من المتوقع أن يبلغ حجم سوق البروتين الحشري في العالم 1.14 مليار دولار بحلول عام 2027

شركات ناشئة تتجه للاستثمار في الحشرات لاستخدامها أعلافاً للدواجن والثروة السمكية

صورة

شقت الحشرات طريقها إلى المنظومة الاقتصادية العالمية باعتبارها أعلافاً للثروة السمكية والدواجن والماشية والخنازير، بل وأغذية للحيوانات المنزلية، غير أنها مازالت حتى الآن تعتبر عنصراً هامشياً للثروة الاقتصادية. وتسعى العديد من المؤسسات البحثية والشركات الناشئة حول العالم إلى الاستفادة من علوم الهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي من أجل زيادة إنتاجية الحشرات ورفع قيمتها الغذائية من خلال ضخ استثمارات جديدة بغرض زيادة قيمتها الاقتصادية.

وفي السنوات الأخيرة تأسست شركات لإنتاج ذباب الجندي الأسود وديدان الطحين على نطاق موسع، ما يمهد الطريق أمام وصول هذه المنتجات إلى الأسواق في أوروبا وآسيا، كما توسعت مصانع إنتاج الحشرات، وعمدت بعض الشركات إلى توظيف تقنيات الهندسة الوراثية لتحسين المحتوى البروتيني للحشرات وتسريع وتيرة نموها وفقس البيض. ويقول الخبراء إنه إذا استمر الزخم الذي تشهده هذه الصناعة في الوقت الحالي فمن المتوقع أن يصل حجم سوق البروتين الحشري في العالم إلى 1.14 مليار دولار بحلول عام 2027، وذلك بحسب دورية «نيتشر» المتخصصة في علوم الطبيعة.

وتركز شركة «بيتا بقز» البريطانية المتخصصة في مجال الهندسة الوراثية للحشرات ومقرها قرب مدينة أدنبرة على اختيار أفضل السلالات الحشرية الصالحة للتربية. ويحرص الفريق البحثي التابع للشركة على تهيئة أفضل الظروف البيئية والمناخية من أجل زيادة الكتلة الحيوية لليرقات وزيادة كميات بيض الحشرات وتسريع وتيرة الفقس.

ويقول رئيس الشركة، توماس فاروجيا، في تصريحات لموقع دورية «نيتشر» على الإنترنت: «نحرص على زيادة إنتاجيتنا من الحشرات ليس عن طريق زيادة الغذاء أو رفع درجات الحرارة بل عن طريق تحسين الصفات الوراثية للحشرات».

وأسهمت شركة «بيتا بقز» في تأسيس جمعية التحول البيولوجي للحشرات في بريطانيا بالاشتراك مع شركات أخرى تعمل في مجال إنتاج ذباب الجندي الأسود وتسويقه، وتهدف هذه المبادرة إلى زيادة الوعي بأهمية زراعة الحشرات في الحد من إهدار الغذاء وتوفير أعلاف ذات قيمة غذائية مرتفعة للحيوانات، علاوة على دور الحشرات في صناعات الزيوت والأسمدة. وتسعى الجمعية أيضاً إلى تسريع الإجراءات التنظيمية لهذه الصناعة عن طريق الانخراط بشكل أكبر مع الحكومة البريطانية.

وفي يناير الماضي تأسس في إسرائيل اتحاد يضم شركات إنتاج الأعلاف ذات الأصول الحشرية بدعم من هيئة الابتكارات الإسرائيلية، ويشترك في هذا الاتحاد مجموعة من العلماء والباحثين الذين يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلوم الهندسة الوراثية لزيادة إنتاجية ذباب الجندي الأسود ورفع قيمتها الغذائية، ويضم التكتل أكاديميين من خمس مؤسسات بحثية يعملون جميعاً في مجال معالجة الجينات الحشرية لتعزيز جهود تربية الحشرات.

