بعد عامين من استيلائهم على كابول

عناصر «طالبان» يعبّرون عن سأمهم الحياة المكتبية

صورة

بعد ما يقرب من عامين من سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان، أصبح المقاتلون الذين انتقلوا من ساحات القتال إلى الوظائف الحكومية التي تتعامل بالورق في المدينة، يشعرون بالسأم، ويبدي بعضهم استعداده للاستقالة. وأصدرت شبكة محللي أفغانستان، وهي منظمة غير ربحية لأبحاث السياسة، تعمل على التعريف بالحياة في أفغانستان، تقريراً الشهر الماضي، يكشف كيف يرى هؤلاء المقاتلون الذين استولوا على كابول - وكثير منهم وصلوا إلى العاصمة للمرة الأولى - حياة المدينة وأدوارهم الجديدة. وأجرى الباحث، صبون صميم، مقابلات مع خمسة مقاتلين سابقين، أمضوا سنوات عدة من حياتهم يقاتلون من أجل «طالبان». وكتب صميم في تقريره: «راوحت أعمارهم بين 24 و32 عاماً، وأمضوا ما بين ستة أعوام و11 عاماً مع (طالبان)، في رتب مختلفة: قائد، وقناص، ونائب قائد، ومقاتل»، ويقول «بشكل عام، يفضل جميع من قابلناهم حياتهم السابقة كمقاتلين». الآن، يجد هؤلاء الرجال أنفسهم مقيدين بالبيروقراطية أثناء عملهم في وظائف مدنية ومناصب أمنية، ويقضون الكثير من الوقت ينظمون حركة المرور، ويقضون وقتاً أطول في منصة «تويتر»، ويتوقون إلى هدوء الحياة في القرية. لقد أجبرهم التحول إلى العمل داخل الهياكل الحكومية على الالتزام بالقواعد والقوانين الرسمية التي لم يعهدوها من قبل، ويجدون أن «تسجيل الوقت» للعمل المكتبي ممل، ولا يطاق تقريباً، على الرغم من أن البعض قالوا إنهم اعتادوا الآن على الروتين، كما جاء في التقرير. ويقول أحد مستخدمي منصة «تيك توك»، وهو يراجع مقالات واقتباسات من التقرير: «لم يستطع أحد تدمير (طالبان)، لكن العمل المكتبي هو من دمر الحركة». وفقد المقاتلون السابقون حرية الحركة في الخطوط الأمامية، والآن عليهم أن يتكيفوا مع الطبيعة الدنيوية للعمل المكتبي. حذيفة، قناص سابق يبلغ من العمر 24 عاماً، يقول: «اعتادت (طالبان) التحرر من القيود، لكننا الآن نجلس في مكان واحد، خلف مكتب وجهاز كمبيوتر 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع. أصبحت الحياة مرهقة للغاية، نفعل الأشياء نفسها كل يوم».

«تويتر»

ويقول عبدالنافع (25 سنة): «في وزارتنا، هناك القليل من العمل الذي يتعين عليّ القيام به، لذلك أقضي معظم وقتي على (تويتر)، نحن متصلون بشبكة (واي فاي) وإنترنت سريعة، وكثير من المقاتلين السابقين، بمن فيهم أنا، أصبحوا مدمنين على الإنترنت، خصوصاً (تويتر)». ويقول عمر منصور (32 عاماً): «في الواقع يتعين عليك الحضور للوظيفة من أجل الحصول على أجر، لكن ما لا يعجبني في كابول هو التعطيل المتزايد باستمرار لحركة المرور». ويضيف «في هذه الأيام، عليك الذهاب إلى المكتب قبل الساعة الثامنة صباحاً، والبقاء هناك حتى الساعة الرابعة مساءً، وإن لم تذهب، فأنت تعتبر غائباً، وأجر ذلك اليوم يتم اقتطاعه من راتبك، لقد اعتدنا الآن على ذلك، لكنه كان صعباً بشكل خاص في أول شهرين أو ثلاثة أشهر في الوظيفة».

