بعد أن ظل صراعها خفياً لفترة من الوقت

إسرائيل تلعب على المكشوف في تعاملها العدائي مع طهران

صورة

أثار انفجار غامض، تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن منشأة تخصيب اليورانيوم في إيران، قبل أيام، تكهنات من قبل حكومة طهران، بأن خصمها القديم إسرائيل هو المسؤول عن ذلك. وعادة ما تلتزم إسرائيل الصمت بعد أي هجوم غير مبرر، سواء كان ذلك اغتيال عالم نووي إيراني بارز في نوفمبر، أو هجمات إلكترونية تهدف إلى إبطاء قدرة إيران على التخصيب، أو الهجمات على السفن المرتبطة بإيران، التي تسافر في المياه الدولية.

لكن هذه المرة، وفقاً للتسريبات الرسمية لوسائل الإعلام المحلية والصحافة الأميركية، أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن هجوم نفذته أخيراً. ويهدف تصريحها العلني بوجود صراع إلى تعقيد المحادثات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتي منحت حياة جديدة لإيران من قبل إدارة جو بايدن، وفقاً لمسؤولين ومحللين إسرائيليين وأوروبيين وأميركيين، تحدثوا إلى الـ«فايننشال تايمز».

تصعيب المفاوضات

وقال العقيد باحتياطي الجيش الإسرائيلي والضابط السابق في الاستخبارات، إلداد شافيت: «تريد إسرائيل أن تجعل الموقف (بشأن المحادثات النووية) أكثر صعوبة بالنسبة للإدارة الأميركية، وأن ترسل رسالة إلى الإيرانيين مفادها أننا أقوى، وأننا لسنا بحاجة للاختباء عندما نفعل شيئاً».

وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فإن التصعيد هو جزء من رفض دام عقداً من الزمان للفكرة التي تقول إن طموحات إيران يمكن ترويضها عن طريق الدبلوماسية.

رمز عدائي قوي

ويعتبر موقفه، كما يقول أشخاص مطلعون على تفكيره، ملائماً سياسياً، إذ إن إيران رمز عدائي قوي في السياسة الإسرائيلية، وإسرائيل مدفوعة بخوف عميق من التهديد الوجودي الذي تشكله طهران. وبحسب تقديره، فإن برنامج الأسلحة النووية السري الإسرائيلي غير المعلن - الذي نشط منذ السبعينات ويعمل منذ الثمانينات - ليس رادعاً كافياً.

وضحى نتنياهو بعلاقته مع الرئيس السابق باراك أوباما، من خلال التودد بقوة إلى الجمهوريين المعارضين للاتفاق النووي الموقع مع القوى العالمية في عام 2015. وبينما شعر نتنياهو بارتياح عندما مزق الرئيس السابق، دونالد ترامب، الصفقة في عام 2018، وفرض عقوبات ساحقة على إيران، يخشى الزعيم الإسرائيلي الآن من عودة التقارب بين الإدارة الأميركية وطهران، كما كان عليه الحال في عهد أوباما.

وسمح نتنياهو في السنوات القليلة الماضية بمئات الضربات الجوية على أهداف مرتبطة بإيران في سورية، وفي الآونة الأخيرة كثّف عملياته السرية. ووصف تقييم من مجتمع الاستخبارات الأميركية هذا الأسبوع نوعاً من نمط «العنف المتكرر بين إسرائيل وإيران».

ويقول في هذا الصدد المبعوث السابق لإداره ترامب بشأن إيران، إليوت أبرامز «إذا فسرت جميع التصرفات التي تفعلها إسرائيل، فإن ذلك يدل على أن إسرائيل تقول إن عودة إيران للاتفاق النووي السابق لن توقفنا، فنحن لا نؤمن به، وسيتعين علينا الذهاب إلى أبعد من ذلك». وأضاف أن إسرائيل تعتقد أنه من دون «قيود إضافية على البرنامج النووي الإيراني، أو على الدعم الإيراني للجماعات الإرهابية، سيتعين علينا أن نتحرك دفاعاً عن أنفسنا».

