«الأبارتهايد الرقمي» يلاحق سكان القدس والخليل على الحواجز والبوابات وداخل منازلهم

«الذئب الأحمر».. تكنولوجيا إسرائيلية تنتهك خصوصية الفلسطينيين

صورة

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بسياسة عزل وخنق السكان الفلسطينيين في مدينتي القدس المحتلة، والخليل جنوبي الضفة الغربية، عبر حواجزه العسكرية واسعة الانتشار، ليفترس «ذئبه الأحمر» - وهو عبارة عن نظام تقني حديث - خصوصيتهم أثناء تنقلهم، من خلال نشر كاميرات ذكية على تلك الحواجز التي تنتشر داخل أحياء المدينة المقدسة بصورة أكبر، وكذلك البوابات الحديدية الإلكترونية التي تمزّق أوصال الخليل بالدرجة الأولى.

ويرتكز عمل نظام «الذئب الأحمر» على تقنية مسح وجوه سكان المدينتين المحتلتين، وإضافتها إلى قواعد بيانات ضخمة لملاحقة أثرهم، من دون موافقتهم، في انتهاك صارخ لقوانين حقوق الإنسان.

«أبارتهايد»

منظمة العفو الدولية في تقرير صدر عنها في الثاني من مايو الجاري، حمل عنوان «الأبارتهايد الرقمي»، كشفت عن استخدام القوات الإسرائيلية تكنولوجيا التعرف على الوجه التي تحمل اسم «الذئب الأحمر»، لترسيخ نظام الفصل العنصري، وتعقّب الفلسطينيين، وكذلك مضاعفة شدة القيود القاسية المفروضة على حرية تنقلهم.

من جهة أخرى، يصف موقع «ذا ديلي بيست» الأميركي الرقابة الإسرائيلية الجديدة بالفجة للغاية.

مراقبة مشددة

الاحتلال خصص عمل نظام الرقابة التقنية داخل مدينتي القدس والخليل، كونهما الأكثر اكتظاظاً بالمستوطنات التي تخترق حدود أراضي السكان الفلسطينيين بداخلها، فتعزلها على شكل «كانتونات» عن بقية التجمعات الفلسطينية المجاورة، وذلك بحسب مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري.

وفي القدس وتحديداً بلدتها القديمة التي يقطنها أكثر من 40 ألف مقدسي، تقود إسرائيل شبكة تضم آلاف كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، تعرف باسم «مبات 2000»، ومنذ عام 2017 حتى الآن تُطوّر قوات الاحتلال هذا النظام لتحسين قدراته للتعرف على الوجوه، ومنح نفسها إمكانيات مراقبة غير مسبوقة، وفقاً لمعطيات منظمة العفو الدولية.

ويقول الحموري لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص: «إن نظام الذئب الأحمر يعمل وفقاً لآليات شتى، فعلى الحواجز العسكرية تلتقط كاميرات النظام التقني الحديث صورة لوجه المواطن الفلسطيني، فإن لم يكن من سكان المنطقة المتجه إليها للعلاج أو العمل أو التعليم أو لزيارة الأقارب والأرحام، تمنع قوات الاحتلال على الفور مروره مطلقاً، مهما اقتضت الحاجة دخوله».

وفي الحالة الثانية التي يفيد فيها «الذئب الأحمر» بأن المواطن أحد سكان المنطقة المتّجه صوبها، فإنه يخضع لتصوير آخر، سواء كان ذكراً أم أنثى، يعتمد على المسح الضوئي فيظهر الجسد كاملاً كأنه هيكل عظمي.

بوابات في كل مكان

في مدينة الخليل، وبحسب إفادة منظمة العفو الدولية، يتركز انتشار منظومة «الذئب الأحمر» في منطقة (H1) التي تشمل البلدة القديمة، ويعيش فيها نحو 33 ألف فلسطيني، إضافة إلى 800 مستوطن تقريباً يقيمون على نحو غير قانوني في سبعة معازل استيطانية على الأقل. ويتعرض أبناء هذه المنطقة الفلسطينيون لقيود قاسية على حريتهم في التنقل، إذ يحظر عليهم سلوك طرق معينة خاصة بالمستوطنين الذين يتنقلون عبر طرق مختلفة عن تلك التي يسلكها الفلسطينيون، ولا يُفرض عليهم المرور عبر الحواجز.

ويقول: «إن مدينة الخليل تشهد انتشاراً كثيفاً للبوابات الحديدية الإلكترونية بشكل متلاصق، فعلى سبيل المثال، طريق الوصول من وسط البلدة القديمة في الخليل التي يقطنها 40 ألف فلسطيني، إلى مسجد الحرم الإبراهيمي على بعد أمتار قليلة، تعترضه 7 بوابات مجهّزة بنظم مراقبة عدة، إلى جانب إجراءات مشدّدة من قبل جنود الاحتلال»، يقول مسؤول شباب ضد الاستيطان في مدينة الخليل عيسى عمرو.

ويبين عمرو أن كاميرات المراقبة الإسرائيلية لا يختفي أثر تتبعها للفلسطينيين عند بواباتها الإلكترونية، إذ تنتشر بكثافة على جهتي تلك البوابات في عمق يصل إلى جميع شوارع وأزقة البلدة القديمة، وتلك المؤدية إلى الحرم الإبراهيمي، مضيفاً: «إنها كالذباب تحيطنا من كل حدب وصوب».

في القدس وتحديداً بلدتها القديمة التي يقطنها أكثر من 40 ألف مقدسي، تقود إسرائيل شبكة تضم آلاف كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة، تعرف باسم «مبات 2000»، ومنذ عام 2017 حتى الآن تُطوّر قوات الاحتلال هذا النظام لتحسين قدراته للتعرف على الوجوه، ومنح نفسها إمكانيات مراقبة غير مسبوقة، وفقاً لمعطيات منظمة العفو الدولية.

تويتر