ضغوط غير معتادة

جاء العمل الحكومي مصحوباً بضغوط ومسؤوليات لم يكن هؤلاء الرجال مستعدين لها أو يريدونها بشكل خاص. كانت الحياة في زمن القتال بسيطة للغاية. يقول حذيفة «كل ما كان علينا التعامل معه هو وضع خطط لتنظيم هجمات ضد العدو والتراجع»، ويواصل «لم يكن الناس يتوقعون منا الكثير، ولم نتحمل سوى القليل من المسؤولية تجاههم، بينما الآن إذا جاع شخص ما، فهو يعتبرنا مسؤولين بشكل مباشر عن ذلك». ويقول عبدالسلام (26 عاماً) «كل حدث في أفغانستان يلومنا الناس عليه، وأي خطأ بسيط من جانبنا يجعل وسائل الإعلام تنتقدنا بشكل لاذع، يبدو الأمر وكأن كاميرات العالم بأسره تراقبنا».

لقد أثر العمل بشكل كبير على حياتهم الاجتماعية أيضاً، يقول منصور «أولئك في كابول، مثلي، يعملون من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة مساءً». ويقولون إن الصداقة الحميمة بين المقاتلين السابقين قد تضاءلت، لأن التسلسلات الهرمية التي لم تكن موجودة في السابق أصبحت الآن أكثر وضوحاً، والعديد من حولهم يسعون لكسب المال. ويقول نافع: «أحياناً أفتقد حياة القتال بسبب كل الأشياء الجيدة التي دخلت علينا»، ويبرر ذلك بقوله «أثناء الحرب، لم أكن أعرف الفرق بين القائد وجندي المشاة مثلي».

كمران، نائب قائد مجموعة يبلغ من العمر 27 عاماً، يتوق إلى الحياة البسيطة. يقول «الآن عندما يتم ترشيح شخص ما لوظيفة حكومية، فإنه يسأل أولاً عما إذا كان هذا المنصب يمنحه سيارة أم لا، لكننا كنا في السابق نعيش بين الناس، والآن وضعنا أنفسنا في أقفاص في مكاتبنا وقصورنا، أثناء القتال لم يكن المقاتلون بحاجة لكسب المال لإعالة عائلاتهم، حيث كانت الحركة تغطي نفقاتهم». ويقول صميم «لقد انتهى القتال، عليهم الآن العمل من أجل إعالة عائلاتهم مثل أي شخص آخر».

ظلت كلفة الإيجار المرتفعة والأجر المنخفض نسبياً يشكل معضلة معيشية أمام منصور، الذي لا يكسب ما يكفي من المال لنقل أسرته إلى المدينة. ويشكو سلام غلاء المعيشة في كابول. ويقول «هناك مثل في منطقتنا، مفاده أن المال مثل الأغلال»، «الآن، إذا اشتكينا، أو لم نأت إلى العمل، أو لم نلتزم بالقواعد، فإنهم يخفضون رواتبنا».


عبدالنافع:

«في وزارتنا، هناك القليل من العمل الذي يتعين عليّ القيام به، لذلك أقضي معظم وقتي على (تويتر).. نحن متصلون بشبكة (واي فاي) وإنترنت سريعة، وكثير من المقاتلين السابقين، بمن فيهم أنا، أصبحوا مدمنين على الإنترنت، خصوصاً (تويتر)».

عبدالسلام:

«أي حدث في أفغانستان يلومنا الناس عليه، وأي خطأ بسيط من جانبنا يجعل وسائل الإعلام تنتقدنا بشكل لاذع، يبدو الأمر وكأن كاميرات العالم بأسره تراقبنا». الصداقة الحميمة بين المقاتلين السابقين تضاءلت، لأن التسلسلات الهرمية التي لم تكن موجودة في السابق أصبحت الآن أكثر وضوحاً، والعديد من حولهم يسعون لكسب المال.

تويتر