«طالبان» اعتمدت على القادة المحليين لتسهيل الاستسلام

20 عاماً من التدخل الأميركي في أفغانستان تذهب هباء

صورة

دخل عناصر حركة «طالبان» العاصمة كابول وقصرها الرئاسي، وتحدث تطورات متسارعة على الأرض، إذ استولت الجماعة المتمردة على المدن الرئيسة الواحدة تلو الأخرى، ما كشف ضعف القوات العسكرية الأفغانية، التي كانت ترابط فيها، وفضح الحكومة في كابول.

ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، تلقت «طالبان» تعليمات من قيادتها بعدم التوغل في العاصمة بالقوة، وهذا ما حدث بالفعل.

وكان من المفترض، أيضاً، أن تكون السفارة الأميركية لاتزال تعمل، غداة سقوط كابول، كما كان من المتوقع إجلاء معظم الموظفين، بعد أن أعلن الرئيس جو بايدن أنه سيتم إرسال 5000 جندي أميركي لإجلاء الأميركيين، والأفغان الذين يحملون تأشيرات هجرة خاصة، إلى خارج البلاد، وبمجرد أن غزت أميركا أفغانستان وقلبت ديناميكيات القوة الداخلية والإقليمية، أصبحت كلفة الانسحاب عقوبة مع وقف التنفيذ، وكان قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان هو القرار الصحيح، لكن تنفيذه يشير إلى أن واشنطن ربما لم تتعلم الدروس الصحيحة من السنوات الـ20 الماضية.

إن مشاركتنا لا تحتاج إلى الاختيار الخاطئ بين التدخل العسكري غير المحدود، وفك الارتباط التام، ومع هروب الرئيس الأفغاني أشرف غني من البلاد، يتعين على أي حكومة مؤقتة تنبثق عن صفقة بين الأطراف الأفغانية، أن تتوافق مع مكاسب «طالبان» السريعة في ساحة المعركة. وسقوط معظم الأراضي الأفغانية، في ما يزيد قليلاً على أسبوع، هو لائحة اتهام وحشية لعقدين من سياسة التدخل الأميركية في المنطقة، بعد أن أنفقت واشنطن أيضاً مئات المليارات من الدولارات على قوات الأمن الأفغانية، لكنها جعلتها تعتمد على الوجود الأميركي الدائم.

ومع ذلك، فإن الحقيقة أن «طالبان» حققت مكاسب تدريجية لسنوات، ولم يكن الوضع الراهن، في حالة الجمود المتدهور بشكل متزايد، ممكناً إلا من خلال نشر القوات الأميركية إلى أجل غير مسمى، واعتمد التقدم السريع للحركة المتمردة في جميع أنحاء البلاد، خلال الشهر الماضي، على القادة المحليين لتسهيل الاستسلام، وأدى ضعف القيادة في كابول ونقص الإمداد بالجنود الأفغان إلى تآكل الروح المعنوية وتسريع عمليات الاستسلام، وبالغت واشنطن في تقدير شرعية الحكومة الأفغانية المركزية، لكن الأهم من ذلك أنها بالغت في تقدير استعداد الأفغان للقتال من أجل هذا النظام، حتى لو فضّلوا ذلك على عودة إمارة «طالبان»، والكثير من التعليقات، على مدار الأيام القليلة الماضية، تشير إلى ما حققته «طالبان» وتتساءل بسذاجة: «لماذا لم تنجح الولايات المتحدة في المهمة؟».

علمت المنطقة والوسطاء المحليون أن الولايات المتحدة ستغادر ذات يوم، وكانوا يعرفون أيضاً أن «طالبان» موجودة لتبقى، وكانت أميركا تخطط للانسحاب من أفغانستان، أو تنفيذ شكل محدود منه لما يقرب من عقد من الزمان. وكان انسحاب بايدن في الوقت المناسب هو القرار الصحيح، ولم نكن بحاجة إلى تمثيلية مطولة أخرى، لكن تنفيذ الرئيس للانسحاب، عكس رغبة في مسح أيدي أميركا من الارتباط المستقبلي مع أفغانستان، وقد عرّضت المترجمين والمدافعين عن حقوق المرأة، وغيرهم من الأفغان، للخطر من دون داعٍ، بدلاً من إجلائهم بطريقة منظمة، كما أنها بذلت محاولات قليلة لاستكشاف الشكل الذي قد تبدو عليه الالتزامات المستقبلية.

ويمثل اليوم نقطة انعطاف مهمة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة: هل سنظل منخرطين في المنطقة بعد مغادرة القوات الأميركية أم أننا سننسحب تماماً؟ والخيار الثاني لن ينهي الحروب إلى الأبد، لكنه ببساطة يوقفها مؤقتاً، وإيجاد طريقة للتعامل مع الأجزاء المضطربة من العالم، بطريقة لا تعتمد على سياسة خارجية عسكرية، هو السبيل الوحيد لإنهاء التدخلات العسكرية المكلفة.

• بمجرد أن غزت أميركا أفغانستان، وقلبت ديناميكيات القوة الداخلية والإقليمية، أصبحت كلفة الانسحاب عقوبة مع وقف التنفيذ.

• قرار بايدن بالانسحاب من أفغانستان هو القرار الصحيح، لكن تنفيذه يشير إلى أن واشنطن ربما لم تتعلم الدروس الصحيحة من السنوات الـ20 الماضية.

آدم وينشتاين - محلل وكاتب سياسي

تويتر