خشية أن يعود إلى دائرة العنف

مسؤول أممي: يجب على العالم ألا ينسى جنوب السودان

صورة

وسط تصاعد الأزمات العالمية، من أفغانستان إلى إثيوبيا، والآن أوكرانيا، تضيع فرصة وقف ما قد يكون الأزمة الكبرى التالية. وتتصاعد التوترات، في جنوب السودان، قبل نهاية فترة السلام الانتقالية في البلاد، والانتخابات المقررة في عام 2023، ما يهدد بالعودة إلى الفظائع واسعة الانتشار، التي أودت بحياة أكثر من 380 ألف شخص، خلال الحرب الأهلية، قبل بضع سنوات، ومن المرجح أن يزداد العنف والنزوح والجوع في العام المقبل.

لذلك، من الجدير بالذكر أنه تم تجديد عمل الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان، أخيراً، لكن البعثة ستحتاج إلى دعم من الولايات المتحدة، ودول أخرى، إذا كان لها أن توازن بنجاح بين المطالب المتزايدة لدعم التنفيذ المتأخر لاتفاقية السلام، لعام 2018، قبل الانتخابات، مع الحاجة الأكثر إلحاحاً لحماية المدنيين. ويجب على العالم، أيضاً، ألا يتجاهل الأزمة الإنسانية المتزايدة في جنوب السودان، حيث لايزال ثلث السكان نازحين، وثلثاهم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.

ثلاثة أشياء

هناك حاجة لثلاثة أشياء إذا كان لجنوب السودان أن يواصل التحرك نحو السلام:

أولاً، يجب أن تستمر بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في حماية المدنيين، حتى في ظل محدودية الموارد، والمطالب المتزايدة لدعم الجوانب الحيوية والمتأخرة لتنفيذ السلام، مثل صياغة دستور جديد، والتحضير للانتخابات، وتشكيل جيش موحد.

وبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان مكلفة حماية المدنيين، وتعزيز السلام، وتهيئة الظروف الآمنة للمساعدات الإنسانية، ورصد انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني، ثم الإبلاغ عنها. ومع ذلك، فإن حماية جنوب السودان لابد أن تزداد صعوبة، حيث تؤدي المناورات السياسية إلى إثارة التوترات، في الفترة التي تسبق انتخابات العام المقبل. والحقيقة هي أن النخب السياسية، في هذا البلد، استمرت في تأجيج العنف في المناطق المختلفة. وحققت البعثة الأممية بعض النجاح في درء العنف من خلال إنشاء 125 قاعدة عمليات مؤقتة، في المناطق الساخنة المحتملة.

لكن يجب موازنة هذا النهج مع الحاجة إلى المراقبة والاستجابة للأخطار في قواعد الأمم المتحدة المعروفة باسم مراكز حماية المدنيين، والتي فر إليها عشرات الآلاف من الأشخاص، بحثاً عن ملاذ خلال الحرب الأهلية. وخلال العام الماضي، سلمت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جميع هذه المواقع الخمسة، باستثناء موقع واحد، إلى سلطات جنوب السودان، ولكن هذا يعني في كثير من الأحيان أن هذه المواقع تخضع، الآن، للإشراف من قبل السلطات نفسها التي قادت الهجمات، التي تسببت في فرار الناس إلى تلك المواقع، في المقام الأول.

والحقيقة هي أن هذه المواقع ستبقى مراكز ضعيفة بحاجة إلى المراقبة. وسيتعين على قوات حفظ السلام الرد بسرعة إذا اندلع العنف. وفي غضون ذلك، يتعين على بعثة الأمم المتحدة الانتظار لنقل الموقع الخامس في ملكال إلى أن تسمح الظروف بذلك، ومن غير المرجح أن يحدث ذلك في أي وقت قريب.

ثانياً، يجب على المانحين الدوليين زيادة المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات المتزايدة. ويواجه جنوب السودان، بالفعل، أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي، منذ استقلاله في عام 2011. ويحتاج نحو 8.9 ملايين شخص، من أصل 12.4 مليون نسمة، إلى مساعدات إنسانية، نصفهم من الأطفال. واستمرار العنف، ونزوح السكان على نطاق واسع، والاقتصاد المتراجع، كلها عوامل رئيسة للأزمة. وأدت جائحة «كوفيد-19»، والفيضانات والجفاف الأخير، والقيود البيروقراطية والأمنية على وصول المساعدات، إلى تفاقم الأمور. وكذلك، سرقة سلطات جنوب السودان المتكررة للمساعدات الإنسانية، التي من المرجح أن تزداد مع اقتراب موعد الانتخابات، ولكن هذا ليس سبباً لتقليل المساعدات للمحتاجين، وبدلاً من ذلك، إنها دعوة لمزيد من العناية الواجبة والاهتمام السياسي لتتبع كيفية إنفاقها.

الاهتمام الدبلوماسي

ويؤدي هذا إلى الخطوة الثالثة المهمة، وتتمثل في مزيد من الاهتمام الدبلوماسي، من الولايات المتحدة وشركائها الرئيسين، بما في ذلك النرويج والمملكة المتحدة وجيران جنوب السودان الأفارقة. وبصفتها المانح الرئيس للمساعدات الإنسانية لجنوب السودان، يجب على أميركا حث الدول الأخرى على التبرع بالمزيد، وتكثيف دبلوماسيتها لإحلال السلام. ويمكن لواشنطن أن تبدأ بتعيين دبلوماسييها في مناصبهم، وبعد أكثر من عام ونصف العام من دون سفير أميركي، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن، أخيراً، عن ترشيح، يجب على الكونغرس فحصه والموافقة عليه بسرعة. ومع ذلك، ظل منصب المبعوث الخاص لوزارة الخارجية، إلى السودان وجنوب السودان شاغراً، منذ أغسطس الماضي. ويجب على إدارة بايدن شغل الوظيفة، أو على الأقل تسمية مسؤول رفيع المستوى للتركيز على جنوب السودان داخل مكتب المبعوث الخاص للقرن الإفريقي.

وعانى جنوب السودان الحرب خلال معظم عقده الأول كدولة ذات سيادة، ويجب استخدام ولاية البعثة المجددة، قبل عام حاسم، لتنفيذ السلام لتغيير الأمور في العقد المقبل. دعونا نتذكر جنوب السودان.

• يواجه جنوب السودان، بالفعل، أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي، منذ استقلاله في عام 2011.

• 8.9 ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، نصفهم من الأطفال.

• 380 ألف شخص قتلوا خلال الحرب الأهلية.

• يجب أن تستمر بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان في حماية المدنيين، حتى في ظل محدودية الموارد، والمطالب المتزايدة لدعم الجوانب الحيوية والمتأخرة لتنفيذ السلام، مثل صياغة دستور جديد، والتحضير للانتخابات، وتشكيل جيش موحّد.

* دانيال سوليفان - نائب مدير منظمة اللاجئين الدولية لإفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.

تويتر