وقد نجحت إحدى الشركات الناشئة المنضمة إلى الاتحاد، وتحمل اسم «فيز أم» في تطوير تكنولوجيا للتحكم في أطوار نمو الحشرات والاحتفاظ بها في طور اليرقة، ما يساعد على تمديد فترة صلاحيتها، وذلك لأغراض الشحن للاسواق البعيدة. ويؤكد رئيس الشركة، يوفال جلعاد، في تصريحات لموقع دورية «نيتشر» أن «تثبيت طور اليرقة» يتم عن طريق تهيئة ظروف بيئية معينة، ويمكن استعادة عملية نمو الحشرة مجدداً مثلما يحدث في عمليات البيات الشتوي في الطبيعة.

وفي الولايات المتحدة، تعمل شركة «بيتا هاتش» ومقرها واشنطن على تربية ديدان الطحين واستخدامها كأعلاف في المزارع السمكية وصناعة تربية الماشية، وكذلك في صناعة أغذية الحيوانات المنزلية. وتقول رئيسة الشركة، فيرجينيا إيمري، في تصريحات لموقع دورية «نيتشر» إن «الحشرات لها فرص هائلة في مجال سلاسل توريد الغذاء». وتوضح أنه بجانب القيمة الغذائية العالية للديدان بالنسبة للحيوانات ودورها كأسمدة زراعية، فإن يرقات ديدان الطحين تتميز بقدرات هضم كبيرة تتيح لها القدرة على المعالجة الحيوية للنفايات البلاستيكية.

وأضافت أن «الوسيلة الوحيدة المعروفة من أجل تحليل مادة الستايروفوم البلاستيكية بطريقة بيولوجية هي أمعاء دودة الطحين»، مشيرة إلى أن هذه الديدان يمكنها هضم جميع أنواع السموم الفطرية والتخلص منها، فضلاً عن معالجة جميع أنواع النفايات.

وفي عام 2011، قام أربعة علماء ومجموعة من نشطاء البيئة بتأسيس شركة «ينسيكت»، المتخصصة في مجال مزارع الديدان، ومقرها العاصمة الفرنسية باريس. وتهدف هذه الشركة إلى إنتاج بدائل غذائية تتميز بالاستدامة، وصارت منتجات الشركة يتم تصديرها إلى شركات كبرى لاستخدامها في مجال إنتاج أغذية الحيوانات الأليفة وأعلاف المزارع السمكية وصناعات الأسمدة، وأخيراً في مجال الاستهلاك الآدمى.

وتدير الشركة مزارع حشرات رأسية تعمل بواسطة أجهزة روبوتية، وتنتج ملايين الأطنان من ديدان الطحين كل عام، لاسيما بعد أن أجازت هيئة سلامة الغذاء الأوروبية عام 2021 صلاحية الديدان للاستهلاك الآدمي. وفي يونيو 2023 أزاحت الشركة النقاب عن أول رقاقة جينية في العالم لتربية الحشرات، وتحتوي هذه الرقاقة على 679 ألفاً و205 من أشكال النوكليوتيدات المنفردة، والتي تتضمن أكثر من 99% من الشفرات الوراثية للديدان، ما يسمح بزيادة إنتاجيتها وإنتاج سلالات منها أكثر قدرة على التكاثر ومقاومة الأمراض.

ويؤكد الخبراء أن صناعة الحشرات ينتظرها مستقبل واعد داخل منظومة الاقتصاد الغذائي العالمي باعتبارها مصدراً بديلاً للبروتين الحيواني، وعنصراً رئيساً في كثير من الصناعات الاستراتيجية.

• تسعى العديد من المؤسسات البحثية والشركات الناشئة حول العالم إلى الاستفادة من علوم الهندسة الوراثية والذكاء الاصطناعي من أجل زيادة إنتاجية الحشرات، ورفع قيمتها الغذائية من خلال ضخ استثمارات جديدة بغرض زيادة قيمتها الاقتصادية.

• في الولايات المتحدة تعمل شركة «بيتا هاتش» ومقرها واشنطن على تربية ديدان الطحين واستخدامها كأعلاف في المزارع السمكية وصناعة تربية الماشية، وكذلك

في صناعة أغذية الحيوانات المنزلية.

تويتر