سياسيون يكذبون لتحقيق مكاسب تكتيكية

مزاعم ترامب بشأن «الانتخابات المسروقة» تضر بالديمقراطية الأميركية

صورة

لقد طفح الكيل. نعم، كانت هناك مشكلات في انتخابات نوفمبر الماضي، لكن تم التقاضي بشأنها وتدقيقها منذ أشهر، ونحن نعرف النتيجة. والاستمرار في التشكيك في تلك المراجعات، ومواصلة الطعن في نتيجة الانتخابات يلحق ضرراً دائماً ببلدنا. لقد حان وقت التوقف عن كل هذا.

من حق المرشحين أن يطالبوا بإعادة الفرز والتدقيق والمراجعة القضائية، كما فعل الرئيس السابق دونالد ترامب. ونحن بحاجة إلى تلك الضمانات لطمأنة الأميركيين، خصوصاً أولئك الذين صوتوا للخاسر المفترض، حتى يتولى الفائز المنصب بشكل شرعي. وفي الأيام والأسابيع التي تلي التصويت، مع تقدم هذه التحديات، يتحمل المرشحون المسؤولية، ويجب أن يكونوا واضحين بأنهم يتحركون ضمن القواعد المعروفة، ويجب أن يؤكدوا أنهم يتبعون الإجراءات المعمول بها لمواجهة تحدياتهم، والأهم من ذلك كله أنهم سيحترمون القرارات النهائية.

ليس هذا ما فعله دونالد ترامب، ومنذ الثالث من نوفمبر، جادل باستمرار بأن الانتخابات مسروقة منه، وأن جو بايدن ليس خليفته الشرعي. وفي الأشهر التي أعقبت الانتخابات، ضغط ترامب مراراً على وزارة العدل لمتابعة طعونه، حتى بعد أن قرر محاموها أن الطعون تفتقر إلى المصداقية. ووافق كبار المعينين السياسيين، بما في ذلك المدعي العام ثم النائب العام بالنيابة، على تلك التقييمات المهنية ورفضوا ضغوطه.

وفي أوائل يناير، عندما اجتمع الكونغرس لقبول فرز الأصوات المصدق عليه في الولايات، وانتخاب الرئيس الجديد رسمياً، طلب الرئيس السابق من نائبه وحلفائه في الكونغرس تأجيل تلك المصادقة، وتأكيد انتخاب بايدن. وفي الوقت نفسه، حث أكثر أتباعه المتحمسين على القدوم إلى واشنطن في السادس من يناير، للاحتجاج على إجراء الكونغرس.

وعلى الرغم من عدم وجود دليل على تورطه في الهجوم على مبنى الكابيتول، رد العديد من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين المناهضين لترامب، ووجهوا له الاتهام.

تحدي النتائج

ما يعطي هذه القصة القديمة زخماً، هو أن ترامب واصل تحدي نتائج الانتخابات. ولم يقل إن الانتخابات «مسروقة»، الأسبوع الماضي، لكنه ألمح إلى ذلك. وما قاله لملايين المتابعين كان هذا:

«كانت انتخابات 2020 مليئة بالأخطاء والمخالفات والفضائح. اليسار الراديكالي يعرف ذلك، ووسائل الإعلام تعرف أيضاً. والوطنيون في بلادنا يعرفون ذلك، والآن الولايات المتحدة تدفع ثمناً باهظاً. إنه أمر محزن للغاية».

وأضاف: «أظهر استطلاع جديد أن 56% من الناخبين يعتقدون أن ثمة غشاً».

هناك نقاط عدة مهمة يجب تذكرها هنا: الأولى أن هجوم ترامب على إجراءاتنا الدستورية كان مصحوباً بردود فعل من الجانب الآخر. وقد شن الديمقراطيون هجومهم المدمر على جبهات عدة، وطرحوا فكرة إضافة ولايتين جديدتين إلى الاتحاد لأنهم ناخبون ديمقراطيون موثوق بهم، كما اقترحوا مراراً إضافة المزيد من القضاة إلى المحكمة العليا لأن المحكمة لديها حالياً أغلبية محافظة، وكلاهما ضمن جهود لتغيير الفرعين التشريعي والقضائي بشكل جذري من خلال حشدهما بالمؤيدين. وأسقط البيت الأبيض وحلفاؤه في الكونغرس هذه المبادرات فقط لأنها نالت سخط الناخبين الأميركيين، ولايزال الديمقراطيون يهددون بإلغاء قاعدة مجلس الشيوخ المماطلة، والتي من شأنها أن تدمر دور مجلس الشيوخ كمنتدى للنقاش والتسوية، وتحويله إلى نسخة من مجلس النواب، ومرة أخرى يريدون تغيير المؤسسات الدائمة لمزايا قصيرة الأجل.

