بعد أن حظرتها الولايات المتحدة

عيادة مكسيكية تجري عمليات إجهاض سرية للأميركيات

صورة

في الأشهر التي تلت إلغاء حق الإجهاض في أميركا، لاحظت لويزا غارسيا اتجاهاً حاداً ولافتاً للنظر، إذ يسعى المزيد من الأميركيات للحصول على خدمات عيادتها، الموجودة على الجانب الآخر من الحدود، في تيخوانا، بالمكسيك.

وغارسيا هي مديرة «بروفيم تيخوانا»، حيث يمكن للنساء إجراء عمليات الإجهاض، على بعد أمتار قليلة فقط، عبر معبر «سان سدديرو» الحدودي بين مدينة سان ديغو الأميركية وتيخوانا المكسيكية. وفي مايو، شكل الأميركيات 25% من المريضات اللاتي خضعن لعمليات إجهاض هناك. وبحلول يوليو، كانت النسبة قد وصلت إلى 50%.

ومع ذلك، فهذه مجرد تقديرات، لأن «بروفيم تيخوانا» لا تطلب من المريضات إثبات الإقامة. ومع ذلك، في حين لا يتم الاحتفاظ بالأرقام الرسمية عن الأميركيات اللاتي يعبرن الحدود لإجراء عمليات إجهاض، إلا أن الأرقام تتناسب مع الأدلة على أن المزيد من الأشخاص يتجهون إلى المكسيك للحصول على الخدمات، منذ أن أظهرت مسودة المحكمة العليا المسربة، في مايو، أن الهيئة القضائية ستقضي على حق الإجهاض.

وتقول غارسيا عن المريضات الأميركيات «إنهن لا يخبرننا بالحقيقة، لأنهن يعتقدن أننا سنحرمهن من الخدمة بمجرد علمنا بأنهن من الولايات المتحدة»، متابعة «نستقبل أشخاصاً يتحدثون الإنجليزية، فقط، بعيون زرقاء وشعر أشقر. بعبارة أخرى، لا توجد طريقة لإنكار أنهم يأتون من مكان آخر».

وتؤكد مديرة العيادة أنها تتطلع، الآن، إلى التوسع، والانتقال من تقديم عمليات الإجهاض الدوائي، في تيخوانا، إلى تقديم الإجراء الجراحي، قريباً. وفي هذه الأثناء، تبحث غارسيا عن مكان آخر لإنشاء عيادة جديدة.

وفي «بروفيم تيخوانا»، تراوح خدمات الإجهاض بين 200 و400 دولار، ويتم توفيرها حتى 12 أسبوعاً من الحمل. وعادة ما تكلف عمليات الإجهاض في الولايات المتحدة في هذه المراحل ما بين 600 و1000 دولار، عندما لا يتوافر التأمين، وفقاً لصندوق «تكساس للتمكين المتساوي».

وعلى الرغم من أن الحصول على الإجهاض في تيخوانا يمكن أن يكون أرخص، إلا أن هناك عوامل أخرى قد تجعل الرحلة أكثر صعوبة. وتتذكر غارسيا أميركية واجهت صعوبات عدة، بما في ذلك العثور على دار رعاية، وحاجز اللغة، أكثر من الإجراء الطبي الفعلي.

صائد المكافآت

ويأتي هذا الاتجاه وسط مخاوف متزايدة بشأن الخصوصية، حيث تسن بعض الولايات الأميركية، التي حظرت عمليات الإجهاض، قوانين «صائد المكافآت»، التي تحفز المواطنين على الإبلاغ عن أولئك الذين يسعون إلى الإجهاض، ويحذر خبراء الخصوصية من أنه يمكن استخدام البيانات من تطبيقات تتبع الدورة الشهرية لمعاقبة الأشخاص الذين يسعون أو يفكرون في الإجهاض.

وألغت المكسيك تجريم الإجهاض في عام 2021، لكنه ليس قانونياً في جميع أنحاء البلاد. وتقع تيخوانا في «باجا كاليفورنيا»، وهي الولاية المكسيكية الوحيدة على طول الحدود مع الولايات المتحدة، حيث عمليات الإجهاض قانونية، ما يجعلها وجهة أسهل لمن يتطلعون للعبور من الولايات المتحدة.

وفي أميركا، لاتزال بعض المحاكم تفكر في ما إذا كانت عمليات الإجهاض ستظل قانونية في ولاياتها. ونفذت 14 ولاية، على الأقل، حظراً شبه كامل على الإجهاض. وفرضت ولايات تينيسي وأيداهو وتكساس حظراً أكثر صرامة قبل أسبوعين. وتكساس، التي يذهب العديد من سكانها إلى العيادة المكسيكية لإنهاء الحمل، لم يعد لديها عيادات تقدم عمليات الإجهاض.

