القضية كشفت خطأ جسيماً في تطبيق العدالة

أطفال إندونيسيون أودعوا السجن في أستراليا باعتبارهم بالغين

صورة

ستة أطفال إندونيسيين أودعوا السجن عن طريق الخطأ في أستراليا وتم في الوقت نفسه تبرئة مهربين في قضية تكشف «خطأ جسيماً في تطبيق العدالة» في أستراليا. وتم اعتراض الإندونيسيين الستة، الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً على متن قوارب صيد في المياه الأسترالية في عام 2009، خلال المناخ السياسي المشحون للغاية حول حماية الحدود.

استدراج

وكان المهربون قد استدرجوا الأطفال وحملوهم في قوارب من قراهم الفقيرة بعروض غامضة للعمل بأجر مرتفع في مكان ما، وغالباً ما يكونون غير مدركين لوجهتهم أو أنهم سيعتبرون طالبي لجوء. وتظهر السجلات الداخلية التي اطلعت عليها صحيفة «الغارديان» أن الأطفال أبلغوا مسؤولي الهجرة والشرطة الأسترالية مراراً أنهم أطفال، وهو ما يعني عادةً إرسالهم إلى بلادهم بموجب سياسة الشرطة الفيدرالية الأسترالية.

ولكن بدلاً من ذلك، اعتمدت الشرطة على استخدام الأشعة السينية لمعرفة أعمارهم، وتم استخدام الأشعة السينية لاستنتاج أن الأولاد من المحتمل أن يكونوا بالغين، وعلى هذا النحو وجهت إليهم الشرطة تلك التهم. وقد أقر جميع الأولاد ما عدا واحداً بالذنب.

ولكن فيما بعد ثبت عدم مصداقية هذه التقنية تماماً. الأسبوع الماضي، ألغت محكمة الاستئناف بغرب أستراليا إدانة رودي عثمان، حمزة جوجو، محمد مالينغ، مايكيل هوسا، عثمان آري وفاندي، الذين مثلهم مكتب المحاماة كين كوش وشركاه. ووجدت المحكمة أن «خطأً جسيماً في تطبيق العدالة قد حدث». وقررت المحكمة أنه بغض النظر عن استخدام الأشعة السينية على الرسغ لمعرفة أعمارهم، فإن الأولاد الستة «لا يجب اتهامهم كأشخاص بالغين» كما قررت المحكمة أنه لا اختصاص لمحكمة مقاطعة غرب أستراليا في النظر في قضاياهم. ووجدت أن «حجة الأدلة المتاحة المتبقية، فيما يتعلق بتاريخ ميلاد كل مستأنف، لا يمكن أن تدعم النتيجة التي تفيد بأن أياً من المستأنفين، في وقت تقديم الطلب، كان يبلغ من العمر 18 عاماً أو أكثر من ذلك».

وقالت المحكمة إن المدعين العامين في الكومنولث قد أقروا الآن بأن اعتمادهم السابق على دليل الأشعة السينية للمعصم «يثير شكاً صريحاً حول نزاهة كل اعتراف بالذنب وبشأن نزاهة كل قرار بعدم تحديد عمر المستأنف». وتقر المحكمة بعدم وجود دليل موثوق به عندما أدين كل مستأنف وحُكم عليه بأنه يبلغ من العمر 18 عاماً أو يزيد على ذلك.

شكوك

وتكشف الوثائق المرفقة بقضية الأولاد أن كلاً من الشرطة وكبار الشخصيات الحكومية كانوا يعرفون قبل سجن الصبية أن هناك شكوكاً حول دقة الاتهام. وتُظهر المستندات التي اطلعت عليها صحيفة الغارديان أن ضابط تحقيق في بعض القضايا كان متورطاً في محاكمة مماثلة بشكل ملحوظ قبل ثماني سنوات، واستمعت خلالها المحكمة إلى أن استخدام دليل الأشعة السينية للمعصم لتحديد العمر كان عرضة للخطأ و«ليس دقيقاً للغاية».

وعلى الرغم من هذه المخاوف، غيرت الشرطة تواريخ الميلاد التي قدمها لهم الأطفال الستة - وغيرت سنة الميلاد، مع الاحتفاظ بالشهر والتاريخ - لتحويلهم إلى بالغين وجعل أعمارهم تتناسب مع تقارير الأشعة السينية. وتم استخدام التواريخ الجديدة، التي قال محامو الصبية للمحكمة إنها «وهمية»، في مذكرات الادعاء ولوائح الاتهام وغيرها من المستندات القانونية الداعمة لمقاضاة الأطفال كبالغين.

وتكشف إحاطة قسم الهجرة الداخلية في يونيو 2010 أن الحكومة قد تم تحذيرها بشكل مباشر من عدم موثوقية هذه التقنية. وحدثت هذه الإحاطة قبل فترة طويلة من إدانة خمسة من الأطفال الستة والحكم عليهم، بعد استخلاص تقارير الأشعة السينية.