مثل ترامب لم يكن الديمقراطيون حريصين على قبول شرعية الأصوات الشعبية التي فقدوها (أو قد يخسرونها). وقبل التصويت في نوفمبر، قالت هيلاري كلينتون في مقابلة تلفزيونية، «لا ينبغي لجو بايدن التنازل تحت أي ظرف من الظروف، لأنني أعتقد أن هذا سيستمر، وفي النهاية أعتقد أنه سيفوز إذا لم نتنازل عن شبر واحد، وإذا كنا مركزين بلا هوادة، مثل الجانب الآخر». وما فعله ترامب هو اتباع نصيحة هيلاري كلينتون.

تناقض

ويتناقض هذا الهجوم من الحزبين على شرعية الانتخابات الرئاسية بشكل حاد مع تنافس عام 2000 بين آل غور وجورج بوش الابن، والتي تطلبت في النهاية قراراً من المحكمة العليا. وبمجرد صدور هذا القرار، وافق غور وأنصاره على العد النهائي في فلوريدا، الذي حسم الانتخابات، وتركوا الأمور تسير على طبيعتها. واعترف ريتشارد نيكسون بالهزيمة ليلة الانتخابات في عام 1960، على الرغم من أنه كان لديه حجة قوية للغاية أنه خسرها فقط بسبب الغش الذي حدث في ولايتي شيكاغو وتكساس على يد حلفاء ليندون جونسون. ومع ذلك لم يواصل نيكسون ولا غور شكواهما من الإدارة الجديدة، أو طعنا في شرعية الرئيس الجديد. يبدو أن تلك الأيام قد ولت وجمهوريتنا تحن إليها.

معركة مشروعة

إن ترك هذه التحديات لنتائج نوفمبر لا يعني القبول الفاتر لترتيباتنا الانتخابية الحالية المعيبة. وهناك معركة مشروعة بين الديمقراطيين - الذين يجادلون بأن التغييرات على مستوى الولاية في قوانين التصويت ستحرم الناخبين الشرعيين من حق التصويت - والجمهوريين الذين يعتقدون أن بعض التغييرات مثل قوانين تحديد هوية الناخبين ستقلل من الاحتيال. وهناك حاجة ماسة لضمان أن إجراءات التصويت بالبريد، والتي تنتشر الآن على نطاق واسع، تتم بشكل عادل. وهناك معركة مشروعة حول التحيز الواضح لوسائل الإعلام الرئيسة، والقدرة الإشكالية لوسائل التواصل الاجتماعي على حجب الآراء السياسية التي تعارضها. وكان المثال الأكثر فظاعة للتأثير الخبيث لشركات التكنولوجيا هو قمع قصص «نيويورك بوست» حول فساد عائلة بايدن. وتم منع الجمهور إلى حد كبير من رؤية هذه التقارير في رابع أكبر صحيفة في البلاد في الأسابيع التي سبقت انتخابات نوفمبر.

لقد اختارت وسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا الكبرى العمل كمناصرين سياسيين، والجمهور يعرف ذلك. وتظهر استطلاعات الرأي أن الثقة فيها قد تبخرت، وهذا صحيح. ومع ذلك فقد تمكنت هذه الوسائل من تحقيق فوز مرشحها المفضل. والتبرير هو نفسه الذي قدمه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد، الذي ادعى (قبل انتخابات 2012) زوراً أن المرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني لم يدفع أي ضرائب خلال 10 سنوات. وفي الواقع، دفع رومني الملايين. وبعد الانتخابات سئل ريد عما إذا كان نادماً على الكذب، وكان رده على المذيع التلفزيوني ببساطة: «رومني لم يفز، أليس كذلك؟».

أكاذيب متكررة

لقد رأينا أكاذيب مثل هذه تحيط بخدعة التواطؤ مع روسيا، والتي سعت في البداية إلى إنكار فوز ترامب في عام 2016، ثم شلّت رئاسته سنوات عدة، وكل ذلك بناءً على مزاعم واهية، دحضها مكتب التحقيقات الفيدرالي بسرعة، والتي تم إنشاؤها ونشرها من قبل هيلاري كلينتون، خلال الحملة الانتخابية. وبعد خمس سنوات مازلنا ننتظر حساباً قانونياً من المستشار الخاص جون دورهام. والعدالة المتأخرة هي حرمان من العدالة.

وشن سياسيون مثل هاري ريد وكلينتون وترامب هجمات كهذه من أجل تحقيق مكاسب تكتيكية، وللأسف فإن الميزة التكتيكية بالنسبة لهم تلحق ضرراً حقيقياً بهيكل ديمقراطيتنا.

• كان المثال الأكثر فظاعة للتأثير الخبيث لشركات التكنولوجيا هو قمع قصص «نيويورك بوست» حول فساد عائلة بايدن.

• بعد أن شكك ترامب في صدقية نتيجة الانتخابات، شن الديمقراطيون هجومهم المدمر على جبهات عدة، وطرحوا فكرة إضافة ولايتين جديدتين إلى الاتحاد لأنهما ديمقراطيتان موثوقتان.

تشارلز ليبسون ■ صحافي وكاتب سياسي

تويتر