ممارسة لا تجرّمها القوانين مع تزايد حالات الطلاق في البلاد

آباء في الصين يختطفون أبناءهم بهدف الحضانة

صورة

صارع عدد من الرجال والنساء السيدة وانغ جيانا، وطرحوها أرضاً، ثم أمسكوا بساقيها وكتفيها، وأخذوا طفلتها، البالغة من العمر ستة أشهر، من ذراعيها وركضوا بعيداً. والتقطت كاميرا مراقبة كل شيء؛ ولكن كان هناك القليل الذي يمكن أن تفعله جيانا، فالشخص الذي قاد عملية الاختطاف في الشارع خارج منزل والدتها، كان والد الطفلة.

ورفضت الشرطة في مدينة تيانجين بشمال الصين التدخل، بحسب جيانا، قائلة إنه لا يمكن لأحد الوالدين اختطاف طفله. ثم منحت المحكمة حق الحضانة للزوج، مشيرة إلى الحاجة إلى إبقاء الطفل في «محيط مألوف». ويُعد ذلك اليوم، في يناير 2017، آخر مرة رأت فيها جيانا ابنتها شخصياً. وقالت الأم، البالغة من العمر 36 عاماً، «أشعر بظلم شديد، وعلى الرغم من أن الاختطاف غير معقول وغير مبرر، إلا أن المحكمة مازالت تؤيده».

ويمكن أن تكون معارك الحضانة أمراً مريراً في أي مكان في العالم. وفي الصين، حيث نادراً ما تمنح المحاكم الحضانة المشتركة، تكون الخلافات حول الأطفال حادة بشكل خاص. وغالباً ما يبقي القضاة الأطفال في بيئتهم المعيشية الحالية، قائلين إنها الأفضل لرفاهيتهم. ولكن ذلك يخلق حافزاً ضاراً للآباء الذين يمرون بفترة عصيبة، عند اختطاف أطفالهم وإخفائهم للفوز بالحضانة الفردية.

وبعد تسعة أشهر من اختطاف ابنة جيانا، أقرت الشرطة في تيانجين في تقرير نهائي بأن زوجها، ليو تشونغ مين، قد أصاب زوجته ووالدتها، خلال «نزاع جسدي على طفل»، وفقاً لنسخة من تقرير اطلعت عليها صحيفة «نيويورك تايمز». وأمرت الشرطة مين بقضاء فترة احتجاز إداري لمدة 10 أيام، ودفع غرامة قدرها 75 دولاراً، لإلحاق الأذى الجسدي بزوجته، لكن الضباط لم يلوموه على أخذ الطفلة.

تسوية ودية

ولم يتسنَّ الوصول إلى مين للتعليق. وقام محاميه وأحد الأشخاص الذين يُزعم أنهم متورطون في خطف الطفل، بإغلاق الهاتف عندما طُلب منهم التعليق. ولعقود طويلة، لم يجرّم القانون الصيني الآباء على اختطاف وإخفاء أطفالهم. وأصبحت المشكلة أكثر انتشاراً مع ارتفاع معدل الطلاق، في البلاد، بشكل مطرد. وتتم تسوية معظم حالات الطلاق في الصين بشكل ودي، ما قد يؤدي إلى اتفاقات للمشاركة في الحضانة. ولكن بالنسبة للأزواج الذين يذهبون إلى المحكمة، غالباً ما تنتهي الأمور في مصلحة المختطِف.

وفي يونيو، سعت الحكومة إلى معالجة المشكلة من خلال حظر عمليات الاختطاف لأغراض الحضانة. ورحب النشطاء بالقانون، لكنهم قالوا إن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيحدث فرقاً. وتم اختطاف ما يقدر بنحو 80 ألف طفل، في البلاد، وإخفاؤهم لأغراض الحضانة، في عام 2019، وفقاً لتقرير أصدرته محامية الأسرة البارزة والقاضية السابقة، جانغ جينغ، نقلاً عن أرقام صادرة عن المحكمة العليا في الصين. ويقول الكثيرون إن الأرقام أعلى، على الأرجح. وقالت القاضية، التي تعمل في مدينة غوانغتشو، بجنوب الصين، لوسائل الإعلام الحكومية، في عام 2019، إن أكثر من نصف قضايا الطلاق المتنازع عليها التي تعاملت معها، تتعلق باختطاف طفل لأغراض الحضانة.

