بدلاً من اعتباره مصدر تهديد لمصالح الولايات المتحدة

محللان أميركيان: واشنطن تستطيع الاستفادة من وجود الصين في الشرق الأوسط

القاعدة الصينية في جيبوتي شاهد على امتداد الصين إلى إفريقيا. غيتي

يُعتبر الأمن البحري أحد أهم المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، لاسيما في مضيق هرمز الذي تنقل ناقلات النفط عبره 17 مليون برميل من النفط يومياً. ولحماية هذه المصلحة الحيوية تحتفظ الولايات المتحدة على الدوام بآلاف الجنود الأميركيين، والمنشآت العسكرية في منطقة الخليج، بحسب ما ذكره محلل الشؤون الأمنية في الشرق الأوسط، سايمون ميلر، ومحلل شؤون الصين، غاريت إيهينغر.

ويضيف المحللان الأميركيان ميلر وإيهينغر، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، أن الوجود البحري الصيني المتزايد في الخليج دفع البعض في واشنطن إلى توقع قيام دول الخليج بالتحول بعيداً عن مجال النفوذ الأميركي إلى مجال النفوذ الصيني، وعلى هذا الأساس ستحاول الصين تأكيد نفوذها الجديد في منطقة الخليج - مثل محاولاتها في بحر الصين الجنوبي - لتهدد وصول الولايات المتحدة إلى الطاقة البحرية في المنطقة، ما يلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الأميركي.

مكاسب

ويرى ميلر وإيهينغر أنه بدلاً من رؤية ذلك كتهديد، يتعين على واشنطن إدراك أن هناك مكاسب من وراء الوجود الصيني في الشرق الأوسط، وتشمل هذه المكاسب الاستقرار الإقليمي، كما اتضح من خلال تسهيل الصين للاتفاقيات بين إيران والمملكة العربية السعودية، كما أنه من المحتمل أن يمثل الشرق الأوسط عبئاً مالياً وعسكرياً بالنسبة للصين، ما يمكن أن يوفر ميزة للولايات المتحدة في التنافس الأميركي - الصيني الحالي.

فمن ناحية إذا ما تورطت الصين في صراعات الشرق الأوسط فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى استنزاف مواردها والحد من قدرتها على تحدي القوة الأميركية على جبهات أخرى، وعلى سبيل المثال استثمرت الصين نحو 300 مليار دولار في أميركا اللاتينية، ما يزيد من قدرتها على التأثير على سياسات المنطقة، فهي تضغط على دول أميركا الجنوبية، خصوصاً الأرجنتين، للسماح بإقامة قواعد عسكرية، لكن إذا ما أصبحت الصين مشغولة بالمشكلات في الشرق الأوسط، فقد يدفعها ذلك إلى عدم إعطاء الأولوية لهذه المشروعات الأخرى.

وبالإضافة إلى ذلك شيدت الصين قاعدة بحرية في جيبوتي، مع احتمال تشييد قواعد أخرى في باكستان وسريلانكا وجزر المالديف، كما نشرت الآلاف من القوات الخاصة في سورية. وبالنسبة للتنظيمات المتطرفة مثل تنظيم «داعش» الإرهابي، تعتبر هذه أهدافاً محتملة.

لا مخاوف

وفي الوقت نفسه ليست هناك أهمية كبيرة للمخاوف بشأن تعزيز الصين لنفوذها الإقليمي الجديد لإلحاق الضرر بالمصالح الاقتصادية الأميركية، خصوصاً ما يتعلق بشؤون الطاقة. ونظراً لانغماس الولايات المتحدة الشديد في التجارة العالمية، سيؤدي أي ضرر للأمن البحري، أو أمن الطاقة الأميركي، إلى إلحاق الضرر بالدول الأخرى التي تحاول الصين تعزيز علاقات بكين معها.

وبصورة مباشرة يتعارض تهديد أميركا بهذه الطريقة مع أهداف الصين، وبخلاف الأضرار الجماعية ستؤدي مثل هذه الخطوات أيضاً إلى الانتقام، فالولايات المتحدة تتمتع بنفوذ كبير للغاية في بحر الصين الجنوبي، ودول المنطقة، وغيرها من المناطق الحيوية بالنسبة لنفوذ الصين وتجارتها.

وإذا ما مارست الصين نفوذها في الشرق الأوسط بطريقة تلحق الضرر بصورة مباشرة بالمصالح الاقتصادية الأميركية، فيمكن أن ترد واشنطن على ذلك بسهولة.

ويقول المحللان إن هناك بعض الإجراءات الاستباقية التي تستطيع الولايات المتحدة اتخاذها حال رغبت في زيادة المخاطر التي تكبد الصين تكاليف باهظة، وكبداية يمكن لواشنطن أن تحد من المصالح المشتركة بين الصين وسكان المنطقة بينما تترك مساحة كبيرة للتوسع الصيني.

وعلى سبيل المثال فإن الاعتراف بجهود الصين في حفظ السلام بطريقة إيجابية من شأنه أن يزيل أي عداء تجاه الولايات المتحدة باعتبار ذلك مصلحة مشتركة، وحيث إن أميركا لم تعد تستنكر جهود الصين في حفظ السلام، لن يرى سوى القليل من الدول أن التعاون مع الصين وسيلة لـ«تحدي» أميركا.

كما يتعين على الولايات المتحدة أن تركز على خفض وجودها العسكري المكثف في الشرق الأوسط تدريجياً، لتترك فراغات ربما تحاول الصين سدها، وبهذه الطريقة تصبح المصالح والقوات الصينية أهدافاً واضحة للتنظيمات المتشددة، في حين تكون أميركا بعيدة بصورة متزايدة.

واختتم ميلر وإيهينغر تقريرهما بالقول إنه يتعين على الولايات المتحدة إعادة النظر في موقفها الحالي تجاه توسع الصين في الشرق الأوسط، واعتباره فرصة لترك بكين ترتكب أخطاء باهظة الثمن. وينبغي اعتراف واشنطن بأنه ليس كل ما تعتزم الصين فعله في المنطقة سيهدد المصالح الأميركية. والأكثر من ذلك هو أن بعض مبادرات الصين قد تحقق الاستقرار في أماكن فشلت أميركا تاريخياً في تحقيق الاستقرار بها. وعموماً فإن هذا النهج يمكن أن يوفر لواشنطن ميزة على منافستها الصين من خلال جعلها مشغولة. ويتعين على واشنطن التصرف بحسم في الحالات الواضحة للغاية التي تتعرض فيها المصالح الأميركية لتهديد مباشر، وإلا فإن كل ما تحتاج الولايات المتحدة عمله هو مراقبة الأحداث بحذر وتجنب أي تدخل سابق لأوانه.

• الوجود البحري الصيني المتزايد في الخليج، دفع البعض في واشنطن إلى توقع قيام دول الخليج بالتحول بعيداً عن مجال النفوذ الأميركي إلى مجال النفوذ الصيني.

• ستحاول الصين تأكيد نفوذها الجديد في منطقة الخليج - مثل محاولاتها في بحر الصين الجنوبي - لتهدد وصول الولايات المتحدة إلى الطاقة البحرية في المنطقة، ما يلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الأميركي.

• بعض مبادرات الصين قد تحقق الاستقرار في أماكن فشلت أميركا تاريخياً في تحقيق الاستقرار بها.   

تويتر