يدرسون في العراء على أنقاض مأواهم التعليمي الوحيد بقرية «جب الذيب»

مدرسة «التحدي 5».. تحد ثان بين الطلبة الصغار وإسرائيل

صورة

إلى الشرق من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، حيث حي «جب الذيب» السكني الفلسطيني في منطقة «بيت تعمر»، يواصل 66 طالباً وطالبة مشوارهم الدراسي في العراء، بجانب أنقاض مدرستهم المدمرة، في صورة بائسة تحاكي نكبة تهجير الفلسطينيين في عام 1948.

وبهذا المشهد، يسطر طلبة مدرسة «التحدي 5» الأساسية للبنين والبنات في قرية «جب الذيب» تحدياً ثانياً للاحتلال، في سبيل مواصلة مشوارهم الدراسي، رغم ما آل إليه مأواهم التعليمي الوحيد في قريتهم، نتيجة تعمد استهدافه من قبل الآليات الإسرائيلية.

تمويل أوروبي

وتقع «التحدي 5» على مساحة ثماني دونمات، تبرع بها أفراد من عشيرة الزواهرة، بأوراق ثبوتية مسجلة في «الطابو»، فيما قدم الاتحاد الأوروبي تمويله لبناء المدرسة في عام 2017، والمكونة من خمس غرف دراسية، مبنية من الطوب، ومسقوفة بالصفيح، وتخدم طلبة مناطق جب الذيب، والزواهرة، والوحش، وأبومحيميد، حتى الصف الرابع الابتدائي.

هدم وحرمان

في السابع من مايو الجاري، هدم جيش الاحتلال المدرسة الفلسطينية، بذريعة بنائها في المنطقة «ج» دون ترخيص، بعد مداهمة الآليات الإسرائيلية «جب الذيب»، لتحاصر مدرسة «التحدي 5»، فتهدمها أمام عيون طلبتها، وتدفن أحلام مستقبلهم تحت أنقاضها.

وبعد 16 يوماً، حرم الاحتلال طلبة «التحدي 5» من الدراسة للمرة الثانية خلال شهر واحد، إذ صادر ما تبقى من محتويات المدرسة، والخيام التي احتضنتها والأطفال بعد هدمها، لاستكمال مشوارهم الدراسي.

وأمام ذلك، وصف الاتحاد الأوروبي عملية الهدم هذه بالمنافية للأعراف القانونية، بموجب القانون الدولي، مشدداً على وجوب احترام حق الأطفال في التعليم.

وعبر الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين، شادي عثمان، عن صدمة الاتحاد من هدم القوات الإسرائيلية مدرسة «التحدي 5»، مضيفاً، «إن أكثر من 60 طفلاً فلسطينياً سيتأثرون نتيجة ذلك».

ويسترسل عثمان، «إنه على إسرائيل وقف جميع عمليات الهدم والإخلاء التي ستؤدي إلى زيادة معاناة السكان الفلسطينيين، وإلى تصعيد الوضع في بيئة متوترة أصلاً».

من جهة ثانية، تقول مديرة مدرسة «التحدي 5» الأساسية شيرين أبوطه خلال حديثها مع «الإمارات اليوم»، إنه في ساعات فجر اليوم السابع من شهر مايو الجاري تبلغت بهدم المدرسة عبر اتصال هاتفي، وعلى الفور أبلغنا وزارة التربية الفلسطينية، وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان.

وتضيف أن «قوات الاحتلال صادرت أثاث المدرسة، والأجهزة التعليمية، ومن ثم تقدمت الجرافات الثقيلة أمام أعيننا لهدم المدرسة، وكأنها تغرس السيف في أجسادنا».

مشوار لن يتوقف

بعد الانطلاق من وسط بيت لحم، حيث موطن الأحياء الحضرية، شقت «الإمارات اليوم» طريقاً وعراً، صعوداً ونزولاً، بين التلال والسهول، وعيون المياه العذبة، ودونمات الأراضي الخصبة، وصولاً إلى قرية «جب الذيب» النائية.

في تمام الساعة السابعة صباحاً بتوقيت الأراضي المحتلة، يصطف الطلبة والطالبات في طابور الصباح، لتأدية تحية العلم الفلسطيني، ويمارسون التمارين الرياضية التي تمنحهم النشاط، بينما تدوس أقدامهم أثر الجرافات الإسرائيلية، التي دفنت أحلامهم قبل أيام قليلة.

