يعيشون في مدينة لم تمسها الحرب

شباب أوكرانيون في «أوزغورود» يخشون التجنيد

صورة

في الساعة الواحدة صباحاً، في أوزغورود، كانت مجموعة من الشباب الأوكرانيين ترقص طوال الليل. وفي أي مدينة أخرى في أوكرانيا، فإنهم سينتهكون الأحكام العرفية. ولكن هنا، في العاصمة الإقليمية الوحيدة المعفاة من حظر التجوال المفروض منذ عامين، يبقى الناس خارج منازلهم حتى وقت متأخر كما يحلو لهم.

وتقع مدينة أوزغورود في سفح جبال الكاربات في أقصى غرب أوكرانيا، ولم تمسها القنابل الروسية. وهي ملاذ آمن لأولئك الذين يتطلعون إلى الهرب من بؤس الحرب، وقد تضخم عدد سكان أوزغورود - والإيجارات - بشكل كبير.

وعلى الرغم من الشعور بالهرب من الواقع، فإن الخوف من التعبئة يخيم كالسحاب. وقال ساشا، وهو طالب أصله من بولتافا على بعد 220 ميلاً شرق كييف، ويعمل والده في الجبهة، إن هذا هو السبب وراء أن كل شخص في ملهى «تو ليم درينك» الليلي يبدو في أوائل العشرينات من عمره أو أصغر.

«من المعروف أن الضباط يأتون إلى الحانات والنوادي الليلية بحثاً عن المجندين»، يوضح الشاب البالغ من العمر 19 عاماً، وهو يدخن سيجارة خارج النادي الذي شعاره «تناول المشروبات وليس الحرب»، وتابع ساشا «لا بأس بالنسبة لنا، لأننا أصغر من أن يتم تجنيدنا، ولكن الأمر مختلف بالنسبة للكبار، إنهم خائفون من الخروج».

معظم الراغبين في القتال قد تطوعوا بالفعل، وأصبح التجنيد الإجباري الآن هو الطريقة الرئيسة لتعزيز خط المواجهة. وقال قادة الجيش إن هناك حاجة إلى ما بين 450 و500 ألف مجند، هذا العام، إذا أرادت أوكرانيا الحفاظ على دفاعها.

ومع استمرار الحرب تستعد كييف لخفض سن الأهلية من 27 عاماً إلى 25، وفرض عقوبات أشد على أولئك الذين لا يحضرون للخدمة.

ولاتزال هناك بعض الاستثناءات، بما في ذلك تلك الموجودة في التعليم العالي. وبلغ بترو (27 عاماً) العام الماضي، وسجل للحصول على شهادة جامعية في جامعة أوزغورود. لقد ذهب العديد من الأصدقاء للقتال، ولكن في الساعات الأولى من يوم السبت، قام هو وزميله في الدورة بإلغاء رحلة خارجية. وقال بترو، «أنا خائف مثل أي شخص آخر، وأنا سعيد بالاعتراف بذلك».

ويذهب البعض في المدينة إلى أبعد من ذلك لتجنب التجنيد الإجباري. وتقع أوزغورود على الحدود مع سلوفاكيا من الغرب والمجر من الجنوب، وهي نقطة انطلاق لأولئك الذين يريدون مغادرة البلاد. وإلى الجنوب يجري نهر تيسا، وما بعده تقع المجر. وبموجب الأحكام العرفية في أوكرانيا، يُمنع الرجال الذين تراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً من مغادرة البلاد دون استثناء، لكن يحاول كثير منهم عبور النهر سريع الجريان، وقد مات العديد منهم أثناء قيامهم بذلك.

لقرون عدة كانت أوزغورود جزءاً من الإمبراطورية المجرية. ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها، استولت عليها القوات السوفييتية. ولاتزال اللغة المجرية منتشرة على نطاق واسع، وكذلك اللغة السلوفاكية، وكذلك الأمر بالنسبة للروسية. وفي حين أن هذا أمر غير معتاد في غرب أوكرانيا، إلا أن المدينة تعتبر استثناءً. ويُعتقد أنها مستمدة من كون أوزغورود مركزاً لعملاء الـ«كي جي بي» في الحرب الباردة.

إن موقع المدينة على الحدود هو ما يجعلها تبدو كأنها مكان آمن. فروسيا مترددة في المخاطرة بإطلاق صواريخ على منطقة قريبة جداً من دول الناتو. وعلى عكس كييف أو خاركيف أو أوديسا، فإن صفارات الإنذار من الغارات الجوية وانفجارات الصواريخ باتت شيئاً مألوفاً. وبدلاً من ذلك، يستمتع الناس بالليالي الدافئة، في أوزغورود، على وقع أحاديث الناس المتجمعين على ضفاف نهر أوزه الواسع.

وبعد منتصف الليل مباشرة، تجلس صوفيا نيكيتسوك، (22 عاماً)، وماريا بوليسوك، (21 عاماً)، وكلاهما خريجتان من كييف، لتناول الطعام في أحد المطاعم الواقعة على ضفاف النهر. وجاءتا إلى المدينة، في أغسطس، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، ودفعت ضربات الطائرات بدون طيار بالقرب من منزليهما في كييف هذا الشتاء إلى تمديد الإقامة في أوزغورود لفترة أطول.

خيار قائم

قال دميترو، (44 عاماً)، وهو مترجم أحضر عائلته إلى مدينة أوزغورود من دنيبرو في اليوم التالي للهجوم الروسي، «يعيش الناس في أوزغورود، كما لو لم تكن هناك حرب». وبما أن عمره أقل من 45 عاماً، فهو مؤهل للتجنيد الإجباري، ومع ذلك فهو يخاطر بالبقاء خارجاً في وقت متأخر في عطلة نهاية الأسبوع. ويضيف دميترو، «بالطبع أنا قلق بشأن استدعائي، ولكن عليك أن تستمر في عيش حياتك، ولهذا السبب انتقلت إلى هنا بعد كل شيء».

تويتر