واحدة على الأقل من كل 4 نساء في اليابان تتعرض للعنف الزوجي

برامج في اليابان لتقويم سلوك الأزواج المعتدين

صورة

معظم الأشخاص الذين يتعرضون للعنف المنزلي في اليابان من النساء. ويقول الخبراء إن هذا ليس مفاجئاً، نظراً لأن اليابان احتلت المرتبة 125 من بين 146 دولة في مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2023، ويعني هذا الافتقار إلى المساواة بين الجنسين أن العديد من النساء غير قادرات على تأمين الاستقلال الاقتصادي، ما يجعلهن عرضة بشكل خاص للإساءة.

يامازاكي كيكونو

غالباً ما كان زوج يامازاكي كيكونو يغضب لأشياء صغيرة جداً، لكنها ظلت تلوم نفسها على كل لكمة أو ركلة تتعرض لها منه. تقول يامازاكي، التي تعيش في جزيرة هوكايدو شمال اليابان: «كانت مهارات الاتصال بزميلاتي ضعيفة». في عام 1997، وصل العنف بين الزوجين إلى نقطة الانفجار. كان زوجها تعتريه حالة من الغضب الشديد، بسبب محتويات علبة بينتو، أو صندوق غداء، أعدته له، كان يدفعها ويأخذها من رقبتها أمام أطفالهما، بينما تصرخ ابنتهما عليه كي يتوقف.

دفعت مثل هذه الحوادث يامازاكي للفرار إلى أحد الملاجئ القليلة في اليابان الخاصة بالنساء ضحايا العنف في ذلك الوقت، وهو ملجأ «أونانو سبيس أون» في سابورو، عاصمة الجزيرة. وأدان رئيس الملجأ آنذاك، كوندو كيكو، بشدة لأعمال العنف التي تعرضت لها يامازاكي، موضحاً أن زوج يامازاكي كان ضالعاً في العنف المنزلي.

تقول يامازاكي، التي تتولى الآن رئاسة ملجأ «أونانو سبيس أون»: «لقد كانت لحظة رائعة بالنسبة لي أن أصل إلى هناك». وفيما بعد تعلمت يامازاكي، التي تعمل أيضاً قائدة مشاركة لشبكة ملجأ النساء في اليابان، أهمية أن ترفع الناجيات أصواتهن. وتقول إن العديد من النساء اللاتي يدرن شبكة اليابان المتنامية من الملاجئ والجماعات المدنية التي تساعد الضحايا - وأخيراً الجناة - تعرضن هن أنفسهن للعنف المنزلي. وتقول «لا يريد الناجون أن تتعرض الأجيال القادمة لما تعرضن له».

ويقول الأستاذ الفخري بجامعة أوتشانوميزو والخبير في مجال منع العنف الجنسي، كاينو تامي، إن «العديد منهن حريصات على المساعدة».

زاد عدد الملاجئ الخاصة تدريجياً منذ أن اعتمدت اليابان قانون حظر العنف الزوجي وحماية الضحايا في عام 2001، ومع ذلك فإن الكثير من هذه الملاجئ يعاني ضائقة مالية. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن فكرة أن «النساء لا تحظى باحترام كبير» في المجتمع الياباني الذي يهيمن عليه الذكور، كما تقول كاينو. وتضيف أن الجمهور يجب أن ينظر إلى هؤلاء القادة على أنهن «نساء صامدات» مدفوعات بالتعاطف والأمل في مستقبل اليابان.

حاجز الصمت

وفي الواقع، كشفت الدراسات الاستقصائية الحكومية أن واحدة على الأقل من كل أربع نساء في اليابان تتعرض للعنف الزوجي، على الرغم من أن بعض الخبراء يعتقدون أن الرقم قد يكون أعلى من ذلك بكثير. كما أظهر استطلاع تم تقديمه في الكتاب الأبيض لعام 2023، الصادر عن مكتب المساواة بين الجنسين، أن ما يقرب من 42% من الضحايا لم يفصحن أبداً لأي شخص بشأن إساءة معاملتهن، ما يعكس ثقافة الصمت العميقة. ولايزال الكثيرات من النساء يعتبرن العنف المنزلي مسألة عائلية، ولكن في بعض الأحيان يتطلب الأمر شخصاً واحداً فقط لتحطيم هذا التصور.

أمضت يوشيزاكي ماساو معظم حياتها في مرحلة البلوغ كربة منزل في طوكيو، حيث قامت بتربية خمسة أطفال، وتحملت الإيذاء النفسي من زوجها قبل أن تتحرر منه في النهاية. ومنذ نحو عقدين من الزمن، شاركت تجربتها مع أحد مراسلي إحدى المجلات، واقتحم زوجها المنفصل عنها، الغاضب من المقال، مكان عملها. لم تكن يوشيزاكي حاضرة في ذلك اليوم، لكن الحادث المحرج جعلها تعتقد أنه لن يكون أمامها خيار سوى ترك وظيفتها.

الرسائل تتدفق

غمر زملاؤها بريدها الإلكتروني برسائل مشجعة، واعترف العديد منهن بأنهن أيضاً تعرضن للعنف المنزلي. وعندما عادت إلى المكتب، رفعت إحدى زميلاتها أكمامها لتكشف عن كدمة مزرقة. تقول يوشيزاكي: «لقد شعرت بأن تعاطفهن أنقذني حقاً». في عام 2006، شاركت مع العديد من زميلاتها لتشكيل مجموعة «ايه بلس»، وهي مجموعة تساعد الضحايا، وتقدم برامج للوقاية من العنف المنزلي.