وحذر الإيجاز الحكومة من أن الأشعة السينية للمعصم معرضة للخطأ، وأشار إلى إرشادات المملكة المتحدة التي حذرت من استخدامها لتحديد العمر، والتي قالت: «تمت مناقشة مسألة ما إذا كان يمكن تحديد العمر الزمني من تقدير عمر العظام، والجواب هو أنه لا يمكن ذلك». بعد حوالي ثلاث سنوات وشكاوى متعددة حول احتجاز الأطفال في سجون البالغين، تم الإفراج عنهم وإعادتهم إلى ديارهم.

تقرير لاذع

في عام 2012، حققت اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان في احتجاز الأطفال وقدمت تقريراً لاذعاً، يقر أن معاملة أستراليا لمثل هؤلاء الأطفال كانت «مزعجة» وأن «السلطات الأسترالية لم تمنح وزناً كبيراً على ما يبدو لحقوق هذه المجموعة من الشباب الإندونيسي».

وقالت مفوضة حقوق الإنسان آنذاك كاثرين برانسون لصحيفة الغارديان إنها اعتقدت في ذلك الوقت أن الوكالات الحكومية المسؤولة عن التحقيق في التهريب ومقاضاته شعرت أنها تتعرض لضغوط سياسية. وقالت: «خلصت إلى أن هذه الوكالات تريد أن ينظر إليها الشعب الأسترالي على أنها تهتم بالملاحقات القضائية وتأمن عقوبات كبيرة، لقد أرادوا أن يُنظر إليهم على أنهم يأخذون تهريب البشر على محمل الجد». وتسترسل «لقد أرادوا إيجاد طريقة ما لتحديد العمر؛ كان هناك مستوى عالٍ من القلق للعثور على علامة بيولوجية يمكن أن تخبرك بدقة عن عمر الشخص، ولكن في النهاية، ثبت أن اعتمادهم على الأشعة السينية للمعصم لا أساس له من الصحة». في ذلك الوقت، اعتبرت برانسون، التي تشغل الآن منصب رئيس جامعة أديلايد، أنه من المحتمل أن يكون العديد من الشباب الذين يعملون في قوارب تهريب البشر «ضحايا إلى حد ما». وتقول هؤلاء الأولاد الصغار المساكين.. أنا متأكدة من ارتكاب أخطاء كبيرة بحقهم، ليصبحوا متعفنين في السجون الأسترالية.

عقوبات غير متناسبة مع الجرم

ويقول السفير السابق، توني كيفين «هم في الأساس من جزر إندونيسية نائية، من خلفيات فقيرة، وإذا اقترب شخص ما منهم، وقدم لهم مبلغاً هائلاً من المال، فكل ما عليهم فعله هو القدوم للإبحار لبضعة أيام، بالطبع سيقبلون». وكتب أستاذ القانون الجنائي بجامعة كوينزلاند، أندرياس شلوينهاردت، إن السلطة التشريعية أجبرت القضاة على فرض عقوبات قاسية غير متناسبة مع ذنب الجناة، وهي حقيقة اعترف بها بعض القضاة أنفسهم. وقد تأثرت مقاضاة مهربي الأشخاص المزعومين بـ«قدر كبير من الخطاب السياسي والإعلامي المضلل والأساطير والصور النمطية حول تهريب الأشخاص ومهربي البشر»، كما كتب في سيدني لو ريفيو في عام 2016.

وصرح شلوينهاردت لصحيفة الغارديان أنه تم فرض مجموعة من الضغوط على الوكالات الحكومية المختلفة مع زيادة عدد القوارب: من سبعة قادمين في عام 2008 إلى 300 بحلول عام 2013. ويقول شلوينهاردت «لكن العيب الأكثر أهمية في تصميم هذا التشريع، هو تعرض القانون الأسترالي لانتقادات مستمرة لأنه لا يعكس القانون الدولي، وحتى يومنا هذا فإننا نقبض على الأشخاص الذين لا يرتكبون أي جريمة بموجب القانون الدولي». ويختتم بقوله «الأشخاص الذين كتبوا هذه القوانين في التسعينيات، والذين أعادوا كتابتها في عام 2010، كانوا يعرفون ما يفعلونه».

• عام 2012 حققت اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان في احتجاز الأطفال وقدمت تقريراً لاذعاً، يقر بأن معاملة أستراليا لمثل هؤلاء الأطفال كانت «مزعجة» وأن السلطات الأسترالية لم تمنح وزناً كبيراً على ما يبدو لحقوق هذه المجموعة من الشباب الإندونيسي.

• تكشف الوثائق المرفقة بقضية الأولاد أن كلاً من الشرطة وكبار الشخصيات الحكومية كانوا يعرفون قبل سجن الصبية أن هناك شكوكاً حول دقة الاتهام.

تويتر