لندن أرسلت معدات حربية بينما تفضّل باريس وبرلين الحوار

حماسة بريطانيا في الأزمة الأوكرانية تثير شكوك منافسيها الأوروبيين

صورة

أزالت الأزمة الأوكرانية أي شكوك في ألمانيا وفرنسا بشأن التزام بريطانيا بالأمن الأوروبي، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن نشاط لندن شكّل، أيضاً، التباساً في برلين وباريس، في وقت تتأرجح فيه قيادة القوتين في مواجهة التهديدات العسكرية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وسعت ما يسمى مجموعة البلدان الثلاثة (فرنسا وألمانيا وإيطاليا)، التي لها تاريخ من التعاون الدبلوماسي، إلى تنسيق مواقفها، حيث يوجد أكثر من 100 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية. ورسمياً، الوحدة الغربية هي الكلمة المفتاحية، وفي السر، تراقب ألمانيا وفرنسا بقلق، بينما تستعيد المملكة المتحدة مكانتها باعتبارها الحليف الأكثر حماسة للولايات المتحدة.

وفي حين أن برلين وباريس كانتا حذرتين بشأن نهاية لعبة بوتين، وتفضلان المزيد من الدبلوماسية السرية، فقد تبنت لندن تقييم واشنطن بشأن التهديد الوشيك بالغزو، وأرسلت أسلحة مضادة للدبابات إلى أوكرانيا، وسرّبت تفاصيل مؤامرة انقلاب مزعومة بقيادة روسيا في كييف.

ويُنظر إلى رغبة المملكة المتحدة في التعاون على مستوى الاتحاد الأوروبي على أنها إيجابية، كما تقول رئيسة المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، جانا بوغليرين. ولكن الأزمة في أوكرانيا قد تعيد فتح الانقسامات التي ظهرت خلال حرب العراق بين باريس وبرلين من جهة، و«المعسكر الأنجلوأميركي» من جهة أخرى. وتقول بوغليرين: «إنهم يصرون على التنسيق، وهذا صحيح، وقد كان هناك الكثير من جهود التنسيق، ووحدة مازالت قائمة، ولكن يوجد أسفلها الكثير من المخاطر المحتملة».

ولاتزال باريس تشعر بالمرارة حيال الدور الذي لعبته لندن في إبرام ما يسمى صفقة «أوكوس» مع الولايات المتحدة وأستراليا، التي أدت إلى إلغاء عقد غواصات مع فرنسا بقيمة 36 مليار دولار، في سبتمبر الماضي. ووفقاً لما ذكره ميشيل دوكلوس، وهو دبلوماسي سابق ومستشار خاص في معهد «مونتين»، فإنه يعتقد أن النهج البريطاني الحالي قد يكون «سكب الزيت على النار». وتشك باريس في أن لندن «تتماشى مع غرائزها الطبيعية، فهي تتطلع إلى تشكيل نادٍ من المتشددين مع البولنديين، ودول البلطيق والهولنديين، لعرقلة المحور الفرنسي الألماني»، كما يقول دوكلوس.

شراء الوقت

وفي برلين، يفضل مستشار ألمانيا الاشتراكي الديمقراطي الجديد، أولاف شولتز، شراء المزيد من الوقت، والاستيلاء على «كل قناة موجودة» بدلاً من مواجهة انقسامات حزبه حول كيفية الرد على الغزو الروسي لأوكرانيا، كما يقول الزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية، جوزيف دي ويك، متابعاً: «لقد كانت الأزمة بمثابة ضربة للقيادة الألمانية في أوروبا».

وتضيف بوغليرين: «فجأة، وجدت ألمانيا نفسها تنظر إلى الصراع من الخطوط الجانبية».

ولهذا السبب، من المهم للغاية بالنسبة لباريس وبرلين إحياء المحادثات مع الأوكرانيين والروس حول مصير منطقة دونباس الشرقية، التي دمرتها الحرب في أوكرانيا. وبعد اجتماع في باريس، الأسبوع الماضي، أصر مسؤول فرنسي على أنهم «تلقوا إشارة الرغبة في المشاركة التي نبحث عنها»، وأنه تم التخطيط لمزيد من المحادثات. ومع ذلك، تحذر بوغليرين من أن روسيا ربما تختبر العزم الفرنسي والألماني.

وتكمن مشكلة باريس وبرلين في أن صدقيتهما كقائدتين لتلك المحادثات قد تضاءلت. ومكانة ألمانيا متدنية في دول البلطيق وأوروبا الشرقية، حيث هناك استياء من عدم قدرة برلين على تسهيل بيع الأسلحة إلى كييف، وإحجامها عن قبول عقوبات على خط الأنابيب «نورد ستريم»، المصمم لتزويد ألمانيا بالمزيد من الغاز الروسي عبر بحر البلطيق.

مأزق ماكرون

وفي غضون ذلك، يكافح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للتغلب على «انعدام الثقة الأساسي»، كما تقول بوغليرين، بعد أن بدأ تقارباً غير منسق مع بوتين، وأكد أن الناتو «ميت سريرياً»، في عام 2019. وفي هذا السياق، تشكل المملكة المتحدة النشطة على أطراف الاتحاد الأوروبي تهديداً لطموح ماكرون لتشكيل سياسة دفاعية أوروبية متماسكة. ويقول دي ويك، إنه «إلى جانب الارتياح المعين في رؤية عودة بريطانيا للعب دور في السياسة الخارجية والأمنية في أوروبا، فإن الجانب السلبي هو أن هناك، الآن، لاعباً أمنياً آخر في أوروبا خارج الاتحاد الأوروبي».

وبالتالي، ستكون الأزمة الأوكرانية بمثابة اختبار مهم لطموحات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

•  تشكّل المملكة المتحدة النشطة على أطراف الاتحاد الأوروبي تهديداً لطموح ماكرون لتشكيل سياسة دفاعية أوروبية متماسكة.

• يكافح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتغلب على «انعدام الثقة الأساسي»، بعد أن بدأ تقارباً غير منسق مع بوتين، وأكد أن الناتو «ميت سريرياً»، في عام 2019.

تويتر