وإلى جانب أنقاض «التحدي 5»، وتحت ظلال أشجار تنبت على حافة تلة منخفضة الارتفاع، افترش الأطفال الأرض تحت أشعة الشمس، ليشكلوا حلقات دائرية، تضم كل واحدة منها ستة طلبة منهم، ينصتون إلى مدرسيهم الذين تحملوا متاعب جمة، لتلقين الطلبة الصغار دروس منهاجهم الدراسي، قبل أيام قليلة من بدء اختبارات نهاية الفصل الدراسي الجاري.

بعد انتهاء الدوام الدراسي، غادر الأطفال أنقاض فصولهم الدراسية صوب منازلهم، وأثناء ذلك، تعبر لين الزواهرة الطالبة في الفصل الثالث الابتدائي عن حزنها جراء هدم مأواها الدراسي الوحيد في قريتها النائية، فتقول، «إن الفصول الدراسية التي واصلت داخلها مشوار مستقبلي الدراسي أصبحت أثراً بعد عين، والمقعد الذي أجلس عليه على مدار ثلاث سنوات صادره الاحتلال دون رجعة».

وتضيف الزواهرة أن جميع ذلك وسائل تعليمية، بدونها نستطيع مباشرة دراستنا بالجلوس على الأرض تحت أشعة الشمس بعد مصادرة الخيام التي تعد وسيلة استثنائية أيضاً للدراسة.

وتقول الطالبة الصغيرة ببراءة متناهية، «إننا لن نخضع، ولن نستسلم، ومشوارنا التعليمي لن توقفه آليات الاحتلال التي عاثت في مدرستنا ومحتوياتها فساداً».

افتقار أجواء الدراسة

يقضى الطلبة مشوارهم التعليمي في ظل واقع مرير، حيث الافتقار للمقاعد الدراسية، والخيام، تحت أشعة الشمس، إلى جانب عدم توفر دورات للمياه، وغياب الأجواء التعليمية كافة، أسوة بغيرهم من الأطفال، في بقاع شتى.

فيما تمر ساعات الحصص الدراسية تعاقباً، دون الحصول على استراحة للأطفال بينها، لعدم توفر وسائل الترفيه للأطفال، وذلك المقصف الذي يوفر الطعام للطلبة خلال الدوام الدراسي، وذلك بحسب مديرة المدرسة شيرين أبوطه.

وتشير إلى أن الاحتلال يحارب بشتى ممارساته التعسفية العملية التعليمية في الأراضي الفلسطينية، ويعرقل وصول الطلبة إلى مدارسهم، وحرمانهم من مواصلة مشوارهم الدراسي، في ظل بيئة تعليمية آمنة ومستقرة، خصوصاً في التجمعات التي يحتاج فيها الطلبة إلى قطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام، وصولاً إلى مقاعد العلم والمعرفة.

المشوار سيستمر

وتستدرك أبوطه، «إن مشوار العملية التعليمية سيستمر رغم هدم مدرستنا، ومصادرة محتوياتها كافة، وسنمضي قدماً بأبسط ما نملك من وسائل تعليمية، لنخرج من أجيال أطفالنا أفواج العلماء في المجالات كافة، وهذا ما يخشاه الاحتلال، ويحاربه بكل ما أوتي من قوة».


• الاحتلال حرم طلبة «التحدي 5» من الدراسة للمرة الثانية خلال شهر واحد، إذ صادر ما تبقى من محتويات المدرسة، والخيام التي احتضنتها والأطفال بعد هدمها، لاستكمال مشوارهم الدراسي.

• يقضى الطلبة مشوارهم التعليمي في ظل واقع مرير، حيث الافتقار للمقاعد الدراسية، والخيام، تحت أشعة الشمس، إلى جانب عدم توفر دورات للمياه، وغياب الأجواء التعليمية كافة، أسوة بغيرهم من الأطفال، في بقاع شتى.

• في السابع من شهر مايو الجاري، هدم جيش الاحتلال المدرسة الفلسطينية، بذريعة بنائها في المنطقة «ج» دون ترخيص، بعد مداهمة الآليات الإسرائيلية «جب الذيب»، لتحاصر مدرسة «التحدي 5»، وتهدمها أمام عيون طلبتها، وتدفن أحلام مستقبلهم تحت أنقاضها.

تويتر