وفي أغلب الأحيان، يكون الآباء وراء عمليات الاختطاف. ووجدت جينغ، أن الرجال كانوا مسؤولين في أكثر من 60% من مثل هذه الحالات. وشملت عمليات الاختطاف في الغالب ذكوراً تقل أعمارهم عن ست سنوات، ما يعكس التركيز التقليدي في الصين على الأولاد، كحاملين لاسم العائلة. وقالت داي شياولي، التي أسست «الشريط البنفسجي»، وهي جمعية اجتماعية، بعد خسارة معركة حضانة لمصلحة زوجها السابق: «لقد أصبحت تقريباً لعبة، وكل من لديه حضانة جسدية لديه حضانة قانونية».

قضية رئيسة

في بعض الحالات، يُعد اختطاف الأطفال في محاولة للحصول على الحضانة جزءاً من نمط أوسع من العنف المنزلي. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو واحدة من كل ثلاث عائلات تعاني العنف الأسري. وقالت جيانا، الأم التي اختطفت طفلتها من قبل زوجها، إن العنف ضدها بدأ في عام 2016، عندما كانت حاملاً في الشهر الخامس بابنتها جيايي. وكانت تعيش هي وزوجها معاً؛ إلا أنهما لم يسجلا زواجهما رسمياً. وقالت إنه بعد شهر من ولادة طفلتهما، ضربها زوجها، بعد أن طلبت منه إحضار حفاضات للرضيعة.

وأكدت وثائق المحكمة أن جيانا أبلغت القاضي بأن زوجها (مين) كثيراً ما تشاجر معها «بشأن أمور تافهة، وحتى ضربها وإهانتها». وتُظهر الوثائق أن مين رفض طلب زوجته بالحضانة. وقالت الأخيرة إن العنف استمر لأشهر حتى إنها لم تعد قادرة على تحمل الإساءة. وقالت إنه بناءً على طلبها، اصطحبها أهلها مع طفلتها للعيش مع والديها. وقالت إن زوجها ظهر مرة واحدة في محاولة لأخذ الطفلة، لكنه غادر بعد وصول الشرطة. ولم تره لمدة شهر، بعد ذلك. وقالت جيانا إنه في المرة التالية طلب من الناس مساعدته في انتزاع الطفل. واستأنفت الزوجة الحكم عندما منح القاضي الحضانة الكاملة للزوج، لكن قاضي الاستئناف أيد الحكم، وفقاً لوثائق المحكمة.

وأصبحت الخلافات حول الحضانة قضية رئيسة في الصين أخيراً. تقليدياً، كان من المتوقع أن تتخلى المرأة التي تطلب الطلاق عن حضانة أطفالها. ولكن تغير هذا على مر السنين، إذ اكتسبت النساء، في الصين، المزيد من الاستقرار المالي والاستقلال. وعلى الورق، يميل القانون الصيني قليلاً لمصلحة النساء. وفي الحالات التي يبلغ فيها الطفل من العمر عامين أو أقل، تُمنح الأمهات عادةً الحضانة حصراً. ولكن من الناحية العملية، يمكن للقضاة أن يتأثروا باعتبارات مؤسسية وغير رسمية، يقول الخبراء إنها غالباً ما تمنح الرجال ميزة. وعلى سبيل المثال، يتمتع الرجال بإمكانية الوصول إلى المزيد من الموارد المالية والممتلكات، ما يسمح لهم بتقديم مطالبة أقوى للحضانة.

ملامح مخفية

بعد فترة وجيزة من أخذه ابنته، قطع زوج وانغ جيانا كل الاتصالات. وخلال العام الماضي، أقنعت جيانا المحكمة بإجباره على تسليم صور ابنتهما. وتظهر طفلة صغيرة مع أكوام من الألعاب الملونة. ولكن وجه الطفلة كان غير واضح؛ وهي استراتيجية، كما تعتقد جيانا، ابتكرها طليقها لمنعها ذات يوم من التعرف إلى ابنتهما ومحاولة استرجاعها.

