أميركا اللاتينية بعد سنة من ارتفاع الحرارة إلى مستويات قياسية، نتيجة الفيضانات والجفاف، وفق تقرير صادر عن منظمة الأرصاد الجوية العالمية.

وعانت هذه القارة العالقة بين المحيطين الهادئ - الذي ارتفعت حرارته على نحو غير عادي - والأطلسي، عشرات الآلاف من الوفيات نتيجة المناخ عام 2023، وخسائر تبلغ قيمتها 21 مليار دولار على الأقل، جراء أضرار اقتصادية، «وهي أكبر خسارة ناجمة عن ارتفاع الحرارة تكبّدتها أي منطقة أخرى»، وفق ما ذكره التقرير.

ونجمت هذه الفوضى المناخية عن مزيج من ارتفاع الحرارة الناتج عن النشاط البشري، وتأثيرات ظاهرة «النينو» الطبيعية، إضافة إلى الفيضانات المدمرة في مدينة بورتو أليغري جنوب البرازيل، والتي أدت إلى مقتل 95 شخصاً على الأقل، ودمرت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بعد ارتفاع الحرارة في أبريل إلى أعلى حد معروف في هذا الشهر، حتى الآن، في التاريخ البشري.

وتم تحطيم الأرقام القياسية للحرارة العالمية خلال 11 شهراً على التوالي، ما أدى إلى وفيات، وتدمير العديد من أجزاء الكرة الأرضية. وعانت أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بعض أسوأ هذه الآثار.

وفي ملخص العام الماضي لهذه المنطقة، قال تقرير منظمة الأرصاد الجوية العالمية، إن الكوارث وتغير المناخ، إضافة إلى الصدمات الاجتماعية والاقتصادية، هي الدافع الرئيس لحالات انعدام الأمن الغذائي الحاد الذي أثّر في 13.8 مليون شخص.

انتشار الأمراض

ومع ارتفاع حرارة العالم تنتشر الأمراض عبر مناطق أكبر. وأشار تقرير الأرصاد الجوية العالمية إلى أنه تم تسجيل نحو ثلاثة ملايين حالة من حمى الضنك في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023، الأمر الذي يحطم الرقم القياسي السنوي المسجل في هذه المنطقة. وتعرضت الأوروغواي لأول حالات من مرض الشيكونغونيا، ووسعت تشيلي نطاق التحذيرات حول انتشار البعوض.

ويوجد معدل 36 ألفاً و695 وفاة ناجمة عن ارتفاع حرارة العالم كل عام في هذه المنطقة، خلال العقدين الماضيين. وفي العام الماضي لم يتم حساب الوفيات، لكنه من المحتمل أن يفوق المعدل، بالنظر إلى الحرارة القياسية طويلة المدى في بعض الأماكن.

وبلغت أعلى درجة حرارة في المكسيك 51.4 درجة مئوية سُجلت في 29 أغسطس الماضي. وبحلول نهاية العام الماضي عانت 76% من مناطق المكسيك درجة معينة من الجفاف. وفي أكتوبر الماضي تعرضت مدينة أكابولكو المكسيكية الواقعة على ساحل المحيط الهادئ، لأول إعصار من الدرجة الخامسة يصل إلى هذه المناطق. وأدى هذا الإعصار الذي أطلق عليه اسم «أوتس» إلى قتل نحو 48 شخصاً، ودمّر 80% من فنادق المدينة، وسبب أضراراً تقدر قيمتها بنحو 12 مليار دولار.

قناة بنما

وتعرضت مناطق أخرى في أميركا الوسطى والجنوبية لحرارة مرتفعة للغاية، إضافة إلى موجة جفاف امتدت لفترة طويلة. وهطلت على قناة بنما كميات من الأمطار أقل بـ41% من الوضع الطبيعي، ما أدى إلى حدوث صعوبات لواحدة من أهم الممرات المائية لتجارة العالم.

وعانت البرازيل - وهي أكبر دولة مساحة في أميركا اللاتينية - حرارة مرتفعة غير مسبوقة في الشتاء، حيث تجاوزت الحرارة 41 درجة، إضافة إلى حالات جفاف شديدة في غابات الأمازون، حيث سجل نهر ريو نيغرو - وهو الرافد الغربي لنهر الأمازون - أدنى مستوى له منذ 120 عاماً من المراقبة، واندلعت الحرائق حول مدنية مانوس عاصمة ولاية الأمازون، ونفق نحو 100 دلفين من نوعية «باجي» النهرية، في مياه بحيرة «تيفي» الملوثة والساخنة التي جفّ معظمها.

وعانى جنوب البرازيل مراراً وتكراراً فيضانات قاتلة، ولقي نحو 65 شخصاً حتفهم في مدينة ساو باولو في فبراير 2023، بعد هطول أمطار غزيرة وحدوث انزلاقات أرضية. ولقي نحو 48 شخصاً آخرين حتفهم، في حين فقد نحو 20 ألفاً مساكنهم في ولاية ريو غراندي دو سول، في سبتمبر الماضي، بعد أن هطل نحو 300 مليمتر من الأمطار خلال 24 ساعة، وتتعرض هذه الولاية الجنوبية، الآن، للأمر ذاته من جديد. وتحولت الشوارع إلى أنهار في مدينة بورتو أليغري عاصمة ولاية الأمازون، ما أجبر المطار الدولي على الإغلاق، في حين أصبح ملعب «أرينا دو غريميو» لكرة القدم كالبحيرة.

إنتاج القمح

ونتيجة لكل هذه الكوارث مضافاً إليها الجفاف، حدثت أضرار في الإنتاج الزراعي في واحدة من أكثر مناطق إنتاج المواد الغذائية أهمية في العالم. وهبط إنتاج القمح في الأرجنتين بنسبة 30% عن متوسط السنوات الخمس الماضية، وحدثت خسائر مشابهة في حصاد الحبوب في ولاية بارانا البرازيلية وفي «ريو راندي دو سول». وتم تعويض بعض هذه الخسائر نتيجة ارتفاع إنتاج الذرة على نحو قياسي في أجزاء أخرى من البرازيل، لكن أسعار المواد الغذائية ترتفع باستمرار. وبصورة عامة، فقد عانت أميركا اللاتينية خسائر كبيرة في السعرات الحرارية، وفق ما ذكره تقرير منظمة الأرصاد الجوية العالمي. وأدت المشكلات السياسية التي تعانيها بعض البلدان في أميركا اللاتينية، مثل فنزويلا وهاييتي وأجزاء من كولومبيا، إلى حدوث أزمات في أسعار المواد الغذائية.ومن المتوقع ارتفاع التكاليف في الأرواح البشرية، إذ إن فقدان المواد الغذائية وتزايد الأضرار الاقتصادية، سيرتفعان طالما أن النشاطات البشرية تؤدي إلى إطلاق غازات الدفيئة في الجو. وقال البروفيسور خوسيه مارينو، المؤلف الرئيس لتقرير منظمة الأرصاد الجوية العالمية مدير المركز القومي لمراقبة الإنذار المبكر للكوارث الجوية: «من المؤسف أن هذه الكوارث قد تكون هي البداية، إذ من المتوقع أن تصبح الأحداث الأكثر تطرفاً أكثر تكراراً، كما أن فترة تكرارها قد تصبح أقصر فأقصر». عن «الغارديان»

. البرازيل عانت حرارة مرتفعة غير مسبوقة في الشتاء، حيث تجاوزت الحرارة 41 درجة، إضافة إلى حالات جفاف شديدة في غابات الأمازون.

تويتر