وفي عيادة تيخوانا، تعتقد غارسيا أن التكتم ضروري ومفيد. وتقول غارسيا «يجب أن نتحلى بالحذر، لأن الجيران سيكون لديهم ما يقولونه، فالجماعات المؤيدة للحياة ستحتج أو قد يشعر المرضى بعدم الارتياح عند وصولهم».


خدمة مجانية

قبل 15 عاماً، كان الإجهاض جريمة في المكسيك. وفي عام 2021، طعنت المحكمة العليا المكسيكية في القانون، مشيرة إلى أن الإجهاض لن يتم تجريمه بعد الآن. وقال المناصرون للإجهاض إن الأمر لا يقتصر على الوصول إلى العيادات التي يبحث عنها الأشخاص عبر الحدود، إذ تقوم نساء مكسيكيات بجلب حبوب الإجهاض، عبر الحدود، إلى الأميركيات. وقالت الناشطة المكسيكية، فيرونيكا كروز: «اليوم، أحدث الإجهاض الدوائي ثورة في الوصول إلى الإجهاض داخل الولايات المتحدة وخارجها، ونحن نفعل ذلك مجاناً، وهو أمر مفاجئ جداً للأميركيين، لأن كل شيء يكلف الكثير في الولايات المتحدة».

وصول آمن

العيادات في أميركا أغلقت أبوابها بعد صدور قرار المحكمة. أرشيفية

لسنوات، عبرت الأميركيات الحدود الجنوبية للحصول على الرعاية الصحية والإمدادات الطبية بسبب الكلفة. والإجهاض الدوائي في المكسيك ليس قانونياً، فحسب، بل يمكن شراؤه من دون وصفة طبية بنحو 20 دولاراً.

واستعدت «إيباس»، وهي منظمة غير حكومية، للتعامل مع تدفق الأميركيات اللاتي يحاولن الإجهاض في المكسيك، نظراً لخبرتها في العمل مع بلدان في أميركا الوسطى، حيث يُحظر الإجهاض. وفي يوليو، حُكم على امرأة في السلفادور بالسجن لمدة 50 عاماً بتهمة الإجهاض. وقالت مديرة «إيباس» في المكسيك، ماريا أنتوانيت ألكادي، إن شبكتها كانت تستعد لزيادة الطلبات بعد تغيير القوانين في الولايات المتحدة.

وقال ألكادي، إن من الممكن حتى في الأماكن شديدة التقييد، الوصول إلى عمليات إجهاض «لاسيما عندما يكون لدى الأشخاص إمكانية الوصول إلى المعلومات». وتشير ألكادي إلى عدد الشبكات الشعبية التي ظهرت في الـ20 عاماً الماضية، في أميركا اللاتينية، باعتبارها محورية في توفير هذا النوع من العمليات. وقالت «إننا نشهد الاتجاهات نفسها في الولايات المتحدة، وهذا أمر مقلق تماماً. يمكن تجريم الإجهاض، لكن هذا لن يوقفه».

بيانات معيبة

 

عيادة تيخوانا لا تطلب وثائق ثبوتية من مرضاها. أرشيفية

يؤكد معارضو الإجهاض، أن الإجهاض الدوائي أكثر خطورة، خصوصاً عندما يتم من دون إشراف طبي. وأشاروا إلى أنه لا ينبغي إجراء العملية بعد 10 أسابيع من الحمل، أو إجراؤها دون زيارة الطبيب، لأن تحديد موعد الحمل بدقة ليس ممكناً دائماً.

ويقولون إنه يمكن عدم ملاحظة المضاعفات الطبية الأخرى، بما في ذلك الحمل خارج الرحم، إذ توجد البويضة الملقحة خارج الرحم. وفي ذلك، قالت رئيسة الجمعية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء، الدكتورة كريستينا فرانسيس، إن الادعاءات بأن الإجهاض الدوائي آمن «تستند إلى بيانات معيبة وغير كاملة، وتعطي الأولوية للملاءمة والكلفة على صحة وسلامة المرضى». وتعارض الجمعية جميع عمليات الإجهاض، ما عدا لمنع الأذى الدائم أو الموت عن الأم.

في المقابل، يروي من يدعمون الإجهاض قصة مختلفة: «هناك أدلة كثيرة على أن الإجهاض الدوائي آمن، إذ تقوم النساء بالفعل بإجراء العملية بمفردهن تقريباً في المنزل، حتى لو ذهبن إلى الطبيب للحصول على الأدوية».

«بروفيم تيخوانا» تتقاضى مقابل عملية الإجهاض 200 إلى 400 دولار.

50 %

نسبة الأميركيات من إجمالي المريضات اللاتي خضعن لعمليات إجهاض، خلال يوليو، في عيادة تيخوانا.

تويتر