قال إن الحاجة ملحة إلى أخذ اللقاح ضد فيروس «كورونا» في كل مكان

توني بلير يقترح خطة تلقيح لجميـــــع سكان العالم

صورة

تبدو الحاجة ملحة إلى أخذ اللقاح ضد فيروس «كورونا» في كل أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن أجزاء كبيرة من سكان العالم أخذت اللقاح أو لم تأخذه، إلا أن ثمة احتمالاً مؤكداً بأننا سنشهد ظهور سلالات أكثر فتكاً من فيروس «كورونا»، ويمكن أن يؤدي ظهور تحورات جديدة للفيروس، أكثر سرعة في الانتشار وأشد مقاومة للقاح، إلى إعادة مواجهة العالم لهذه الجائحة إلى المربع الأول، وعلى الرغم من أن عملية تلقيح سكان العالم في عام 2021 تبدو طموحة، إلا أن من الممكن إنجازها، ونشر تحالف الأمن الصحي العالمي خطة، في شهر مايو، بالمشاركة مع مركز ويلسون البحثي، تؤكد أنه يمكن تحقيق ذلك.

لكن تأمين إمدادات التلقيح للدول التي تحتاج إليها يشكّل نصف المشكلة، ومن دون وجود القدرات الصحيحة للاستيعاب (أي البنية التحتية لوصول اللقاح إلى أذرع الناس)، فإن هذه اللقاحات ستفسد وتضيع.

وتشير النماذج، التي تم تنفيذها من قبل تحالف الأمن الصحي العالمي، إلى أن قدرة الاستيعاب في مختلف الدول الأكثر حاجة إلى اللقاحات، يجب أن تزيد من خمسة إلى ستة ملايين يومياً في الوقت الحاضر، إلى 14 مليون يومياً بحلول مارس 2022، إذا كانت هذه الدول تريد تلقيح سكانها بصورة استراتيجية، وستكون هناك حاجة إلى تمويل ما بين ستة و8.5 مليارات دولار إضافية، ولا يتعلق الأمر بالاستثمار الاستراتيجي، وإنما سيساعد على تحقيق الإنصاف في الحصول على اللقاح بصورة عالمية، ومن دون التحرك السريع لمواجهة هذا التحدي، سيطول الجدول الزمني اللازم من أجل تلقيح سكان العالم، الأمر الذي سينجم عنه فساد الكثير من جرعات التلقيح.

ويمكن إيجاز التغيرات السياسية المطلوبة في أربعة عناصر، هي: الاستعداد، والتوظيف، والتنظيم، والتواصل الاستراتيجي.

الاستعداد المادي

أولاً كي تكون الدول قادرة على استيعاب التلقيح بصورة كاملة، علينا أن نضمن توفير الاستعداد المادي اللازم لتقديم اللقاحات للناس، إضافة إلى البنية التحتية اللازمة لنقل جرعات اللقاح إلى هذه المناطق، ويقدم تقرير تحالف الأمن الصحي العالمي، المنشور هذا الأسبوع، مزيداً من التفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك، بما فيها التعلم من أفضل الممارسات التي تمت في الدول الأخرى.

ثانياً أن المواقع المتعددة لتقديم اللقاحات للأشخاص تتطلب وجود موظفين، وهذا التوظيف يجب أن يشمل ما هو أكثر من الموظفين الذين يعطون اللقاح للناس، ليضمن وجود موظفين مسؤولين عن إعداد وإدارة مواقع التلقيح نفسها، وتسجيل ومساعدة من يأخذون اللقاح، وجمع المعلومات عنهم، وإجراء التوعية المجتمعية، ويتطلب تأمين كل هذه الحاجيات إعادة عاملين متقاعدين من المجال الطبي إلى العمل من جديد، وتسريع نشر المتدربين في المجال الطبي وإجراء تدريبات سريعة ودقيقة للمتطوعين.

ثالثاً أن تنظيم جميع المعلومات المتعلقة بالتلقيح ستؤمّن معلومات مهمة جداً، إذ إنها ستسمح للحكومات بالتركيز بصورة دقيقة على توزيع جرعات اللقاحات ومراقبة التقدم في العملية، وإضافة إلى ذلك فإنها ستقدم سجلاً واضحاً لتواريخ التلقيح، أي متى يجب أخذ الجرعة الثانية.

وشكّلت رواندا ريادة واضحة في هذا المجال، حيث تم جمع المعلومات بعناية، واستخدامها لتنفيذ الخطط بنجاح. وثمة دول إفريقية أخرى، بما فيها السنغال، تقوم بتسريع استخدام آلات رقمية للمراقبة والتخطيط لحملات التلقيح المستمرة، إضافة إلى ضمان وجود وثائق سهلة الاستخدام وتتسم بالثقة، تثبت حصول الشخص على التلقيح.

رابعاً على الرغم من أهمية عناصر البنية التحتية هذه، إلا أنها ستكون عديمة الفائدة إذا كان الناس غير مستعدين لتلقي اللقاح، وهنا يلعب التواصل الاستراتيجي والمشاركة الاجتماعية دورهما الحاسم، وتكون الحملات الوطنية، التي تتم إدارتها بصورة مركزية، أساسية، وستنشر معلومات واضحة وسهلة المنال حول فاعلية اللقاح، ورسائل منسجمة مع أهمية اللقاحات ودورها في مكافحة فيروس «كورونا».

وستكون هناك حاجة إلى الكثير من العمل، لكن كيف سيتم التنسيق في ما بينها؟ وأعتقد أن «مجموعة الـ20» الغنية يجب أن تلتزم بتقديم ستة مليارات دولار لتمويل قدرة استيعاب النظام الصحي، وتفويض منظمات صحية عالمية أساسية متعددة الأطراف لتنسيق تمويل الحاجات والصرف وجعلها مركزية.

وسيكون ذلك بمثابة تحدٍّ كبير لـ«مجموعة الـ20»، لكن تأمين ذلك سيكون مهماً للغاية، وعلى الرغم أننا نقوم في العالم الغربي بإعادة فتح مجتمعاتنا واقتصاداتنا استناداً إلى حملة تلقيح ناجحة، إلا أن هذه الجهود المبذولة من أجل العيش إلى جانب فيروس «كورونا» ستفشل، إذا لم تقابلها عمليات مماثلة في بقية دول العالم.

وفي حقيقة الأمر لن تكون هناك أي دولة في العالم آمنة من فيروس «كورونا»، إلا إذا كانت جميع دول العالم في أمان كامل، وتجري الجهود على قدم وساق من أجل تأمين اللقاحات لكل دول العالم، لكن من دون التحرك من أجل تحسين قدرات استيعاب التلقيح، فإننا نخاطر بأن تذهب كل هذه الجهود سدى.

• كي تكون الدول قادرة على استيعاب التلقيح بصورة كاملة، علينا أن نضمن توفير الاستعداد المادي اللازم لتقديم اللقاحات للناس، إضافة إلى البنية التحتية اللازمة لنقل جرعات اللقاح إلى هذه المناطق.

• ثمة دول إفريقية، بما فيها رواندا والسنغال، تقوم بتسريع استخدام آلات رقمية للمراقبة والتخطيط لحملات التلقيح المستمرة.

توني بلير ■ رئيس وزراء بريطانيا السابق

تويتر