الاتفاق لا يقيّد حركة طهران

لطالما أصرت إسرائيل على أن الاتفاق النووي الإيراني ليس واسع النطاق بما يكفي، لأنه لا يشمل قيوداً على سعي إيران لامتلاك صواريخ باليستية، ولجم طموحاتها الإقليمية، بما في ذلك دعم الجماعات الشيعية في العراق ولبنان وسورية. وزعم نتنياهو أيضاً أن إيران ظلت تسعى دائماً للتراجع عن الصفقة.

وقالت المسؤولة السابقة في «الموساد»، ورئيسة برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي، سيما شاين: «لقد خاضت إسرائيل حرباً طويلة الأمد مع إيران، ظلت حرباً سرية في معظمها، والآن، هناك مصلحة في إسرائيل لردع إيران، ولجعلها تعتقد أنه يمكننا اختراق أي موقع إيراني، في كل مرة يعرّضون فيها أمننا القومي للخطر».

وردت إيران على انقطاع التيار الكهربائي، برفع تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وهو أعلى مستوى لها على الإطلاق. ويتم تخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة بنسبة 90%.

أيدينا ممتلئة

وقال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مخاطباً إسرائيل «هذه ردود أفعالنا على شرورك»، ويقول إنه حتى مع استئناف المحادثات النووية مع القوى العالمية في فيينا «فإنكم أردتم أن تجعلوا أيدينا فارغة أثناء المحادثات، لكن أصبحت أيدينا ممتلئة».

ويتفق المسؤولون الإيرانيون سراً على أن نية نتنياهو هي إخراج المحادثات عن مسارها، بينما تؤدي الإجراءات السرية إلى تأخير البرنامج النووي. وقال متشدد إيراني «لدى إسرائيل سجل في تدمير البرامج النووية العراقية والسورية، ولديها مهمة محددة لفعل الشيء نفسه مع إيران، ولكن ليس من خلال القصف، بل بالتخريب». وإن نتنياهو يبعث برسالة للأميركيين بأنهم ليسوا بحاجة لاحتواء إيران من خلال المحادثات، وبالتالي لا داعي لرفع العقوبات.

وقال مسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي إن واشنطن وطهران لديهما «هدف مشترك»، يتمثل في العودة إلى الاتفاق النووي. وأضاف المصدر أن محادثات فيينا كانت أفضل وسيلة للحد من طموحات إيران النووية، و«معالجة النطاق الكامل للمخاوف التي لدينا بشأن أنشطة إيران في المنطقة وخارجها».

المحلل العسكري السابق للحكومة الأميركية، جادل مايك آيزنشتات، الذي يعمل الآن مع معهد واشنطن للأبحاث، يقول إن الإجراءات الإسرائيلية السرية يمكن أن تعطي فريق بايدن ميزة. وقال: «إنه يخلق مسافة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويدعم المفاوضات».

حلقة مفرغة

وأعرب دبلوماسيون أوروبيون عن استيائهم من الصراع المتبادل، وقدرته على الإضرار بمحادثات فيينا. ووصف أحدهم الأعمال العدائية المتبادلة بين إسرائيل وإيران بأنها «حلقة مفرغة». وقال إن الانتقام الإيراني من خلال الانتقال إلى التخصيب بنسبة 60% «يمكن أن يعقد الأمور بشكل خطر» في العاصمة النمساوية. وقال مسؤول أوروبي آخر إن هناك «جهة فاعلة واحدة غير مهتمة بالمحادثات»، وكانت تحاول «تقويض الجهود الدبلوماسية»، في إشارة واضحة إلى إسرائيل.

لكن المسؤول أعرب أيضاً عن أمله في أن تسعى الأطراف الأخرى لعودة الاتفاق النووي إلى مساره، بمن في ذلك المتشددون الإيرانيون، الذين يحتاجون إلى رفع العقوبات لتحقيق فوائد اقتصادية، وتخفيف الضغوط السياسية المحلية.

• بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فإن التصعيد هو جزء من رفض دام عقداً من الزمان للفكرة التي تقول إن طموحات إيران يمكن ترويضها عن طريق الدبلوماسية.

• لطالما أصرت إسرائيل على أن الاتفاق النووي الإيراني ليس واسع النطاق بما يكفي، لأنه لا يشمل قيوداً على سعي إيران لامتلاك صواريخ باليستية، ولجم طموحاتها الإقليمية، بما في ذلك دعم الجماعات الشيعية في العراق ولبنان وسورية.

تويتر