نتيجة اختلاف مصالح الدول الأعضاء

الأمم المتحدة تعيش عاماً سيئاً وحالة من التردي

صورة

خلال وصول قادة العالم إلى نيويورك للاجتماع في القمة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يكن العالم من قبل منقسماً، أو يواجه التحديات، أو متعطشاً إلى القيادة، كما هو الآن. ولم يتم الوفاء بالوعود التي قدمت خلال الفترة الأولى من عمل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كما أن أهداف التنمية المستدامة فشلت، وكذلك مكافحة تغير المناخ، والحفاظ على حقوق الإنسان.

وكانت الحرب في أوكرانيا بمثابة علامة تذكر العالم بوجود خلل في عمل مجلس الأمن الدولي، بعد أن استخدمت موسكو حق النقض. وكذلك قرار جمعية الأمم المتحدة الذي شاركت فيه 141دولة، في الثاني من مارس الماضي لم يكن ملزماً. ويسلط كلا التصويتين الضوء على وجود انقسامات كبيرة بين الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

مهمة تركيا الدبلوماسية

وعلى الصعيد الإنساني تبدو الأمم المتحدة وكأنها متهالكة. وكان النصر الوحيد الذي تحقق العام الجاري هو المهمة الدبلوماسية، التي دعمتها تركيا من أجل التفاوض على ممرات إنسانية للمدنيين، الذين علقوا في مدينة ماريوبول الأوكرانية، وتصدير المواد الغذائية عبر البحر الأسود. ولكن بعد أقل من 24 ساعة على توقيع هذا الاتفاق تعرضت أدويسا، وهي مدينة ساحلية وميناء مهم، للقصف العنيف. وقالت موسكو إنها لم تنتهك هذا الاتفاق، وإنها لم تقصد قصف أي هدف يستخدم بصورة مباشرة من أجل تصدير المواد الغذائية.

عجز

وتواجه الأمم المتحدة عجزاً في المساعدات الإنسانية وصل إلى 32 مليار دولار واضطرت إلى اللجوء إلى صندوق احتياطي لدعم برامج المساعدات الملحة في مناطق تقع في 11 دولة. وأصبح دعم المانحين مرتفعاً نتيجة أزمات متعددة، منها ما هو بفعل الطبيعة وما هو من صنع البشر، ولكن ثمة حاجة مرتفعة للغاية لمال المانحين. وسحب مكتب الأمم المتحدة للتنسيق للقضايا الإنسانية، أخيرا نحو 100 مليون دولار من الصندوق في عام 2022 وحده.

وتمثل النداءات الإنسانية التي تنسقها الأمم المتحدة المطالب الأكبر من أجل المساعدات. وفي عام 2017، بلغ إجمالي الاحتياجات نحو 25.2 مليار دولار أي ضعف السنوات الخمس الماضية. وبالمقارنة بعام 2022، كانت الفجوة في التمويل أقل بـ11مليار دولار.

أهداف التنمية

وإضافة إلى الكوارث الإنسانية المتعلقة بالحروب، ثمة أدلة إضافية على أن أهداف التنمية التي تحمل توقيع الأمم المتحدة، وهي عبارة عن مجموعة من الأهداف تبلغ 17 هدفاً، قد فشلت. وتم تجميع هذه البيانات خلال سنوات عدة.

وتظهر التقارير أن أهداف الأمم المتحدة للتنمية في عامي 2021 و2022، حققت تقدماً وانتكاسات.

وفي عام 2017 نشرت مجلة «لانسيت» المتخصصة في المجال الطبي دراسة تظهر أن أكثر من 35 مؤشراً متعلقاً بالصحة للعديد من الدول النامية، وتلك المتوسطة الدخل كانت تواجه الكثير من المتاعب، بما فيها حالات السمنة، ومرض السل، وحوادث السير القاتلة.

وفي عام 2022 تم نشر تقييم في مجلة «ناتشر ساستنبيليتي»، والتي تحوي العديد من المؤلفين من جامعة «أوترخت» في هولندا، يظهر أن «الأهداف العالمية» كما يُطلق عليها، لها تأثير محدود. وإضافة لذلك، فبعد نحو سبع سنوات على إنشائها، ثمة القليل من الأدلة على أنها تسهم في تقليل التحديات التي تواجه العالم، مثل تغير المناخ، وانعدام المساواة الاقتصادية والاجتماعية، وحماية التنوع الحيوي، الذي يرى كثيرون بأنه أكبر هذه التحديات على الإطلاق.

