تعيش مع طفليها بالمنفى في ليتوانيا

سفيتلانا تيخانوفسكايا.. أم شابة أصبحت وجهاً للحركة الديمقراطية في بيلاروسيا

صورة

حتى العام الماضي، كانت سفيتلانا تيخانوفسكايا ربة منزل لديها طفلان صغيران، أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن كل ذلك تغير عندما زجت السلطات بزوجها المرشح الرئاسي البارز في المعارضة بالسجن، وفي غضون أسابيع، أصبحت وجهاً للحركة المؤيدة للديمقراطية في بيلاروسيا، حيث بدأت تخوض معركته للقضاء على ما يسمى «آخر ديكتاتورية في أوروبا».

قد يبدو ذلك جهداً خيالياً، ما دفع البعض إلى وصفها بـ«جان دارك» بيلاروسيا، لكن تيخانوفسكايا (38 عاماً) التي تعيش مع طفليها بالمنفى في ليتوانيا، تتمتع بالشجاعة الكافية. وبعد كل شيء، حصلت معلمة اللغة الإنجليزية السابقة على أكثر مما كانت تحلم به، في مايو 2020، عندما تم القبض على زوجها، سيرغي تسيخانوسكي - مدون الفيديو والناقد الصريح للرئيس البيلاروسي القوي ألكسندر لوكاشينكو - إلى جانب مرشحين آخرين من المعارضة، ما زاد من أسهمها السياسية.

ترشحت تيخانوفسكايا لمنصب الرئيس بدلاً من زوجها، وشنت حملة شرسة على السلطة الحالية، وأصبحت وعاءً لآمال البيلاروسيين الذين يتمنون الخلاص من حكم لوكاشينكو القمعي، الذي استمر 27 عاماً حتى الآن، ويزعم أنه فاز بنسبة 80% من الأصوات في أغسطس الماضي، ما أثار احتجاجات وإضرابات واعتقالات جماعية غير مسبوقة في هذه الجمهورية السوفييتية السابقة، لكن بعض أهل بيلاروسيا مازالوا يعتبرون تيخانوفسكايا «الرئيسة المنتخبة».

فمَن هذه الشابة التي أمضت الأسبوع الماضي في واشنطن وهي تجتمع مع كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وأعضاء الكونغرس، والدبلوماسيين الأوروبيين، وأعضاء الشتات البيلاروسي؟ وكيف حشدت الصمود لترتدي عباءة المقاومة في بلد يبلغ عدد سكانه 9.5 ملايين نسمة؟

تفاصيل الخطة

في مقابلة لها مع صحيفة «مونيتور»، يوم الأربعاء الماضي، في فندق ويلارد، بالقرب من البيت الأبيض، تحدثت تيخانوفسكايا عن كيف تعلمت أن تكف عن وصف نفسها بأنها «امرأة ضعيفة»، أو ما توصف به وقتها في إيرلندا كـ«طفلة تشيرنوبيل»، وآرائها حول الديمقراطية، وخططها للمستقبل.

وكما تقول، لم تكن خطتها أن تخدم أكثر من فترة قصيرة كرئيسة، وما زالت خطتها كذلك، إذا كان نظام لوكاشينكو سينهار بطريقة ما، وتصف نفسها بأنها شخصية انتقالية، ولو تم إعلان فوزها، في أغسطس الماضي، لكانت أطلقت سراح السجناء السياسيين في البلاد، وأجرت انتخابات جديدة على الفور، ربما يفسر ذلك إجابتها عن سؤال عن قدوتها القيادية النسائية.

تقول تيخانوفسكايا: «أودّ تسمية نساء قويات، مثل مارغريت تاتشر، لكنني أعتقد أن قدوتي هي الأميرة ديانا، لقد كانت امرأة حازمة، وكان الناس هم قيمتها الأكبر»، وتسترسل: «كان من المهم جداً بالنسبة لها أن تتواصل مع الناس العاديين لإظهار اللطف، قلبي يبكي على كل شخص خلف القضبان، من الصعب جداً العمل، كما تعلم، مع الحفاظ على هذا الشعور بالداخل، لكني لا أستطيع أن أفعل غير ذلك».

تعاطف

وعبّرت تيخانوفسكايا عن تعاطفها ذلك، يوم الأحد الماضي، في تجمعٍ للأميركيين البيلاروسيين، مؤيدٍ للديمقراطية بساحة الحرية في واشنطن، حيث التقطت صوراً مع الأطفال، بمن فيهم طفلة صغيرة على كرسي متحرك.

وتظهر أيضاً تصميماً فولاذياً أخذها إلى عواصم أوروبا، والآن إلى واشنطن، للضغط من أجل فرض عقوبات اقتصادية أكثر صرامة على النظام البيلاروسي، والتقت هذا الأسبوع بوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، وشاركت في إطلاق تجمع أصدقاء بيلاروسيا في الكونغرس من الحزبين، ثم التقت الرئيس جو بايدن.

وكانت رحلتها إلى واشنطن، كما تقول، ناجحة منذ البداية، «أنا هنا نيابة عن الشعب البيلاروسي، ولم يتم قبولنا مطلقاً في الولايات المتحدة على هذا المستوى من قبل، لقد أعطت الزيارة إشارة قوية إلى الشعب البيلاروسي والبلدان الأخرى بأن الولايات المتحدة معنا».

وسألتها الصحيفة عن صحة ما قالته لها السلطات البيلاروسية من أن تختار بين طفليها أو السجن؟ وردت بأن ذلك حدث لها مرتين، أولاً خلال الحملة الانتخابية، وتقول: «تلقيت مكالمة هاتفية، وأخبرني المتحدث بأنه إذا لم أتوقف عن فعل ذلك، فسيتم سجني، وسيتم وضع طفلَي في دار للأيتام»، وتعتقد أن تلك اللحظة كانت مرهقة للغاية، وقد ترددت كثيراً، وتسترسل: «لكنني لم أستطع خيانة الأشخاص الذين آمنوا بي، والذين آمنوا بزوجي، وآمنوا بالتغييرات في بلدنا، لهذا قررت إرسال طفلَي إلى ليتوانيا ومواصلة حملتي، لكن بعد الانتخابات ذهبت في اليوم التالي إلى مفوضية الانتخابات، لأقدم الوثيقة التي تنص على أننا لا نتفق مع الانتخابات المزورة، وهناك منحني كبار الشخصيات والعسكريون خياراً: اذهبي إلى ليتوانيا لأطفالك أو ستظلين في السجن لسنوات وسيعيش طفلاك من دونك»، وتقول: «في تلك اللحظة، تحركت داخلي الأمومة واخترت الانضمام لطفلَي».

نشأت تيخانوفسكايا في عائلة لم تكن مهتمة بالسياسة، وظلت على يقين بأنه لا يمكن تغيير أي شيء ما لم تتح لها الفرصة للتواصل مع الآخرين، وزارت إيرلندا مرات عدة بصفتها «طفلة من تشيرنوبيل»، وأتيحت لها الفرصة لتشاهد دولاً تعيش بشكل أفضل، حيث الناس سعداء وأحرار، ولهم الحق في قول ما يريدون.

منحني كبار الشخصيات والعسكريون خياراً: اذهبي إلى ليتوانيا لأطفالك أو ستظلين في السجن لسنوات وسيعيش أطفالك من دونك.

تصف تيخانوفسكايا نفسها بأنها شخصية انتقالية، ولو تم إعلان فوزها، في أغسطس الماضي، لكانت أطلقت سراح السجناء السياسيين في البلاد وأجرت انتخابات جديدة على الفور.

تويتر