تزوجت إندو يوشيكو في سن 19 عاماً من رجل انتهى به الأمر إلى إساءة معاملتها. وتتذكر بابتسامة مرحة قائلة: «أردت أن أكون ربة منزل، لكنه كان عصبياً للغاية، لدرجة أنني كنت أقيس حالته المزاجية دائماً، وأحاول ألا أدوس على لغم أرضي». وبعد أن تركت زوجها، وجدت عملاً كمستشارة في مجال العنف المنزلي للحكومة المحلية. وتولت الدور بسرعة. تقول إندو، وهي أم لثلاثة أطفال ومطلقة مرتين: «لقد فهمت مخاوف الضحايا ومعاناتهن وتعطشهن إلى الحرية، لأنني مررت بهذه الأمور أيضاً». وفي عام 2015، أنشأت إندو منظمة جيكا غير الربحية، التي تعني «منزل الوالدين»، في كونيتاشي باليابان، والتي تقدم استشارات حول الفقر والعنف المنزلي، وتدير أكثر من 12 غرفة آمنة، ما يوفر بديلاً لنظام المأوى العام في اليابان.

النظام العام

تم إنشاء النظام العام - الذي يتكون من مأوى مؤقت ومركز استشارة في كل محافظة - بموجب قانون منع الدعارة لعام 1956 لإعادة تأهيل الفتيات المعرضات لخطر الدعارة. وتم توسيع القانون لاحقاً ليشمل الأشخاص الذين يعانون العنف المنزلي، لكن المنتقدين لهذا النظام يقولون إن النظام لم يلبِ أبداً احتياجات هؤلاء السكان. هناك عدد قليل من الخدمات التي تركز على مساعدة النساء على الاستقلال المالي، وفي العديد من المحافظات، يؤثر الارتباط المستمر بالبغاء أيضاً على الرعاية.

عندما فرت هوشينو آيري من حالة العنف المنزلي التي تعرضت لها في عام 2017، فوجئت بالسياسات التقييدية المطبقة في الملاجئ العامة في اليابان. وتقول إن استخدام الهواتف المحمولة محظور، ولم يُسمح للناجيات بالذهاب إلى العمل. وفي عام 2020، أطلقت هوشينو مركز التدابير المضادة للعنف المنزلي في يوكوهاما، الذي يروج لنهج يتضمن قيوداً أقل، ويركز على أولئك اللاتي يطلبن المساعدة. ويدعم المركز الأمهات العازبات، إضافة إلى النساء والأطفال الذين يعانون سوء المعاملة.

ومثل يامازاكي، ألقت هوشينو باللوم على نفسها في العلاقة المسيئة، لكن هذا تغير. وتقول مستشارة علم النفس المعتمدة وضابط المراقبة المتطوعة: «لقد قررت أن أعيش من خلال تقييم نفسي، وإلا فلن أتمكن من تقدير أطفالي بالمعنى الحقيقي للكلمة.. يحتاج الضحايا إلى بناء احترامهم لذاتهم».

مساعدة المسيئين

وتوضح إندو أنه في ظل النظام القانوني الحالي «يستطيع مرتكبو العنف الإفلات دون رادع» بينما يقع على عاتق الضحايا مسؤولية طلب الدعم. وتقول: «يتعين على البلاد تثقيف المعتدين». وتحاول ياماغوتشي نوريكو أن تفعل ذلك. وبإلهام من البرامج الخارجية، أسست منظمة «أوير» غير الربحية ومقرها طوكيو في عام 2002، حيث يمكن للأشخاص القلقين بشأن سلوكياتهم العنيفة الاشتراك لمدة عام في اجتماعات جماعية أسبوعية. وتقول إن اليابان لاتزال «دولة متخلفة عندما يتعلق الأمر بالإجراءات المضادة ضد المعتدين»، ولكن منذ إطلاق برنامج «أوير»، تزايدت الخيارات. وتعرف ياماغوتشي أن أكثر من 15 منظمة بدأت في تقديم برامج لمساعدة مرتكبي الجرائم على تقويم سلوكهم. ويقول أحد المشاركين، الذي رفض ذكر اسمه، إنه كان يحضر «اجتماعات المعنفين» لسنوات، وسيستمر حتى تسمح له زوجته بالتوقف.

ويتذكر أنه كان يتعرض في العمل لضغوط صعبة، وأنه كان ينفس ضغوطه المكبوتة على عائلته. وفي النهاية أعطته زوجته إنذاراً نهائياً: إما حضور برنامج أو الحصول على الطلاق. يقول «لقد اعتبرتها ملكية لا أريد أن أخسرها، لذلك قررت الانضمام»، ويضيف «لو تلقيت برنامجاً للوقاية من العنف المنزلي بانتظام في مرحلة الشباب، لكنت مختلفاً تماماً». وتقول يوشيزاكي، مؤسسة «ايه بلس»، إن هذا هو الشعور الذي يتقاسمه كل ضحية ومرتكب جريمة تلتقي به.

• زوج يامازاكي كيكونو يغضب لأشياء صغيرة جداً، لكنها ظلت تلوم نفسها على كل لكمة أو ركلة تتعرض لها منه.

• زاد عدد الملاجئ الخاصة منذ أن اعتمدت اليابان قانون حظر العنف الزوجي وحماية الضحايا في عام 2001.

تويتر