وبعد أربع سنوات، مازالت تحلم بلمّ شملها بابنتها التي كانت ذات مرة تعيش معها. وقالت جيانا: «أحاول إنقاذها في أحلامي، بينما أسعى للعثور عليها»، متابعة «لكن وجهها غير واضح، وليس لدي أي فكرة عن شكلها».

ثغرات في القانون

على الرغم من اختلاف تفاصيل وظروف حالات الاختطاف، إلا أن النتيجة غالباً ما تكون واحدة. ووفقاً للمحامية جانغ جينغ، التي تعاملت مع حالات كثيرة من هذا النوع، فإن الخاطف يقدم على أخذ الطفل ثم إخفائه، عادة بمساعدة الوالدين أو أفراد أسرهم. ويُمنع الوالد الآخر- الأم عادةً، من رؤية طفلهما؛ وفي كثير من الأحيان، لا يعرفون حتى مكان وجود الطفل. ويقول النشطاء إنه في بعض الحالات يستمر الخاطف في إخفاء الطفل بعد فترة طويلة من حصوله على حق الحضانة.

ويقول نشطاء وأمهات إن المعارك القانونية يمكن أن تكون غير مجدية، إلا إذا تعرض الطفل لسوء المعاملة أو كان في خطر، وقد يكون من المستحيل استعادة الحق في الحضانة. ويمكن منح الوالد الآخر حقوق الزيارة؛ لكن هذه أيضاً يصعب تنفيذها. وفي كثير من الأحيان، لا يتعرض الخاطفون لأية إجراءات قانونية.

وقال رئيس قسم الأحداث والأسرة بمحكمة قوانغتشو بمقاطعة قوانغدونغ، تشين هايي، في تقرير صادر عن الولاية لعام 2019، إنه في نصف نزاعات الطلاق، على الأقل، في ما يتعلق بحضانة الأطفال «يخفي الآباء الأطفال لأسباب مختلفة». ويقول الخبراء إن جوهر المشكلة هو النظام القانوني في الصين، الذي يميل إلى تفضيل الخاطف ولا يترك سوى القليل من سبل المساعدة لشريكته.

نصيحة غريبة

قال أستاذ القانون في جامعة هونغ كونغ، هي شين: «يبدو القانون نفسه محايداً للغاية، لكن العديد من الأشياء التي تقف وراءه ليست متساوية»، متابعاً «غالباً ما تخسر النساء». وعندما بدأت المواطنة الصينية، سيندي هوانغ، في التفكير في الطلاق، عام 2014، أعطاها المحامون هذه النصيحة: «خذي طفلك وأخفيه أولاً». ورفضت هوانغ ذلك، معتقدة أنه ليست هناك حاجة لاتخاذ إجراء صارم لحماية حقها في تربية طفلها. وقالت إنه بعد فترة وجيزة من التقدم بطلب الطلاق، أخذ زوجها ابنهما. وتذكرت أنه بينما كان القاضي متعاطفاً، في جلسة من الجلسات، أخبرها أنه لا يوجد الكثير مما يمكنه فعله. وقالت هوانغ (43 سنة): «أخبرني القاضي بوضوح شديد، قائلاً: لا توجد طريقة لاستعادة طفلك من والده، لذلك لا يمكننا منحك حق الحضانة»، وبعد الاستئناف الذي لم ينجح، في عام 2016، سُمح للسيدة هوانغ برؤية ابنها، في مقهى، مرتين في الشهر، في لقاءات يشرف عليها زوجها السابق عن كثب. وقالت الأم الصينية إنها تمنت لو أنها اتبعت نصيحة المحامين «تساءلت كيف يمكن للقانون أن يمنح الحضانة للوالد الذي خطف الطفل أولاً؟»، متابعة «لقد كنت حمقاء».

80 ألف طفل تم اختطافهم في الصين لأغراض الحضانة، في عام 2019.

60% من حالات الاختطاف كان وراءها رجال.

• تقليدياً، كان من المتوقع أن تتخلى المرأة التي تطلب الطلاق عن حضانة أطفالها.

تويتر