لابد من مشاركة المجتمع المدني

صعوبات كبيرة تعطل إيجاد علاج ناجع للعنف في الصومال

صورة

كشف رئيس الحكومة الصومالية، محمد حسين روبل، النقاب عن جدول زمني من أجل الانتخابات البرلمانية والرئاسية غير المباشرة، ويتضمن الجدول انتخابات من أجل الغرفة العليا في البرلمان في 25 يوليو، والسفلى في ما بين 10 أغسطس و10 سبتمبر، وبعد ذلك تنعقد الغرفتان للتصويت من أجل انتخابات الرئاسة في 10 أكتوبر.

وتأتي هذه الانتخابات المؤجلة في وقت يتسم بالتوتر، ويمكن أن يتحول إلى أعمال عنف على نطاق واسع، إذا لم يتم القيام بمعالجة الأسباب الأساسية لهذا العنف، ومنذ تشكيل الحركة الوطنية الصومالية في ثمانينات القرن الماضي، أصبح العنف في الصومال هو المعيار السائد، وسواء كان هذا العنف نتيجة هجمات من قبل «تنظيم الشباب»، أو مقتل مدنيين نتيجة ضربات تقوم بها طائرات أميركية مسيّرة، أو قيام الحكومة بإطلاق النار على المتظاهرين، أو فشل قوات المهمة الإفريقية بالصومال في حماية المدنيين، فإنه أصبح حقيقة يومية بالنسبة للصوماليين.

وضع مضطرب

وترجع أسباب الوضع المضطرب في الصومال إلى أكثر من مجرد أزمة دستورية، إذ إن هذا الصراع المسلح الذي بدأ منذ نحو ثلاثة عقود أصبح أكثر الأزمات الأمنية متعددة الاتجاهات تعقيداً في العالم، ولابد من مشاركة المجتمع المدني واللاعبين من أجل صنع السلام للعمل مع لاعبين أمنيين لتجسير الهوة بين الدولة والمجتمع، ويجب تنفيذ ذلك إلى جانب خطوات مفيدة تقوم بها الحكومة وقادة العشائر، للمساعدة على إنهاء هذه الأزمة المستعصية.

ولطالما قدم المجتمع الدولي المساعدات وحاول تسهيل مفاوضات السلام، ونتيجة وقوع الصومال في القرن الإفريقي أصبحت هذه الدولة تتمتع بأهمية جيواستراتيجية للاعبين الدوليين، فالدول ذات المصالح المتنافسة تقدم الدعم لأن السلام والاستقرار في الصومال سيحملان فرصاً أكبر من أجل النمو الاقتصادي في المنطقة والعالم.

وانخرطت الولايات المتحدة في الصومال منذ عام 2007، لكن معظم جهودها كانت منصبّة على مكافحة الإرهاب ضد «تنظيم الشباب»، وفي بداية العام الجاري أنهت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الدولة، لكن ضرباتها الجوية استمرت بوتيرة مرعبة، حتى أمر الرئيس الأميركي، جو بايدن، بوقف جميع الغارات الجوية هذا العام. ووفق القيادة الأميركية في إفريقيا، فقد نفذت الولايات المتحدة 52 غارة جوية عام 2020، و63 في عام 2019، و475 في عام 2018 و35 في عام 2017، وأدت هذه الغارات إلى مقتل العديد من المدنيين.

تنافس على السلطة والموارد

ويعد التنافس على السلطة والموارد السبب الرئيس على الصراع بين الميليشيات، ولاتزال معظم العمليات التي تقوم بها الحكومة للشعب الصومالي تتم عن طريق قادة القبائل، وإضافة إلى ذلك يفتقر وزراء الحكومة إلى التجربة في الحكم، وغالباً ما يتم انتخابهم على أساس قبلي، الأمر الذي يؤدي إلى تعميق عدم المساواة بين المجموعات الاجتماعية المختلفة، ولمعالجة الأزمة يجب مشاركة المجتمع المدني ولاعبي صنع السلام من أجل تحقيق المصالحة حول الانقسامات السابقة، وبناء المؤسسات التقليدية التي تعمل على إدارة الصراع.

وعلى الرغم من تجاهل النساء والشباب، إلا أنهم يشكلون أغلب الشعب الصومالي، وهم يعرفون مدى حاجاتهم إلى السلام، لكنهم عادة لا يستطيعون الوصول إلى المؤسسات الاجتماعية المتوافرة للرجال فقط، وتعمل المنظمات الصومالية على تمكين النساء والشباب للمشاركة في العملية السياسية.

وخلال جائحة «كورونا» ركزت المنظمات المحلية على المجتمعات النازحة داخلياً، لتقليل انتشار المعلومات المضللة، ودعم الذين تأثروا بالعنف والجفاف، وقام المجتمع المدني المحلي والمنظمات الداعمة للسلام بإطلاق مبادرات تسهم في صنع السلام والاستقرار بالدولة.

تجاهل المجتمع المدني المحلي

وتم تجاهل المجتمع المدني المحلي، على الرغم من وجود العديد من المنظمات الصومالية المحلية العاملة لمعالجة دوامات العنف في الدولة، ويتعين على المجتمع الدولي والمؤسسات الخاصة الاستثمار في المنظمات المحلية، إذ إن فهمهم للقضايا المحلية والعلاقات مع أصحاب المصلحة العليا، يعد أمراً ضرورياً لمعالجة العنف وخفضه في الصومال، ومن المهم جداً دعم مبادرات السلام المحلية، وجهود إنشاء سلطة الدولة ولم شملها والمجتمع معاً. وبالنظر إلى وجود الشباب والميليشيات المدنية، فإن النهج العسكري هو رد فعل له شروط معينة في الصومال، لكنّ عقوداً من العنف أثبتت أن هذا النهج فاشل، إذ ثمة حاجة إلى نهج مختلف لوقف دوامات العنف، وإيجاد طريق للاستقرار.

• نتيجة وقوع الصومال في القرن الإفريقي، أصبحت هذه الدولة تتمتع بأهمية جيواستراتيجية للاعبين الدوليين، الذين ما انفكوا يقدمون لها الدعم اللازم للنمو.

إبراهيم محمد -  مدير منظمة محلية في الصومال

وفاهي ميركيان -  نائب مدير منظمة «يو إس بوليسي» الدولية لإدارة السلام

تويتر