أغراض خاصة

كان من المفترض أن تبدأ «أجندة التنمية الألفية» التي تأسست عام 2000، في فترة بعد عام 2015، لإطلاق نهج يبدأ من السكان العاديين لتحقيق التنمية البشرية. ولكن الأدلة تشير الآن إلى أن الحكومات تستخدم أهداف «الأمم المتحدة للتنمية» لأغراضها الخاصة من خلال التفسير والتنفيذ الانتقائي لهذه الأهداف. وأصبحت هذه الأهداف الآن متوقفة، نتيجة جائحة كورونا، والتحديات الأخرى الناجمة عن الكوارث الناتجة عن تغير المناخ في منطقة الساحل الإفريقية وباكستان، إضافة إلى نقص المواد الغذائية على مستوى العالم، ولا يوجد أي أسباب تجعلنا نعتقد أنها يمكن أن تنطلق من جديد خلال السنوات القليلة المقبلة.

ومما يضاعف تحديات حقوق الإنسان التي تواجه الأمم المتحدة في العديد من الأماكن، بما فيها ميانمار، أن أجهزة السلام، والأمن، وحقوق الإنسان كانت غائبة أو صامتة. ولطالما دعت منظمات المجتمع المدني في ميانمار مجلس الأمن الدولي للرد على العنف الذي قلب الحكومة المنتخبة ديمقراطياً، إضافة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات الحازمة مثل فرض منطقة جوية خالية يحظر فيها الطيران، أو فرض حظر على الأسلحة. وباستثناء الإدانة لإعدام الناشطين المدافعين عن الديمقراطية في يوليو الماضي، لم يفعل مجلس الأمن الدولي الكثير لمعالجة العنف في الدولة. وتركت الدبلوماسية إلى اتحاد دول جنوب شرق آسيا «أسيان» التي فشل إجماعها على النقاط الخمس في القيام بأي تغيير ذي معنى.

اليابان ومجلس الأمن

ويحاول بعض قادة الدول الدفع نحو إجراء إصلاحات في مجلس الأمن الدولي، وهي فكرة تم طرحها مرات عدة في الماضي، حيث يتم تقديم بحر من الاقتراحات من كل من الغرب والشرق.

وترجع القضية إلى عقود سابقة في الوقت الذي سعت فيه اليابان إلى الحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي بعد سنوات من الهيبة والسعي إلى المكانة من خلال تقديم المساعدة التنموية الرسمية، والمشاركة في الجهود الدبلوماسية من أجل السلام في كمبوديا وتقديم الدعم من أجل إعادة دمج المقاتلين في المجتمع في أفغانستان ولكن نتيجة الفيتو الصيني لم تحصل اليابان على مقعد دائم في المجلس.

ومنذ ذلك التاريخ، تنوعت المتقرحات بشأن إصلاح المجلس، حيث أراد البعض أن يكون المجلس أكثر تمثيلاً للقارتين الإفريقية والآسيوية، في حين أن فرنسا اقترحت أن يتم إلغاء الفيتو عندما يؤدي إلى منع إنهاء الأزمات أو منع حدوث الإبادة جماعية.

ولكن الإصلاح لن يأتي بسهولة، وبالنظر إلى الانقسامات المحمومة تبدو احتمالات الإصلاح التي يحتاج إليها العالم بشدة، أشبه بالمسرح الدبلوماسي أكثر من فرص التغيير. وبالنظر إلى القضايا الكثيرة التي تؤدي إلى استقطاب أعضاء الأمم المتحدة، ستظل هذه المنظمة الدولية في حالة أزمة متواصلة. وقدم هذا العام دليلاً إضافياً على أن الأمم المتحدة في انحدار متواصل نتيجة للمصالح المتنوعة داخلها ونتيجة القيادة الفاشلة.

• إضافة إلى الكوارث الإنسانية المتعلقة بالحروب، ثمة أدلة إضافية على أن أهداف التنمية التي تحمل توقيع الأمم المتحدة، تبلغ 17 هدفاً، قد فشلت. الأدلة تشير إلى أن الحكومات تستخدم أهداف «الأمم المتحدة للتنمية» لأغراضها الخاصة من خلال التفسير والتنفيذ الانتقائي لهذه الأهداف.

• تواجه الأمم المتحدة عجزاً في المساعدات الإنسانية وصل إلى 32 مليار دولار واضطرت إلى اللجوء إلى صندوق احتياطي لدعم برامج المساعدات الملحة في مناطق تقع في 11 دولة.

مارك كوغان ■ أستاذ دراسات السلام والصراعات في جامعة كانساي جايدي اليابانية

تويتر